كويت تايمز: فيما دعا رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم البرلمانات العربية إلى تحرك جماعي منظم في الاتحاد البرلماني الدولي، يستهدف التصدي للخروقات الإسرائيلية لميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للاتحاد، شدد على ضرورة التخلي عن الأنانيات القطرية والتحلي بالنضج والصبر والانتقال من حالة القول إلى حالة الفعل.
وأكد الغانم، في كلمته أمام المؤتمر الـ24 للاتحاد البرلماني العربي المنعقد حاليا في العاصمة المغربية الرباط، ضرورة ان يكون التحرك البرلماني العربي واقعيا ومتدرجا ومنسقا مع المجاميع السياسية الاخرى. كما أكد أهمية العمل الديبلوماسي الدولي وأثره في الضغط على اسرائيل مستشهدا بقرار مجلس الامن الدولي رقم 2334 وردة الفعل الاسرائيلية الهستيرية تجاهه. وفي ما يلي كلمة الغانم كاملة: جرت العادة أيها الأخوة، أن يكون أي تجمع عربي، في أي مكان في العالم، مناسبة يتم من خلالها الامعان في جلد الذات، وممارسة كل أنواع العويل السياسي، والتغني بالماضي التليد والبكاء على اللبن المسكوب. نحن لن نفعل ذلك، ليس لأننا غير واعين بحجم مأساتنا كعرب، وليس لأننا غير مدركين لخطورة المأزق الوجودي والحضاري الذي نعيشه، وليس لأننا مغيبون عن حقيقة فقداننا لشرط التقدم الإنساني والانطلاق في مقدمة الأمم.
نحن لن نفعل ذلك، لأننا وسط كل هذا التردي والتأخر الذي نعيشه، مازلنا مؤمنين بأننا نملك في جعبتنا، مزيدا من الأوراق التي لم نلعب بها
مازلنا مؤمنين بأننا خبرنا السيئ، وجربنا الأسوأ، وان الظروف الموضوعية نضجت تماما باتجاه قيامة حضارية، وصحوة إنسانية. نعم، حوربنا بالاستعمار والقمع والفساد والمخابرات والإرهاب والتخلف وكل صنوف القهر، ودفعت شعوبنا عقودا من الزمن ثمن كل هذا. ومع ذلك، نحن هنا، أمة مليونية تمتد من المحيط الى الخليج، وجاليات عربية في كل أصقاع الأرض، متخمة بالمواهب والشباب الواعد الرافض لكل ما هو متبلد ومتحجر والرواد الطليعيون، ودعاة الوسطية والتسامح، ودخول عارم للمرأة العربية في متن الحياة، بدلا من هامشه.
نعم أيها الاخوة، ما زلنا هنا، برغم كل محاولات الآخر في طمسنا وإلغاء هويتنا ووجودنا. وبرغم كل ما حدث، لم نتحول كعرب الى شيء تاريخي وانثروبولوجي، كالعديد من الشعوب الغابرة البائدة. ما زلنا هنا، لأن هويتنا قائمة، ولغتنا برغم كل شيء، تتدفق حياة، ولأننا نتكئ على ارث ضخم من الحضارة والثقافة الإسلامية، متفاعلة مع الآخر ذات صبغة إنسانية عالمية.
أيها الاخوة الكرام. لدي قناعة تامة بأن كل قضايانا كعرب، قابلة للحل برغم كل التشويه الذي أصابها، قضية فلسطين، الإرهاب الذي يتمسح بمسوح ديننا المتسامح العظيم، خلافاتنا المذهبية، قضايا الأقليات في دولنا، مشكلة الديون التي تثقل كاهل الكثير من الدول العربية، الأمراض والأوبئة التي تعصف بالعديد من اقاليمنا، الاحترابات الداخلية الأهلية، غياب الحكم الرشيد ومأزق الديموقراطية، انتهاكات حقوق الانسان، وغيرها من الملفات. لكن حتى ننجح في تحقيق تقدم ولو يسير في تلك الملفات، علينا الايمان بقناعات ثلاث:
أولا، أن تكون رؤانا وأحلامنا وتطلعاتنا واقعية وقابلة للتحقق، وبعيدة عن الوعود الفضفاضة، وأن تكون منطلقة من حقيقة اننا لا نعيش وحدنا في هذا العالم، وان علينا أن ننفتح على كل أمم العالم، وعلى كل المحافل السياسية القارية والدولية، حكومية وبرلمانية، تعاونا وتنسيقا وتشاورا، وصولا لأهداف إنسانية مشتركة محل اتفاق.
ثانيا، أن يكون تحركنا جماعيا قدر الإمكان، وأنا هنا لا أتحدث عن صيغ وحدوية، واذابات سياسية، بل أتحدث عن الحد الأدنى من التنسيق، عن القدر القليل من الايثار السياسي والنضج، والتخلي عن الانانيات القطرية غير المهمة.
ثالثا، ضرورة أن يتسم عملنا العربي الجماعي بالتدرج، ويتحلى بالصبر والجلد، وأن نتخذ من كل انجاز ولو ضئيل، درجة في سلم تطلعاتنا الكبرى.
ان تلك القناعات المذكورة، كفيلة باحداث الفارق، وقادرة على خلق الإحساس بان البحيرة الراكدة لا تحتاج الا الى حجر صغير لتتحرك.
حدث ذلك أخيراً، وأنا هنا أستشهد بالقضية الفلسطينية على سبيل المثال، اذ أدى قرار مجلس الامن الدولي رقم 2334 الداعي الى وقف الاستيطان وإدانة التوسع الاستيطاني الى رد فعل هستيرياً من الجانب الإسرائيلي، وصل الى حد تهديد الدول التي تبنت القرار بإجراءات عقابية فارغة. ونحن هنا نحيي مصر ودورها، كما نحيي السنغال وماليزيا على تبني القرار الى جانب دول أخرى. كما لايفوتني ان اشكر المملكة العربية السعودية على دورها في التأثير على المجتمع لصدور هذا القرار.
ان هذا القرار مثال واضح، على حجم التأثير الذي يمكن أن يحدثه تنسيق الدول العربية والإسلامية ودول العالم الثالث، مع دول العالم في سبيل استخلاص موقف دولي ديبلوماسي واضح يضع الممارسات الإسرائيلية في الزاوية ويجعلها مكشوفة ومدانة امام العالم. أنا أسوق هذا المثال حتى نرى ردة فعل العدو، ونتأكد بأن العمل الديبلوماسي والسياسي المنظم مع شركائنا الدوليين قادر على احداث الفرق. ولهذا دأبنا ومنذ أكثر من عام ونصف العام، على الدعوة الى استغلال منتدى دولي كبير ومهم، كالاتحاد البرلماني الدولي في اتخاذ موقف سياسي واضح إزاء إسرائيل موقف يتم من خلاله استغلال كل طاقات الدول العربية والإسلامية والحرة في العالم من أجل وضع الاتحاد البرلماني الدولي امام مسؤولياته.
ولكن، لكي يتحقق هذا الأمر، نحتاج الى عمل جماعي منظم، ومواقف واضحة وصارمة، تحتاج الى تعاضد ديبلوماسي عال، يدفع باتجاه تطبيق مبادئ الشرعية الدولية الإنسانية على إسرائيل، كدولة محتلة خارجة على المواثيق والقوانين الدولية. وعليه، أنا ادعو الى العمل من الآن، وحتى اجتماع برلمانات العالم في بنغلاديش في الأول من ابريل المقبل واجتماع سان بترسبرغ في أكتوبر المقبل، للخروج برؤية موحدة لاجراء ديبلوماسي واضح تجاه إسرائيل في الاتحاد البرلماني الدولي، يصل الى حد تعليق عضوية الكنيست الإسرائيلي في الاتحاد بسبب شرعنته لكل الممارسات الإسرائيلية الخارقة لبنود النظام الأساسي للاتحاد.
وأنا عندما أتحدث عن شرعنة الكنيست الإسرائيلي لكل الممارسات المتناقضة لميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للاتحاد البرلماني الدولي، فأنا لا اطلق كلاما مرسلا انشائيا عاما، بل اتحدث عن وقائع وحقائق. فبعد شهرين من صدور قرار مجلس الامن رقم 2334 الخاص بالاستيطان الإسرائيلي، تبنى الكنيست في السادس من فبراير المضي قرارا تم التصديق عليه، يقضي بالمضي قدما في الخطط الاستيطانية في المناطق المحتلة. هذا فعل إسرائيلي عملي، يرد به على القرار الاممي. نحن ماذا فعلنا ؟ غير الادانات والشجب والاستنكار. العدو يفعل، وعلينا نحن في المقابل ان نفعل. لا يهم ما هو الفعل وشكله، فهذا كله قابل للنقاش، المهم ان ننتقل من القول الى الفعل.
واشدد هنا أيها السادة، نحن برلمانات ولسنا حكومات، أي اننا نستطيع نسبيا ان نكون متحررين من حجج التوازانات الدولية والسياقات الاستراتيجية وكل التنظيرات الباردة عن الواقعية والعملية في السياسة. وهنا أريد التأكيد على حقيقة مهمة، وهي ان أي عمل وتنسيق بيننا هو عمل مهم ومؤثر. وأيا كانت نتائج التحرك، فهي في كل الأحوال أفضل من السكوت والتفرج، وأنا على ثقة في كل الدول العربية، ومدى تأثيرها على مثل هذا التحرك، ونحن مؤمنون بأننا سننجح أخيرا. يقول الله تعالى «وقل اعملوا، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
أيها الاخوة الكرام. بناء على تلك القناعة، ندعو الى ذات التحرك في الكثير من ملفاتنا العربية المزمنة، الفقر والجوع والإرهاب والديون والفساد وغيرها من الملفات المهمة. ونحن في البرلمان الكويتي، مستعدون للذهاب بعيدا في كل الملفات العربية، منفتحين على كل رأي واقتراح وفكرة تطرح من الدول الأعضاء، مادين يد التعاون للعمل على كل ملف ترونه مهما وذا أولوية
أخيرا، نجدد امتناننا وعرفاننا، للمملكة المغربية الشقيقة، وللبرلمان المغربي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، راجين من الله تعالى ان يوفق المغرب في رئاستها للاتحاد طيلة الفترة المقبلة. كما لا يفوتنا ان نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمجلس النواب اللبناني ولرئيسه دولة الرئيس نبيه بري على ما بذله من جهد وطاقة طيلة فترة رئاسته للاتحاد، متمنين لمؤتمرنا هذا تحقيق أهدافه وطموحاته في ترسيخ العمل البرلماني العربي والمضي به قدما.
رئيس المجلس الوطني السوداني يتسلّم دعوة الغانم لزيارة الكويت
كونا – تسلّم رئيس المجلس الوطني السوداني إبراهيم أحمد عمر أمس رسالة من رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، تتضمن دعوة لزيارة دولة الكويت لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لاسيما البرلمانية منها. وذكرت سفارة الكويت لدى السودان في بيان أن سفير الكويت بالخرطوم بسام محمد القبندي سلّم الرسالة خلال لقاء مع رئيس المجلس الوطني السوداني. وأوضح البيان أن السفير القبندي نقل لرئيس المجلس الوطني السوداني تحيات رئيس مجلس الأمة الكويتي، خلال اللقاء الذي تم التباحث خلاله بشأن أوجه التعاون المشترك بين البلدين بما يعزز العلاقات الراسخة بينهما.
من جانبه، أعرب عمر عن ترحيبه بالدعوة التي تلقاها لزيارة الكويت مؤكدا تلبيتها في القريب العاجل. كما أعرب عن رضاه عن مستوى العلاقات بين البلدين والتنسيق بينهما على المستويات البرلمانية في كافة المحافل، متطلعا إلى أن تشهد العلاقات المتنامية بين البلدين المزيد من التطور في ظل الرعاية التي تحظى بها من القيادة في البلدين.