تحتفل دولة قطر في 18 ديسمبر من كل عام بذكرى اليوم الوطني… ذكرى تولي مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مقاليد الحكم في البلاد… وهي مناسبة تعكس تماسك أهل قطر وتلاحمهم، وتتجلّى فيها معاني الفخر بالوطن والوفاء للأجداد والآباء ولتضحياتهم الخالدة، والاعتزاز بالقيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى (حفظه الله).
ويسرني، بهذه المناسبة السعيدة، أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، قائد مسيرة الإنجازات والتنمية والمستقبل الزاهر، وإلى الحكومة الرشيدة وللشعب القطري الكريم.
وتحتفل دولة قطر هذا العام بهذه المناسبة الوطنية تحت شعار«وحدتنا مصدر قوتنا»، وهو مستمدٌ من خطاب حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، وهو تأكيد على نهج الشعب القطري القائم على التكاتف والتلاحم والتعاضد لمواجهة التحديات وتحقيق الغايات.
إن الإنجازات الكبرى التي حققتها دولة قطر في المجالات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والرياضية والصحية والتعليمية وغيرها تعكس التكاتف والتلاحم بين القيادة الرشيدة والشعب الوفي، وترسم صورة زاهية لمستقبل دولة قطر.
وتتضمن فعاليات الاحتفال في العام الجاري 4500 نشاط ثقافي وتراثي على مدى 24 يوماً، بدأت مع انطلاق فعاليات «درب الساعي» خلال الفترة من 25 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر، بما يعزّز الولاء والتكاتف والوحدة والاعتزاز بالهوية الوطنية.
لقد ظلت دولة قطر تواصل العمل الدؤوب على تعزيز مكانتها العالمية في كل المؤشرات الدولية وتبوأت مراكز متقدمة في التنافسية العالمية في أبرز المجالات التنموية في الكثير من التقارير الدولية.
ففي الجانب الاقتصادي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر، على الرغم من خروج العالم للتو من الآثار الاقتصادية السلبية التي خلفتها جائحة«كورونا»، والأزمة الروسية – الأوكرانية التي أصابت الاقتصاد العالمي بأضرار كبيرة، وقد نجحت دولة قطر في التعامل مع تلك الآثار السلبية والتخفيف منها.
كما ثبّتت الوكالات العالمية التصنيف القوي للاقتصاد القطري وآفاقه المستقبلية المستقرة، واحتلت دولة قطر مرتبة عالمية متقدمة في مؤشر الحرية الاقتصادية. وتبوأت قطر مركزاً عالمياً متقدماً على مستوى الأمن الغذائي العالمي نتيجة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي من خلال العديد من المشروعات الإنتاجية.
وفي مجال العدالة، شهدت دولة قطر نهضة تشريعية استكملت بموجبها قوانين أساسية تنظم مختلف جوانب الحياة والمعاملات. كما تعمل الدولة على تعزيز التشريعات المنظمة للاستثمار الأجنبي وإزالة المعوقات التي تواجهه.
وفي الشأن الصحي، ورغم أن العالم أجمع قد بدأ يتعافى من آثار أزمة الجائحة، أصبحت قطر أول دولة في العالم تحصل كل مدنها على تصنيف مدن صحية.
وفي السياسة الخارجية، فإن النهج الذي تتبعه دولة قطر على الدوام هو الالتزام بالقانون الدولي، وانتهاج الديبلوماسية الوقائية في نزع فتيل الأزمات قبل استفحالها. وقد حققت دولة قطر نتائج إيجابية في هذا الصدد، ما جعلها تلعب دوراً فاعلاً ومسؤولاً في المنطقة وعلى مستوى العالم. وإن الالتزام بهذه المبادئ جعل من دولة قطر شريكاً يعتد به في صناعة السلام ودعم الاستقرار.
كما واصلت دولة قطر تصدرها مؤشر السلام العالمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتتبوأ مكانها ضمن فئة الدول ذات المستوى العالي من السلام والأمان.
ويكتسب الاحتفال بذكرى اليوم الوطني لهذا العام أهمية خاصة، لتزامنه مع استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم، وهو حدث استثنائي فريد من نوعه في منطقتنا العربية، والحدثان يشكلان فرصة لإبراز وحدة وثقافة أهل قطر للعالم، حيث يتعرف زوار قطر خلال هذه الفترة، على الجوانب المضيئة في تاريخنا وثقافتنا، ومدى إيماننا بالتفاعل الحضاري مع سائر الثقافات، واعتزازنا بقيمنا العربية الإسلامية.
وهدفت فعاليات الاحتفال باليوم الوطني في العام الجاري، إلى تعريف العالم بالتراث القطري، الذي يجسّد حياة الأجداد في كثير من جوانبها، وهو ما يُؤكد أنَّ القطريين يرتبطون ببيئتهم ارتباطاً وثيقاً منذ القدم، لأنها تمثّل جزءاً أصيلاً في تعزيز هويتهم ووحدتهم الوطنية.
لقد أظهرت بطولة كأس العالم الهوية الحضارية لدولة قطر، بالإضافة إلى قدرتها الاقتصادية والأمنية والإدارية، وإنجازاتها الواضحة في كل المجالات. ونحن ممتنون للدعم والإشادة بنجاحنا في تنظيم هذا الحدث الإنساني العالمي الكبير، ونؤكد أن هذه التجربة الفريدة الملهمة هي ملك للإنسانية جمعاء.
لقد ظلّت دولة قطر، وعلى مدى 12 عاماً، تواصل العمل بإرادة قوية، وعزيمة صادقة، وبذلت الكثير من الجهد والعمل الجاد، لتكون بمستوى هذا التحدي الكبير الذي قطعته على نفسها، منذ فوزها بشرف استضافة هذا الحدث العالمي الكبير، حتى أصبح ذلك الحلم واقعاً ملموساً.
وقد أذهلت دولة قطر العالم في حفل افتتاح المونديال، وجعلت الهوية الشخصية لدولة قطر حاضرة بقوة، كما وضعت بصمة عربية مميزة في هذه النسخة من كأس العالم التي يتم تنظيمها لأول مرة في دولة عربية وإسلامية. وقد تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في العشرين من نوفمبر الماضي، بافتتاح بطولة كأس العالم، في حفل بهيج أثار إعجاب العالم أجمع، عندما خاطب العالم:«من قطر من بلاد العرب»، مُرحّباً بالجميع… في دوحة الجميع… في بطولة كأس العالم 2022.
وقد جمعت بطولة كأس العالم في قطر الشعوب ووحدت المشاعر، وأكدت أن بإمكان العالم أن يتوحد لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد الإنسانية جمعاء. وتؤمن دولة قطر كشريك دولي موثوق بدعم المبادرات الجماعية، والعمل متعدد الأطراف وهي سبّاقة دائماً في الاستجابة للأزمات العالمية مثل الأمن الغذائي، وأمن الطاقة وجائحة «كوفيد-19» وغيرها.
إن دولة قطر حريصة على دعم كل الجهود الهادفة، لتعزيز الانفتاح الحضاري والثقافي بين شعوب العالم، كما تولي اهتماماً كبيراً بتطوير علاقاتها مع البلدان والمنظمات الإقليمية والدولية، والمساهمة الفاعلة في تعزيز السلم والأمن الدوليين من خلال الوساطات الرامية لفض المنازعات بالطرق السلمية، ودعم مشاريع التنمية والاستقرار في الدول المختلفة.
لقد أسهمت وساطات دولة قطر في السودان ولبنان وأفغانستان وتشاد وغيرها، في رسم الطريق نحو السلام والاستقرار والتنمية، ليس في تلك الدول فحسب، بل على المستويين الإقليمي والدولي، لأن دولة قطر تؤمن إيماناً راسخاً بأن الطرق السلمية هي السبيل الأمثل لحل النزاعات وإنهاء الحروب.
وفي ذكرى اليوم الوطني، أود الإشادة بعمق ومتانة العلاقات التاريخية الأخوية الوطيدة والراسخة التي تربط دولة قطر بدولة الكويت الشقيقة، لأنها تأتي في صدارة اهتماماتنا وبتوجيهات سامية من القيادة السياسية، كما يسرني التأكيد على حرص دولة قطر، أميراً وحكومةً وشعباً، على تقوية وتعزيز هذه العلاقات المتميزة التي تقوم على روابط الإخوة والتاريخ المشترك في كل المجالات، في ظل القيادتين السياسيتين في كلا البلدين، حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى (حفظه الله)، وأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة (حفظه الله)، لما فيه خير ومصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين، متمنياً لكلا البلدين مزيداً من التقدم والتطور والازدهار.
وبهذه المناسبة، يُطيب لي أن أنتهز هذه الفرصة، لأتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لدولة الكويت الشقيقة، أميراً وحكومة وشعباً، على وقوفها مع دولة قطر في استضافتها لبطولة كأس العالم (قطر 2022) واستعدادها لوضع كل إمكاناتها لإنجاحه. وأشكر الجهات الحكومية والخاصة التي تضامنت مع دولة قطر في هذه النسخة المتميزة من المونديال.
كما أتقدم بالشكر لوسائل الإعلام، المقروءة والمرئية والمسموعة، بدولة الكويت الشقيقة على ما بذلته من جهد مقدر في التغطية المتميزة والشاملة لهذا الحدث العالمي الكبير ولكل ما يجري في بلدهم الثاني دولة قطر وعلى الدور البناء الذي تقوم به في توطيد علاقات التعاون والتعاضد بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتمتين أواصر المحبة والإخاء لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، متمنياً لها التوفيق والنجاح في القيام بهذه المهمة لما فيه خير ونماء ومصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
• سفير دولة قطر لدى الكويت