تعد سرقة المصارف والأقبية العامرة بالثروات، أحد المواضيع المحببة التي تدور حولها سيناريوهات الأفلام البوليسية في الغرب، إلا أن الواقع أحيانا يبدو أكثر خيالا وإثارة.
حادثة السطو الأولى جرت في مقاطعة كنت، جنوب شرق إنجلترا في 21 فبراير 2006، وحمل من قام بها من خزنة للأموال 52 مليون جنيه إسترليني نقدا. وهي تعد أكبر سرقة نقدية في تاريخ المملكة المتحدة.
مجريات الجريمة أولا بأول:
اختطف مجرمون مدير الخزنة ويدعى، كولين ديكسون، وكذلك زوجته وطفله. كان ديكسون عائدا بسيارته إلى المنزل مساء، وفجأة، فتحت سيارة شرطة منارتها الضوئية. وطُلب من الرجل التوقف إلى جانب الطريق. اقترب منه رجل في زي الشرطة واقتاده إلى سيارته. هناك، جرى تقييد يديه وتم نقله إلى مزرعة مهجورة خارج المدينة.
بالتزامن مع ذلك، أبلغ “ضابطا شرطة” آخران زوجة المدير وابنه البالغ من العمر ثماني سنوات بأن كولن تعرض لحادث مروع وعرضا نقل الأسرة إلى المستشفى. وبعد ساعة، انضمت العائلة إلى كولن ديكسون في نفس المزرعة المهجورة.
في الساعة الواحدة صباحا، اقتيد المدير وزوجته وابنه إلى مستودع الأموال. وقد وضعوهم في شاحنة بيضاء بها عدد من المقنعين المسلحين بالمسدسات والبنادق.
شق اللصوص طريقهم إلى قبو الأموال، وما أن وصلوا حتى اندفعوا إلى الداخل وقاموا بتقييد وتكميم العاملين هناك. وتمت السيطرة على المستودع على الفور تقريبا، وارتفع عدد الرهائن إلى 17 شخصا، ثم حمل المهاجمون أكياس النقود إلى شاحنتهم وفروا.
الطريف أن أحد الأسباب التي دفعتهم إلى الاكتفاء بسرقة 52 مليون جنيه إسترليني بالضبط هو أن الشاحنة لم تتعد تتسع للمزيد!
تمكن الرهائن الذين وضعوا في الأقفاص حيث كانت تحفظ الأموال من تحرير أنفسهم والخروج بعد نصف ساعة، وأبلغوا الشرطة بعملية السطو المسلح الغريبة!
عثرت الشرطة على رأس خيط في القضية، وتمكنت من القبض على اثنين من المشتبه بهم، وتمكنت بحلول مارس 2006 من العثور على 19.7 مليون جنيه إسترليني واستعادتها.
واكتشف لاحقا أن العقل المدبر لعملية السطو المعقدة هو فنان مشهور يدعى لي موراي، وهو متورط في سلسلة من السرقات، وحكم على هذا الرجل بالسجن 10 سنوات.
وتم أيضا اعتقال خمسة متورطين آخرين في هذه الجريمة، فيما ظل بقية اللصوص ويتجاوز عددهم الـ30 طلقاء لفترة طويلة. واصلت الشرطة مطاردتهم وأمسكت بهم الواحد تلو الآخر، وقُتل أحد المشتبه بهم بالرصاص في منزله في 11 يوليو 2019، وكان ترتيبه التاسع والثلاثين في هذه العصابة.
أما عملية السطو الأكثر غرابة وغموضا، فقد جرت في بلفاست بإيرلندا الشمالية في 20 ديسمبر 2004، حيث نهب اللصوص 26 مليون جنيه إسترليني ونصف المليون من بنك “Danske”.
ولا تزال عملية السطو على هذا المصرف مجهولة التفاصيل على الرغم من أن الشرطة الدولية قامت بتحقيقات مكثفة حولها.
ففي عملية توصف بالمعقدة تماما، قامت عصابة من ثلاثة رجال ملثمين باحتجاز أسرتي اثنين من رؤساء هذا البنك كرهائن تحت تهديد السلاح، وهما كريس وارد وكيفين مكمولان.
واحتجزت العصابة أسرتي الاثنين كرهائن لمدة 24 ساعة، بينما أُجبر المصرفيان اللذان كان يتمتعان بحق الوصول إلى قبو البنك النقدي، على الذهاب إلى العمل.
وفي المساء، حين غادر جميع العاملين في المصرف المبنى، بقي المصرفيان بداخله، كي يسمحا لأفراد العصابة بدخول المبنى وذلك خوفا على حياة الرهائن.
دخل اللصوص المصرف كما لو أنهم دخلوا بيوتهم، وحملوا على دفعات أكياس النقود إلى سيارة متوقفة بالقرب من المبنى، إلى أن اكتملت غنيمتهم وكانت قيمتها تساوي 26.5 مليون جنيه إسترليني بين نقود سائلة من مختلف العملات الصعبة، وأوراق نقدية.
بقي لغز عملية السطو محيرا ولم يعرف الفاعلون والمتورطون، حتى أن رئيس الشرطة المحلية في إيرلندا الشمالية اتهم خلال مؤتمر صحفي في يناير 2005، الجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت بالمسؤولية عن العملية، فيما نفت قيادة هذا الجيش أي علاقة لها بعملية السطو على المصرف.
اشتبهت الشرطة بتورط المصرفيين اللذين أخذا كرهائن وجرى تهديدهما من قبل العصابة، واعتقل أحدهما وهو كريس وارد، في نوفمبر 2005 ووجهت إليه تهمة السرقة. إلا أن النيابة العامة بعد ذلك لم تقدم أي دليل للمحكمة وتم الإفراج عنه.
على الرغم من اعتقال البعض وإدانة البعض الآخر في إطار التحقيقات التي أجريت، إلا أن أيا من هؤلاء لم يكن متورطا تحديدا في هذه السرقة. ولا تزال القضية غامضة حتى الآن.