كويت تايمز: تراجعت وتيرة أعمال العنف والقصف بشكل واضح، أمس، في عدد من المناطق السورية، في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين روسيا وإيران وتركيا من أجل إحلال هدنة دائمة.
وبدأ تنفيذ الخطة بعد يومين من توقيع روسيا وإيران وتركيا على اتفاق يقضي بإقامة أربع مناطق «تخفيف التصعيد» في سورية.
وفشلت اتفاقات عدة للهدنة أو لوقف الأعمال القتالية خلال السنوات الماضية، إلا أن حظوظ هذه الخطة تبدو أكبر من سابقاتها، كونها تتضمن تفاصيل تقنية وآليات لمراقبة الهدنة، وتحظى بدعم الدول الضامنة وبتأييد حذر من واشنطن.
ورغم أن تطبيق الاتفاق بدأ عند منتصف ليل الجمعة – السبت، لكن المذكرة لن تدخل فعلياً حيز التنفيذ إلا بحلول 4 يونيو المقبل، عندما تقوم الدول الضامنة بالانتهاء من رسم حدود المناطق الأربع، وذلك لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
ولا يوضح الاتفاق إن كانت المعارك ستتوقف بشكل فوري، كما لم يعلن النظام والفصائل المقاتلة إذا كانوا سيتوقفون عن القتال.
وبعد ساعات من بدء التطبيق، اندلعت معارك عدة، كما شن قصف متقطع لكن أقل كثافة من المعتاد.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن «انحسرت اعمال العنف بشكل واضح في المناطق المشمولة بالاتفاق باستثناء بعض المعارك والقصف جرت خلال الليل وصباح السبت (أمس) في محافظة حماة (وسط) ودمشق وحلب (شمال)»، لكنه اعتبر أنه من المبكر القول ان وقف اطلاق النار سيصمد، قائلاً إن «خفض العنف يجب أن يظهر جلياً وبشكل مستمر».
وأشار إلى أن سلاح الجو السوري قصف مناطق خاضعة للمعارضة في محافظة حماة، كما دارت اشتباكات خلال الليل في هذه المنطقة، فيما قصف الطيران المروحي مناطق في بلدة اللطامنة بثلاثة براميل متفجرة.
وقامت القوات النظامية بقصف مواقع تابعة للفصائل المقاتلة في العاصمة دمشق، صباح أمس، فيما اندلعت اشتباكات متقطعة خلال الليل بالقرب من احدى البلدات في ريف حلب.
وينص الاتفاق أيضاً على تحسين الوضع الإنساني وخلق «الظروف للمضي قدما في العملية السياسية»، لإنهاء الحرب.
وعلى طول حدود «مناطق تخفيف التصعيد»، سيتم انشاء «مناطق أمنية» تتضمن حواجز ومناطق مراقبة تقوم بتأمينها قوات من الدول الضامنة. كما من الممكن ان يتم «نشر اطراف اخرى في حال الضرورة».
وسيتم في هذه المناطق وقف أعمال العنف بين الاطراف المتنازعة، ومنع استخدام أي نوع من السلاح وبما في ذلك الطيران.
وتؤكد المذكرة عمل الدول الضامنة على فصل فصائل معارضة عن «المجموعات الارهابية» التي تحددها بـ «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقا) وتنظيم «داعش».
ولطالما شكل فصل الفصائل المقاتلة عن «فتح الشام» عقبة لدى تنفيذ اتفاقات وقف اطلاق النار في سورية، كونهم شكلوا تحالفات في عدد من المناطق، في حين لا توجد اي علاقة بين تنظيم «داعش» والفصائل المقاتلة التي تحاربه بشدة.
ويشمل الاتفاق محافظة ادلب التي يسيطر عليها تحالف فصائل اسلامية وأخرى متطرفة بينها «جبهة فتح الشام» وأجزاء من محافظات اللاذقية (غرب) وحماه (وسط) وحلب (شمال).
كما يضم أجزاء في ريف حمص الشمالي بالاضافة الى أجزاء من جنوب سورية، في محافظتي درعا والقنيطرة.
وسيتم إنشاء منطقة امنية في الغوطة الشرقية، التي تعد معقل الفصائل المعارضة وخصوصاً «جيش الاسلام» قرب دمشق، حيث لا تزال الفصائل المعارضة تسيطر على المدن الاساسية منها دوما وعربين وحرستا.
وقال الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الاركان العامة الروسية ان هذه المناطق يعيش فيها 2,67 مليون مدني و41500 مقاتل.
وقال الخبير بشؤون سورية الجغرافية فابريس بالانش ان هذه المناطق تمثل 20 في المئة من الاراضي غير الصحراوية في سورية، أي 24 ألف كيلومتر مربع من أصل 95 ألفاً.
وفي تطور بارز، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف ونظيره الأميركي جوزيف دانفورد أكدا استعدادهما لإعادة تفعيل اتفاق سلامة الطيران في أجواء سورية.
وأفادت أن غيراسيموف ودانفورد أكدا، خلال مكالمة هاتفية بينهما أمس، «استعداد روسيا والولايات المتحدة للعودة إلى التنفيذ الكامل لالتزاماتهما في إطار المذكرة الروسية – الأميركية الهادفة إلى ضمان سلامة تحليق طيران البلدين وتجنب الحوادث أثناء العمليات العسكرية ضد تنظيمي«داعش»و«جبهة النصرة»في الأجواء السورية، والتي علقت روسيا مشاركتها فيها عقب الضربات الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية» في 7 ابريل الماضي.
جاء ذلك غداة اتصال هاتفي بين وزيري خارجيتي البلدين الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون، جرى خلاله البحث في الجهود الرامية لتخفيف التصعيد في سورية.
وفي تصريحات صحافية، أكد لافروف أن «المقترحات الأمريكية أخذت بعين الاعتبار أثناء وضع مناطق خفض التصعيد في سورية».
من جهتها، أعربت الهيئة العليا للمفاوضات، المكون الرئيسي للمعارضة السورية، عن «قلقها من غموض» الاتفاقية التي اعتبرت أنه «تم إبرامها في منأى عن الشعب السوري، وما شابها من غياب للضمانات وآليات الامتثال».
وأكدت في بيان رفضها الاعتراف بأي دور لإيران كضامن للاتفاق، إلى جانب روسيا وتركيا.
وشكك رئيس الهيئة الاعلامية في الائتلاف السوري المعارض أحمد رمضان بفرص نجاح الاتفاق، قائلاً «هناك شريك يمثل جزءاً من المشكلة وهو إيران، وهي ليست جزءاً من الحل، وهناك شريك (آخر) ليس لديه نوايا للوصول إلى حل سياسي متكامل، وهي روسيا».