تقدّمت النائبة الدكتورة جنان بوشهري باستجواب إلى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان، معتبرة أنه ارتكب «أفعالاً مناهضة للإصلاح» و«اختطف سلطات رئيس مجلس الوزراء، وانتزع صلاحيات الوزراء، وتسبّب في هدم العلاقة بين السلطتين عوضاً عن بنائها».
ويتكون الاستجواب من ثلاثة محاور هي: إساءة استخدام سلطة مجلس الوزراء للمادة 80 من القانون رقم 61 لسنة 1976 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية، وصدور مراسيم تعيين قياديين في الدولة لا تنطبق عليهم شروط شغل الوظائف القيادية، والفشل في القيام بالمهام الموكلة له بالتنسيق مع مجلس الأمة.
المحور الأول
ذكرت بوشهري في المحور الأول أن المشرع أوكل لمجلس الوزراء دون غيره منح معاشات استثنائية لحالات تخضع لتقديره، منها للوزراء وأعضاء مجلس الأمة وأعضاء المجلس البلدي وكبار المسؤولين والقياديين في الدولة، مشيرة إلى أن مجلس الوزراء وافق في اجتماعه بتاريخ 28 – 11 – 2022، على تعديل المعاشات الاستثنائية لأعضاء الحكومة ورفعها بقيمة 6 آلاف دينار.
ولفتت إلى أن هذا القرار صدر لاحقاً لتقديم عدد من أعضاء مجلس الأمة اقتراحاً بقانون بإلغاء نص المادة 80 من قانون التأمينات بتاريخ 24 – 11 – 2022، ما يصنع رابطاً وثيقاً بين الفعلين، وهو ما يؤكد سوء استخدام السلطة الممنوحة لمجلس الوزراء باستباق مناقشة مجلس الأمة المقترح، وما قد ينتهي له من تعديل تشريعي قد يمنع زيادة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة ومن في حكمهم، وهي حالة تعارض مصالح صارخة، كان حرياً على مجلس الوزراء النأي عنها، لا سيما أنه من استعجل مناقشة مرسوم قانون تعارض المصالح الذي أقره مجلس الأمة بمداولتين.
ورأت أن سوء استخدام المادة لم يقف عند هذا المستوى، بل أصدر مجلس الوزراء عدداً من القرارات بمنح قياديين سابقين معاشات استثنائية رغم تقاعدهم منذ سنوات، بل ان بعضهم منح المعاش الاستثنائي بأثر رجعي لسنوات بالمخالفة لأبسط القواعد القانونية، وفي تجاوز صارخ على المال العام ومبادئ العدالة والمساواة.
المحور الثاني
ركزت بوشهري في المحور الثاني على صدور مراسيم تعيين قياديين في الدولة لا تنطبق عليهم شروط شغل الوظائف القيادية، مشيرة إلى أنها وجهت أسئلة الشيتان عن تعيينات عدد من القياديين والتي أصدرها مجلس الوزراء في 7 – 11 – 2022، إلا أنه لم يجب عن سؤالها رغم مرور المدة الدستورية، «لذا بات لزاماً تحويل السؤال البرلماني إلى محور في هذا الاستجواب، وإدراجه في صحيفة المساءلة».
ولفتت إلى أن «ترشيح الأفراد للمناصب القيادية حق للوزراء، إلا أن هذا الحق غير مطلق، بل مشروط بضوابط وضعها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ويشرف على رقابتها ديوان الخدمة المدنية، وهي الجهة المسؤول عنها سياسياً الوزير المستجوب، وفي المقابل هو المسؤول سياسياً عن عرض قرارات الترشيح على مجلس الوزراء».
المحور الثالث
يتعلّق هذا المحور بـ«الفشل في القيام بالمهام الموكلة له بالتنسيق مع مجلس الأمة»، حيث أشارت بوشهري إلى أن مجلس الوزراء اعتمد في اجتماعه بتاريخ 17 – 10 – 2022 تشكيل اللجنة التنسيقية بين الحكومة ومجلس الأمة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء لتتولى التنسيق ووضع الأولويات بين الحكومة ومجلس الأمة بما يضمن تحقيق التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ولفتت إلى أن مجلس الوزراء طلب في رسالة وجهها إلى مجلس الأمة استعجال عدد من مشروعات بقوانين، «وقد عبّر أغلبية أعضاء مجلس الأمة عن رفضهم لها بالتصريح، وسقطت الرسالة تحت قبة عبدالله السالم بالتصويت، وهو ما يؤكد غياب التنسيق الحكومي مع مجلس الأمة ونوابه، وفشل اللجنة التنسيقية في تقريب وجهات النظر والوصول إلى قائمة تشريعات متفق عليها».
ورأت أن «هذا الفشل في التنسيق الحكومي – النيابي خلق أزمة سياسية حادة، منها على سبيل المثال تقديم أعضاء مجلس الأمة طلباً بمناقشة تقارير اللجنة المالية والشؤون الاقتصادية البرلمانية بعد أن تراخت الحكومة بالقيام بواجباتها، فطلبت الحكومة في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 20 – 12 – 2022 تأجيل إدراج التقارير المذكورة، وفي جلسة 10 – 1 – 2023 عادت الحكومة وطلبت إرجاع التقارير إلى اللجنة المختصة، مما ترتب عليه صدام مع النواب، وعلى إثره انسحبت الحكومة من الجلسة، لتضع العلاقة بين السلطتين على مفترق طرق، وعلى هاوية عدم التعاون».
وأضافت ان «هذا الإخلال الجسيم في القيام بالمهام التنسيقية بين السلطتين، يتحمّل مسؤوليته وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء كونه المكلف بذلك، فقد ضاعت أولويات المواطنين وأي فرصة لإصلاحات سياسية واقتصادية، فأثبت عجزه عن القيام بالدور المطلوب منه، فدفعت الدولة والمواطن الثمن، فكان حرياً به الاعتذار عن المهمة، وإسنادها لمن هو أقدر على التفاهم مع أعضاء مجلس الأمة، وأكثر حرصاً على استقرار العلاقة بين السلطتين».
التوجيهات السامية كسرتها انحرافات السلطة التنفيذية
اعتبرت النائبة جنان بوشهري أن «التوجيهات السامية كسرتها انحرافات السلطة التنفيذية، وانحدار الأداء الوزاري».
وذكرت في مقدمة الاستجواب أن المادة 50 من الدستور نصت على أن «نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطات مع تعاونها، وهو ما كان يتطلع له الشعب الكويتي الذي صوت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، سعياً نحو التغيير وبحثاً عن الاستقرار، متطلعاً للنهوض من العثرات السياسية والكبوات الاقتصادية، قاصداً رد تحية الإصلاح للقيادة السياسية».
وأضافت: «عاشت الحياة الدستورية والنظام الديموقراطي في السنوات الأخيرة صراعات أوهنت روح الوطن وأنهكت حياة المجتمع الكويتي، فكانت الاصطفافات السياسية والتجاذبات الفئوية والقبلية والطائفية، وخلافات الأسرة الحاكمة، والاعتداءات على الأموال العامة، وبات القانون نصاً بلا قيمة والوطنية شعاراً بلا هوية، وصار مسار الدولة مجهولاً فكان خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، نيابة عن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، في الثاني والعشرين من شهر يونيو العام الماضي، خطاباً سياسياً بقراراته واستثنائياً بإصلاحاته، إلا أن التوجيهات السامية كسرتها انحرافات السلطة التنفيذية، وانحدار الأداء الوزاري لا سيما الأفعال المناهضة للإصلاح التي ارتكبها نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، فاختطف سلطات رئيس مجلس الوزراء، وانتزع صلاحيات الوزراء، وتسبّب في هدم العلاقة بين السلطتين عوضاً عن بنائها».
– كان خطاب سمو ولي العهد في 22 يونيو 2022 سياسياً بقراراته واستثنائياً بإصلاحاته