كويت تايمز: تقف الرؤى النيابية إزاء التوجه الحكومي الذي أعلنه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح لرفع سقف الدين العام للدولة الى حدود عشرين مليار دينار على مساحة من التباين ما بين رفض وتحذير وموافقة مشروطة لاسيما في ظل وجود ما يوازي هذا المبلغ لدى عدد من الجهات الحكومية المستقلة.
وتشتد أوتار التجاذب الحكومي النيابي عند الحديث عن إصدار السندات والصكوك لتغطية عجز الموازنة العامة للسنوات القادمة وإطالة أمد هذه السندات والصكوك الى حدود الثلاثين عاما إلى حد استغراب النائب خليل العبدالله اقتراض الحكومة من البنوك أموالها المودعة فيها بفوائد تفوق قيمة فوائد ودائعها مع تحذير النائب عبدالوهاب البابطين من أثر هذه الخطوة على القيمة الشرائية للدينار التي ستنخفض بسببها.
واذ اعتبر عضو اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية النائب صالح عاشور ان التوسع بالدين العام وإصدار سندات وصكوك خطوة «غير جيدة وتعكس وجود خلل في الاقتصاد الكويتي»، أكد ان الكثير من مؤسسات الدولة «الربحية» حققت عوائد جيدة وبالإمكان الاستفادة من ارباحها في سد العجز العام للموازنة كالهيئة العامة للاستثمار والصناديق السيادية والتأمينات الإجتماعية.
وأوضح عاشور في تصريح صحفي أن «الاسلوب الحالي لمعالجة عجز الموازنة العامة للدولة لا يصب في صالح البلد»، مبينا أن «هناك أرباحا حبيسة لدى ما يقارب 6 جهات مستقلة تقدر بنحو 20 مليار دينار ومنها نحو 14 مليارا ونصف المليار لدى مؤسسة البترول و3 مليارات لدى الصندوق الكويتي للتنمية ومليار لدى بنك الائتمان ومبالغ اخرى لدى هيئة الصناعة والموانئ والبنك المركزي يمكنها ان تغطي العجز بالموازنة».
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية النائب عبدالوهاب البابطين ان «الدولة لا يوجد لديها عجز حقيقي وانما تقديري ورفع سقف الدين الى 20 مليار دينار وتحمل الدولة الاعباء المالية الناتجة عن عجز الموازنة وانخفاض أسعار النفط وندرة وفرة الدولار في البنك المركزي والتضخم سيترتب عليه مشكلة حقيقية خلال الخمس سنوات المقبلة».
وحذر البابطين من «أثر العوامل الاقتصادية بالاضافة الى رفع سقف الدين العام على القوة الشرائية للدينار خلال الخمس سنوات المقبلة اذا استمرت الدولة بهذا النهج ولم تشهد اسعار النفط اي ارتفاع واستمرت الدولة دون الشروع بإصلاحات اقتصادية وتحسين بيئة الاعمال وتخفيف الضغط على الباب الاول».
واوضح ان «الدولة اذ ما استمرت بنهجها الحالي لمعالجة اختلالات عجز الموازنة العامة للدولة فسيكون الدينار الكويتي في خطر»، مبينا أنه «لا يوجد أي مبرر لرفع سقف الدين العام إلا لخلق سوق للسندات واذا لم تكن هناك استراتيجية لن يكون مفيدا للدولة خلق هذا السوق».
وبين البابطين ان «السياسة الحكومية بخلق سوق للسندات تحتاج إلى توضيح من قبلها، فالحكومة بدأت الآن بإيقاف الاجراءات الاقتصادية التي كنا نراها سيئة وهذه بداية جيدة»، مستدركا بالقول «إن الحكومة اذا استمرت بنهجها السابق ولم تقبل بملاحظات النواب المتخصصين فقد يتطور الامر لحدوث كارثة مالية قد تتطلب دخول الساسة للمعالجة وباب الاستجوابات مفتوح ولن يغلق ويوجه لرئيس مجلس الوزراء والوزراء في الوقت الذي يراه النائب مناسبا في ظل الوضع المالي الذي يحذر منه وزير المالية باستمرار والذي عليه علامات استفهام»، لافتا الى ان «هذا الوضع يدعو للتحدث بصراحة واذ لم يغلق باب الهدر فالمنصة تنتظر».
بدوره، قال عضو اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية النائب أحمد الفضل «نحن أمام تحد واحد وهو المصاريف الثابته وأولها الرواتب وما في حكمها التي بلغت في آخر موازنة 10.4 مليار دينار بارتفاع يقدر بـ7 مليارات من بعد عام 90 حتى وقتنا هذا وهي في تزايد مستمر».
وأكد الفضل أن «تقديرات أسعار النفط لن تشهد ارتفاعا عن السعر الحالي خلال الخمس سنوات المقبلة لاسباب لا تمتلكها الدولة نتيجة تباطؤ النمو الاقتصاد العالمي وقلة الطلب على هذا المورد وتوجه الأوبك إلى خفض الانتاج»، مشيراً الى ان «هناك مصاريف ثابته وإيرادات متناقضة وعلاج عجزها إما من خلال السحب من الاحتياطي العام في كل عام أو ان يعدل قانون الموازنة بحيث تورد ايرادات الصناديق الى الموازنة العامة للدولة وهذه خطوة غير صحيحة وليست مطبقة في العالم».
وتابع الفضل «بالتالي ليس هناك حل سوى خطوة الاقتراض من البنوك وهي خطوة مفيدة لانها لن تستهلك من رأس المال كما أنها تستوجب ان تستثمر هذه الاموال المقترضة في خلق إيرادات وعوائد تفوق سعر فائدتها»، لافتا الى ان «الاقتراض من البنوك المحلية سينعش الاقتصاد المحلي».
وشدد على أن «الظروف هي من أوصلت الاقتصاد الوطني الى هذا الوضع الذي لم نكن نتمناه»، لافتا الى ان «سحب ارباح الجهات المستقلة بعد إيرادها للاحتياطي العام سيعمل على سد موقت للعجز والاصح وضع خطة لتطوير الاقتصاد الوطني».
ورأى الفضل انه «لا يمكن الموافقة على رفع سقف الدين العام دون تقديم الحكومة رؤية لمعالجة الوضع الاقتصادي فالموافقة على الرفع مرهونة برؤية السنوات المقبلة، فالمشكلة ليست بالدين والعجز وانما بالرؤية التي يجب ان يضعها ليس وزير المالية وانما رئيس الوزراء».
واستغرب النائب خليل عبدالله في تصريح صحفي التوجه للاقتراض من البنوك واصدار سندات وصكوك لمعالجة العجز من الوازنة «رغم وجود ودائع حكومية مليارية في هذه البنوك».
وأكد أن «الاقتراض الحكومي من البنوك بمنزلة (خذ من كيسه وعايده) فهي ستقترض بفائدة مرتفعة أموالها المودعة لدى البنوك بفوائد منخفضة!».