أرجأ مجلس النواب الأميركي مساء أمس الثلاثاء إلى صباح اليوم الأربعاء جلسة انتخاب رئيس له بعد ثلاث جولات اقتراع فشلت خلالها الأغلبية الجمهورية في حشد الأصوات اللازمة لانتخاب مرشّحها كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، في سابقة منذ مئة عام.
وخلال جولات الاقتراع الثلاث المتتالية فشل مكارثي، النائب عن ولاية كاليفورنيا، في إقناع مجموعة من زملائه من مؤيّدي الرئيس السابق دونالد ترامب بانتخابه خلفاً لنانسي بيلوسي، إذ إنّ هؤلاء ظلّوا على رأيهم بأنّه معتدل أكثر ممّا ينبغي.
وتعكس هذه النتيجة الخلافات في صفوف الجمهوريين الذين فازوا بالأغلبية في مجلس النواب بعد انتخابات منتصف الولاية التي أُجريت في نوفمبر.
وفي ختام جولات الاقتراع الثلاث الفاشلة اتّفق النوّاب على إرجاء الجلسة حتى صباح الأربعاء لإتاحة الوقت لإجراء مفاوضات خلف الكواليس.
وكان الجمهوريون تعهّدوا إثر فوزهم بالأغلبية في مجلس النواب باستخدام قوّتهم التشريعية هذه لإطلاق سلسلة تحقيقات في شأن إدارة الرئيس جو بايدن.
لكن قبل أن يشنّوا هذه الحرب على الرئيس الديموقراطي يتعيّن عليهم الاتّفاق على انتخاب رئيس لمجلس النواب.
218 صوتًا
ويحتاج انتخاب «رئيس مجلس النواب»، ثالث أهم شخصية في المشهد السياسي الأميركي بعد الرئيس ونائبه، أغلبية من 218 صوتاً. وهي عتبة لم يتمكن كيفن مكارثي من بلوغها خلال جولات التصويت الثلاث وبعد أن قرّر نحو عشرين نائباً من مؤيّدي ترامب عرقلة انتخابه.
وقال النائب عن ولاية فلوريدا مات غيتز «كيفن لا يؤمن بأي شيء وليس لديه ايديولوجية».
ومع ذلك، فإن ترشح مكارثي يحظى بتأييد واسع داخل حزبه، إذ قوبل الإعلان عن ترشحه الثلاثاء بتصفيق حار وقوفاً في صفوف النواب الجمهوريين. لكنّ موقع النائب عن كاليفورنيا تراجع بسبب الأداء الضعيف للجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية.
ويمكن لانتخاب رئيس لمجلس النواب أن يستغرق بضع ساعات أو أسابيع، ففي العام 1856لم ينتخب النواب رئيساً للمجلس إلا بعد شهرين و133 دورة اقتراع. ويبدو أنّ مكارثي سعى لتقديم ضمانات لمعارضيه تفادياً لعرقلة حظوظه، وفي العام 2015 فشل بفارق ضئيل في أن يصبح رئيسا لمجلس النواب في مواجهة تمرد الجناح اليميني للحزب. لكنّه أيضا لا يستطيع الذهاب بعيدا وإبعاد الجمهوريين المعتدلين.
رغم أن هامش المناورة لديه بات محدودا، ليس هناك حاليا أي منافس جدي له. يتم فقط التداول باسم النائب من أوهايو جيم جوردان كبديل محتمل بدون أن تكون فرصه جدية.
نعمة؟
ومع تمتع الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب، لن يتمكّن بايدن وحلفاؤه الديموقراطيون من تمرير مشاريع كبرى جديدة. لكن مع سيطرة الديموقراطيين على مجلس الشيوخ، لن يتمكن خصومهم من القيام بذلك أيضا.
والسؤال الذي يطرح اليوم في الكابيتول هو: هل سيكون الجمهوريون معارضين على الدوام لبايدن ومشاريعه؟ وللإجابة على هذا السؤال يتعيّن عليهم أولاً أن يشكّلوا جبهة موحّدة، في وقت صوّت فيه عدد من نوابهم مع الديموقراطيين، كما حصل أخيراًً أثناء التصويت على الموازنة قبل عيد الميلاد.
وبالتالي فإنّ نجاح الجمهوريين في انتخاب «زعيم» سيكون أيضا مقياسا لمدى قدرتهم على إلحاق الضرر بالرئيس.
وفي الواقع فإنّ وجود مجلس نواب معادٍ له سيكون بمثابة نعمة سياسية لبايدن إذا ما أكّد نيته الترشح مجددا في العام 2024، وهو قرار عليه أن يعلنه مطلع هذا العام.
وحرص الرئيس على عدم التعليق على الخلافات الجمهورية، وأكدت المتحدثة باسمه كارين جان بيير أنه لن «يتدخل في هذه العملية».
في حال حدوث شلل تشريعي، سيلقي بالتأكيد باللائمة على الجمهوريين الضعفاء في عملية التعطيل، على أمل قلب الأمور لتصب في مصلحته.