دخلت العلاقات بين طهران والعواصم الأوروبية، مرحلة مختلفة بعد اندلاع احتجاجات في إيران منتصف سبتمبر الماضي، إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد توقيفها من قبل «شرطة الأخلاق» لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
ويعتبر مسؤولون إيرانيون بارزون أن الجمهورية الإسلامية تواجه «حرباً هجينة» على مستويات مختلفة، منها السياسي والاقتصادي والإعلامي والنفسي.
واتهموا «الأعداء» بدعم الاحتجاجات التي يعتبرون جزءاً كبيراً منها «أعمال شغب»، وانتقدوا «تدخل» أطراف عدة بينها دول أوروبية في التحركات الداخلية.
وامس، قال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني إن «بعض الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، اختارت مسار الاستفزاز بهدف إثارة عدم الاستقرار»، وذلك غداة اعتبار الوزير حسين أمير عبداللهيان أن الولايات المتحدة «أدركت في وقت أبكر من الدول الأوروبية الثلاث، أن أعمال الشغب لن تؤدي الى شيء».
ورغم تراجع التحركات الاحتجاجية في الشوارع منذ أسابيع، يسعى الأوروبيون لمواصلة الضغط على طهران، حيث أقرّ الاتحاد الأوروبي، أمس، عقوبات بحق 37 شخصية وكياناً إيرانياً على خلفية «قمع» الاحتجاجات، في ما يعدّ رابع حزمة عقوبات تفرضها بروكسيل على طهران في هذا الملف.
كما أعلنت بريطانيا حزمة جديدة من العقوبات، وندّدت بالعنف ضد الإيرانيين، بما في ذلك إعدام البريطاني الإيراني علي رضا أكبري.
وكتب وزير خارجية السويد توبياس بيلستورم، في تغريدة، وفق الرئاسة السويدية الدورية، «يدين الاتحاد الأوروبي بقوة الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة من جانب السلطات الإيرانية في مواجهة المتظاهرين السلميين».
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، «مازلنا نرى في إيران نظاماً وحشياً ضد شعبه.
إن النظام الإيراني والحرس الثوري يرهبان شعبهما يوماً بعد يوم».
في السياق، شملت العقوبات البريطانية تجميد أصول نائب المدعي العام أحمد فاضليان، الذي ذكرت الخارجية أنه «مسؤول عن نظام قضائي غير عادل يستخدم عقوبة الإعدام لأغراض سياسية».
وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي في بيان «من صدرت عقوبات بحقهم، من الشخصيات القضائية التي تستغل عقوبة الإعدام لأغراض سياسية إلى أفراد عصابات يعتدون بالضرب على المحتجين في الشوارع، هم في صميم القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد الشعب الإيراني».
وأضاف «وجهت بريطانيا وشركاؤنا رسالة واضحة من خلال هذه العقوبات مفادها بأنه لن يكون هناك ملاذ لمرتكبي أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان».
وشملت العقوبات قائد القوات البرية في الجيش كيومرث حيدري ونائب القائد العام للحرس الثوري حسين نجات وكذلك ميليشيا «الباسيج» ونائب قائدها سالار أبنوش.
كما تم فرض عقوبات على مؤسسة «الباسيج» التعاونية، ونائب قائد قوات إنفاذ القانون قاسم رضائي.
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن عقوبات جديدة، ضد طهران، استهدفت 10 أفراد، بينهم نائب وزير الاستخبارات و4 من قادة في الحرس الثوري.
وأوضحت أن العقوبات استهدفت «مسؤولين عن القمع والجهات التي تمولهم»، مضيفةً أن «أفرادا من المعاقبين أمروا باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين الإيرانيين».
وأضافت أن النظام «يعتمد على المحاكمات الصورية والإعدامات لقمع الشعب».
ورأى المتخصص الإيراني في العلاقات الدولية فياض زاهد، إن «قضية إيران باتت محورية لدى الرأي العام الغربي، بشكل يجعل من الصعوبة للحكومات (الغربية) تطبيع علاقاتها مع طهران».
ويُثير ملف آخر التوتر بين الأوروبيين وإيران، هو تزويد الأخيرة لروسيا، طائرات مسيّرة استخدمتها ضد أوكرانيا.
أما آخر فصول التوتر، فكان تصويت البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، لإدراج الحرس الثوري على قائمة الاتحاد الأوروبي لـ «الكيانات الإرهابية».
ويعود اتخاذ القرار النهائي، المعقد قانونياً، إلى المجلس الأوروبي المؤلف من الدول الأعضاء الـ27. إلا أن هذا الإجراء يبدو غير مؤكد راهناً، ويثير انقساماً بين أطراف أوروبية مختلفة.
وشدّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في هذا الإطار، على أن خطوة من هذا النوع تتطلب «قراراً قضائياً» مسبقاً، يمكن على إثره إطلاق مسار إدراج الحرس كمنظمة «إرهابية».
من جهتها، تحذّر طهران من «رد بالمثل» قد يشمل إدراج جيوش أوروبية على القائمة الإيرانية لـ «المنظمات الإرهابية».
وطرحت وسائل إعلام إيرانية، احتمالات أخرى تتضمن الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، أو إجراءات قد تقيّد حرية الملاحة في مضيق هرمز، حيث يمرّ جزء أساسي من إمدادات النفط.
توقيف ثلاث صحافيات في طهران
طهران – أ ف ب – أوقفت السلطات الإيرانية، ثلاث صحافيات يعملن لصالح مؤسسات محلية.
وأفادت جمعية الصحافيين الإيرانية في بيان، أمس، بأنه «خلال الساعات الـ 48 الماضية، تم توقيف ثلاث صحافيات على الأقل هنّ مليكا هاشمي وسعدة شفيعي ومهرنوش زارعي».
وتعد شفيعي صحافية مستقلة وروائية، بينما تعمل زارعي لصالح وكالات أنباء محسوبة على التيار الإصلاحي، في حين تعمل هاشمي لوكالة «شهر».
وأفادت صحيفة «اعتماد» بأن الصحافيات الثلاث نقلن إلى سجن إيوين بطهران.
ووفق الصحيفة الإصلاحية، أوقفت السلطات 79 صحافياً منذ 16 سبتمبر الماضي، تاريخ بدء الاحتجاجات إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً).