كويت تايمز: رغم كل الصخب السياسي المستعاد في بيروت على خلفيّة زيارات 3 وزراء من فريق «حزب الله» وحلفائه لدمشق «رغماً عن» الحكومة اللبنانية وبإصرارٍ مشترك من هؤلاء ونظام الرئيس بشار الأسد على وضع هذا التطوّر في سياقٍ «رسمي» من ضمن مسارِ تطبيعٍ سياسي متدرّج بين البلدين، فإن هذا «اللغم» الذي يختزن جوانب أساسية من الأزمة التي تعيشها «بلاد الأرز» منذ 2005 اضافة الى الانقسام في الموقف من النظام السوري وشرعيّته لا يبدو أن من شأنه تعريض الاستقرار السياسي في لبنان الى انتكاسةٍ من النوع الذي يهدّد حكومة الرئيس سعد الحريري.
وبدا واضحاً في العاصمة اللبنانية أمس أن ثمة سباقاً بين مساريْن:
* الأول احتوائي لاندفاعة معاودة تعبيد طريق بيروت – دمشق يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يسعى الى ما يشبه «الإمساك بالعصا من الوسط» حرصاً على العلاقة مع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رفض منْح الغطاء الرسمي لزيارات الوزراء للعاصمة السورية.
وبعدما كان عون امتنع عن السماح لأحد وزرائه (رائد خوري) بتلبية الدعوة لمعرض دمشق الدولي، ذهب صهره وزير الخارجية جبران باسيل الى موقف متقدّم أكثر في معرض تبرير سبب عدم ذهاب خوري الى سورية لاقى فيه ضمناً موقف الحريري من ان زيارات الوزراء الثلاثة ليست رسمية، إذ قال: «عبّرنا عن الرغبة الاقتصادية بحضور معرض دمشق وعن الإرادة السياسية بعلاقة جيدة مع سورية، أمّا وقد عُرض الموضوع على مجلس الوزراء دون الموافقة، فلم يعدّ يصحّ الذهاب لأنّ مشاركتنا أردْناها رسمية باسم لبنان، وبالنسبة للمشاركة الفرديّة فهي شأننا ونحن نقوم بها كما يلزم».
* والمسار الثاني يحاول الإمعان في إحراج الحكومة ورئيسها في صلاحياته، من خلال تعمُّد وزير الزراعة غازي زعيتر بعيد وصوله الى دمشق تأكيد ان زيارته رسمية وهي «بتوجيه» من رئيس البرلمان نبيه بري، فيما زيارة وزير الصناعة حسين الحاج حسن التي شدد بدوره على أنها «رسمية»، هي من ضمن تكليفٍ من «حزب الله».
وتشكّل المعلومات عن اجتماعات للجان مشتركة بين لبنان وسورية سيعاد إحياؤها الأسبوع المقبل (في شتورة) من ضمن تفعيل اتفاقات ثنائية، الى جانب ترقُّب إذا كان الوزراء الثلاثة العائدين من دمشق انخرطوا في مسار لتوقيع اتفاقات جديدة، اختباراً إضافياً لمدى قدرة التسوية السياسية على «الصمود»، وسط انطباعٍ ظهّرتْه مصادر مطلعة عبر «الراي» عن أن «حزب الله» يحاول الاستفادة من هذه التسوية ومن عدم إمكان قيام أيّ من اللاعبين الداخليين بالانسحاب منها لأنها «أفضل الممكن» لخصومه بعد اختلال موازين القوى الداخلية وفي الاقليم لمصلحة محور إيران، وذلك بهدف تحقيق المزيد من «النقاط» في سياق أجندته الاقليمية وتكريس «تفوُّقه» الداخلي.
ويكاد هذا العنوان أن يحجب الأنظار عن المعركة التي اقترب الجيش اللبناني من إعلان بدئها رسمياً ضدّ «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع على الحدود الشرقية مع سورية، حيث برزت جولة قام بها (الجيش) للإعلاميين شملت مواقع كان يحتلّها التنظيم الإرهابي وحرّرها، وسط توقُّف دوائر مراقبة عند مفارقة تزامُن العدّ العكسي لـ «المعركة الكبرى» مع تحريك الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (صيدا) حيث دارت اشتباكات بدأت بإطلاق نار من مجموعة المطلوب بلال أبو عرقوب على عناصر «القوة المشتركة» وقُتل بنتيجتها أحد عناصر الأخيرة، ونجل أبو عرقوب (عبيدة) المنتمي لجماعة بلال بدر المتشددة وجُرح 10 آخرون.
وإذ عزت مصادر خلفيات الاشتباكات الى خلافات مادية، لم تستبعد أوساط أخرى أن يكون الأمر في سياق رغبة بعض المطلوبين في «عين الحلوة» بوضْع أنفسهم «على الرادار» في أي مفاوضات مقبلة قد تحصل، على وهج نيران المعركة، لانسحاب «داعش» من الجرود الشرقية وامتدادها السوري كما حصل في الصفقة التي أنهت وجود «جبهة النصرة» والتي رُفض أن تشتمل على السماح بمغادرة أيّ من المطلوبين في هذا المخيّم.