كويت تايمز: لعب الإعلام الكويتي دورا كبيرا إبان الغزو الغاشم، فكان صوت الحقيقة الذي فضح قوات الاحتلال وكشف ممارساته وساهم في دعم صمود المواطنين على مدى سبعة أشهر حتى نيل الحرية وتحرير البلاد في 26 فبراير 1991.
ومنذ اللحظات الأولى للغزو في 2 أغسطس 1990 جعلت قوات الاحتلال العراقي من الإعلام الكويتي وخاصة إذاعة وتلفزيون الكويت ووكالة الأنباء الكويتية (كونا) هدفا رئيسيا لها في محاولة منها لطمس حقيقة ما يجري آنذاك فبعد بث الخبر الأول عن دخول قوات الغزو أرض الكويت سارع الاحتلال إلى قصف مبنى وزارة الإعلام وخاصة المرسلات الاذاعية التي تربط البث مع محطات الإرسال في جزيرة فيلكا.
إلا أن الارادة الكويتية كانت قوية وصامدة فبعد مرور وقت قليل على وقف البث الرسمي من مبنى الإذاعة والتلفزيون سارع الإعلاميون إلى نقل البث الإذاعي لمعسكر «الجي وان» ومنه انطلقت عبارة «هنا الكويت» مرة اخرى.
ومع بدء قوات الغزو اقتحام مبنى «الجي وان» الذي احتضن البث الإذاعي شرع الفنيون الكويتيون في تجهيز مكان بديل فبدأوا التجمع في استديو الدسمة حيث أمضوا ساعات من العمل المضني إلى أن نجحوا مرة اخرى في إعادة البث إذاعيا وربطه بالموجة التلفزيونية.
وفي تلك اللحظات استمع الكويتيون للمذيعين يوسف مصطفى وسلوى حسين يذيعان أهم الأخبار وكان أبرزها وصول أمير البلاد الراحل المغفور له باذن الله الشيخ جابر الأحمد (والامير الوالد) ولي العهد حينها المغفور له الشيخ سعد العبدالله إلى الأراضي السعودية كما تم بث تسجيل هاتفي للشيخ سعد يحث أهل الكويت على الصمود.
واستمر استديو الدسمة بالعمل لمدة يومين الى أن كشف المحتل محطة الإرسال التي كان الاعلاميون الكويتيون يستخدمونها للبث في جزيرة فيلكا.
ولم تقف عزيمة الاعلاميين الكويتيين عند ذلك الحد بل قرروا الاستمرار في بث صوت بلدهم الذي فاجأته تلك المحنة فانطلق فريق منهم إلى منطقة الخفجي في المملكة العربية السعودية حيث أطلقوا صوت الإذاعة الكويتية لتخاطب الكويتيين الصامدين في الداخل فترفع من معنوياتهم وتقوي عزائمهم ثم جرى تجهيز الاذاعة السعودية القديمة في الدمام لتكون مقرا لإذاعة دولة الكويت بدلا من الخفجي.
وبالإضافة إلى محطة الاذاعة تم بث رسالة يومية من السعودية باسم تلفزيون الكويت موجهة إلى الشعب الكويتي الصامد في الداخل والمرابط في دول مجلس التعاون الخليجي.
وكانت الرسالة اليومية تسجل في استديوهات التلفزيون السعودي بالرياض ثم ترسل عبر الأقمار الصناعية الى دول الخليج ليتم بثها بعد نشرات الأخبار التلفزيونية الرئيسية مباشرة حسب الاتفاق الذي تم بين وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي تلك الفترة تم تأسيس المركز الإعلامي الكويتي في القاهرة بقرار من وزير الاعلام في ذلك الحين سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء وتولى المركز إنتاج العديد من المطبوعات والوثائق والبرامج التي أثرت نشاط الإذاعة الكويتية في الدمام.
ولم تكن وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمنأى عن ممارسات قوات الاحتلال الذي سارع إلى السيطرة على مبنى الوكالة واعتقال المتواجدين فيه اضافة إلى إفراغ الوكالة من جميع محتوياتها قبل تدميرها.
إلا أن جميع تلك الممارسات التي طالت (كونا) لم تمنعها من مواصلة العمل من خلال مكتبها في لندن لبث الاخبار وتم إعلام الوكالات العربية والعالمية بان العاصمة البريطانية اصبحت المقر الرئيس لوكالة الأنباء الكويتية.
وما ان استأنفت (كونا) عملها بدأت في إعادة بناء جهاز فني وبشري قادر على القيام بالعمل الاخباري في وقت فقدت فيه الكويت وسائطها الإعلامية وبدأت بتزويد مشتركي الوكالة بالأخبار عن طريق الفاكس وإعادة نسج شبكة المكاتب الخارجية وتوفير كوادر إدارية وفنية ومهنية للوكالة خارج الكويت وكان التعميم الأول الذي صدر عن إدارة الوكالة إلى جميع مكاتبها ومراسليها في الخارج هو الاستمرار في العمل وتكثيف الجهود والطاقات في هذه المرحلة لخدمة قضية الوطن.
وأدت جميع الجهود المشتركة للاعلام الكويتي على اختلاف وسائله دورها في إيصال الصوت الكويتي داخل البلاد وخارجها وفضح ممارسات الغزو وحث المواطنين على الصمود والمقاومة إلى أن أشرقت شمس الحرية من جديد.