كويت تايمز: لقي قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التاريخي القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة، عاصفة ترحيب داخلية وخارجية، وسط إشادات واسعة بهذه الخطوة التي طال انتظارها، وستُطبّق اعتباراً من يونيو 2018.
وتأكيداً لما ورد في الأمر الملكي الذي صدر، ليل أول من أمس، أعلنت هيئة كبار العلماء في السعودية، في بيان، أمس، أن غالبية أعضائها لا يرون مانعاً في قيادة المرأة للسيارة، مؤكدة أن الملك سلمان بن عبدالعزيز «توخى مصلحة بلده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة» عندما سمح للمرأة بالقيادة.
وأشارت «الهيئة» إلى أن الملك سلمان «بما قلّده الله من مسؤوليات في رعاية مصالح بلاده وشعبه، وحراسة قيمه الإسلامية، ومصالحه الشرعية والوطنية، لا يتوانى في اتخاذ ما من شأنه تحقيق مصلحة بلاده وشعبه في أمر دينهم ودنياهم».
وأوضحت أن «علماء الشريعة كافة قرروا أن تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة. وعلى ذلك يكون الغرض من تصرفات ولي الأمر الاجتهادية: تحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها. وعلى ذلك أيضاً: فإن ولي الأمر يختار في كل قراراته، الأصلح والأنفع والأيسر».
ولفتت إلى أن «فتاوى العلماء كافة في ما يتعلق بقيادة المرأة للمركبة انصبت على المصالح والمفاسد، ولم تتعرض للقيادة ذاتها التي لا يحرمها أحدٌ لذات القيادة، ومن ثَمَّ فإن ولي الأمر عليه أن ينظر في المصالح والمفاسد في هذا الموضوع، بحكم ولايته العامة، واطلاعه على نواحي الموضوع من جهاته كافة، بما قلّده الله من مسؤوليات، وبما يطلع عليه من تقارير».
واضافت الهيئة «ولأن ولي الأمر قد أشار (في الأمر الملكي المذكور) إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، وارتأى بعد ما اطلع على ما رَآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأنهم لا يَرَوْن مانعا من السماح لها بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صيانة المرأة واحترامها، فإننا ننوه بهذا الأمر السامي الكريم، الذي توخى فيه خادم الحرمين الشريفين… مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما قررته الشريعة الإسلامية».
وفي السياق، قال الداعية الإسلامي خالد المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم إن «قرار خادم الحرمين الشريفين بشأن السماح بقيادة المرأة يلبي حاجة شريحة واسعة في المجتمع فأسأل الله أن يجعله نافعاً للعباد والبلاد».
وبعيد صدور الأمر الملكي، أعلن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان، أن النساء في السعودية سيكون بوسعهن الحصول على رخصة القيادة من دون الحاجة لنيل موافقة أولياء الأمور الذكور، مؤكداً أن النساء في عهد جده الملك عبدالعزيز كن يستخدمن وسائل النقل بشكل عادي وأن الإشكال لم يكن دينياً أو ثقافياً.
من جهتها، وصفت عضو مجلس الشورى السعودي رئيسة اللجنة الصحية منى آل مشيط القرار بأنه «أغلى هدية من ملك الحزم بالذكرى الـ87 لتوحيد المملكة».
وقالت «حق لنا أن نفخر ونفاخر بوطننا، بملكنا، بولي عهدنا، وتأتي هذه الخطوة المهمة استمراراً لدعم القيادة الرشيدة للمرأة السعودية».
بدورها، أكدت عضو مجلس الشورى نورة الشعبان أن سعادة المرأة السعودية لا توصف، معتبرة أن «السماح للمرأة بالقيادة يعد قراراً مفصلياً في تاريخ المرأة السعودية ويواكب المرحلة الحالية».
وأضافت إن «ملك الحزم أعطى المرأة حقها وفق الضوابط الشرعية التي يقرها ديننا الإسلامي»، مشيدة بـ «القرار المدروس وبدرجة كبيرة وعالية من الاحترافية».
وفي حين قال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان: «تاريخنا يكتب من جديد… في ظل سلمان العز والحزم والخير ومحمد الجد والرؤية والعمل المملكة تسير بخطى سريعة للمجد»، أكد وزير الثقافة والإعلام عواد العواد أن القرار سيُحدث نقلة نوعية ويزيل مخاوف افتراضية التي طالما أعاقت المضي قدماً في مركب التنمية والتطور.
وأوضح أن «القيادة راعت توفير المتطلبات والبنية التحتية كافة لتهيئة المناخ الملائم للمرأة لقيادة السيارة بأمن وسلامة مثل معاهد تعليم القيادة وغيرها من المتطلبات»، لافتاً إلى أن «المرأة السعودية جزء رئيسي من اهتمامات رؤية 2030 كما أراد مهندس الرؤية سمو ولي العهد» الأمير محمد بن سلمان.
وتوازياً مع الإشادات في الداخل السعودي، لاقى القرار موجة ترحيب دولية، لا سيما من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي نوه بـ «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح».
كذلك، وجّه البيت الأبيض رسالة تهنئة بالقرار الذي اعتبره «خطوة إيجابية»، ويساعد على «الترويج لحقوق المرأة وتوفير الفرص لها في السعودية». وأكد أن واشنطن «ستواصل دعم جهود السعودية لتقوية مجتمعها».
كما احتفت إيفانكا، ابنة الرئيس دونالد ترامب ومستشارته، بالسماح للنساء في السعودية بقيادة السيارات، ورأت في ذلك يوما تاريخيا للمرأة في المملكة.
بدورها، رحبت فرنسا بالقرار الذي يتماشى مع رؤية المملكة لعام 2030 لتطوير البلاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
عربياً، أشادت جامعة الدول العربية بـ «الخطوة الصحيحة والايجابية التي طال انتظارها»، فيما نوهت منظمة المرأة العربية بالنقلة النوعية التي تشهدها المرأة السعودية من خلال القيادة الرشيدة للملك سلمان بن عبد العزيز، والتزامه المشهود بإقرار حقوق المرأة.