أحال المباحثيون في إدارة مكافحة جرائم المال إلى النيابة ضابطاً قيادياً يتولى مهام التنسيق بين المعسكرات الأميركية في البلاد والشركات التجارية التي تتعامل معها، على خلفية الاشتباه في ارتكابه جرائم رشوة، نظير تسهيله الطريق أمام تعاقدات الشركات مع المعسكرات، وتعزيز هوامش أرباحها.
وذكرت مصادر أمنية ذات صلة أن النيابة أفرجت عن القيادي على ذمة القضية بكفالة قدرها 2000 دينار، بعدما تحفظت عليه أربعة أيام من أجل استكمال التحقيق الذي لا يزال مفتوحاً للتثبت مما إذا كان للقيادي المشتبه فيه شركاء آخرون.
تفاصيل القضية «أن المعسكرات التابعة للقوات الأميركية الموجودة في الكويت تتعامل مع شركات كثيرة لتسيير مصالحها في مجالات حيوية، منها التغذية والصيانة والعمالة والاحتياجات اللوجستية، ومن أجل هذا كان ضرورياً أن تكون هناك جهة تقوم بتنسيق وتسهيل العلاقات التجارية بين هذه المعسكرات والشركات المتعاملة معها، بقيادة ضباط كويتيين، ومن ضمن الفريق القيادي الضابط الكبير المشتبه فيه».
المصدر أكمل «أن البداية كانت شكاوى وردت إلى مكتب وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن الجنائي اللواء خالد الديين، تقدمت بها بعض الشركات المتعاملة مع القوات الأميركية، أخذت تتسع دائرتها من ظهور الكثير من الإجراءات المتعسفة والمتشددة يلاقيها موظفو وعمال الشركات أثناء تعاملهم مع المعسكرات، تدور في إطار التفتيش المشدد والتضييق واحتجاز الهواتف والتنقيب في ذاكرتها، الأمر الذي اكتشفت الشركات المتعاملة بمرور الوقت أن المسؤول عنه ليس المعسكرات الأميركية ذاتها، بل الجهة التي تضطلع بتنسيق العلاقات، والتي يُنوط بها تسهيل المعاملات وليس إعاقتها، وزاد الطين بلةً أن الشركات بدأت تقرن شكاواها بطلبات رشوة مالية تبلغ في بعض الأحيان 5000 دينار من أجل إزالة الإجراءات المتشددة أمام حركة الشركات المتعاملة، والظفر بالعقود مع المعسكرات الأميركية، وترددت الإشارة إلى ضابط قيادي بعينه هو الذي يتقاضى هذه الرشوة»!
وواصل المصدر «أن دائرة الشكاوى اتسعت إلى الحد الذي دفع اللواء الديين إلى إصدار أوامره إلى رجال المباحث في إدارة مكافحة جرائم الأموال، وعلى الفور انطلقت ماكيناتهم في كل اتجاه، وتحت سياج محكم من السرية، للتحري عن مدى صدق وجدية هذه الشكاوى، وكشفت التحريات اللثام عن أن الضابط القيادي المشتبه فيه طرأت على حساباته أرقام متضخمة، إلى جانب مظاهر ثراء مفاجئة، في أوقات وجيزة، ما أثار ريبة المباحثيين، وبالإمعان في التحريات تبين أنه بالفعل يتقاضى مبالغ الرشوة التي تصل إلى خمسة آلاف دينار، مقابل تسهيل المعاملات، وإزالة الإجراءات التعسفية المصطنعة من أمام الشركات».
ومضى المصدر يقول «إن مباحثيي جرائم الأموال لجأوا إلى زرع كاميرات في أماكن مختلفة من الجهة التنسيقية، لمراقبة حركة التعامل من كثب، كما اتفقوا مع عدد من المصادر السرية للذهاب بمعاملات إلى المعسكرات، مرفقة بمبالغ الرشوة المرقمة والمتسلسلة، حيث جرى توثيق الوقائع بالصوت والصورة، على دفعتين، وعلى الفور استصدر المباحثيون أمراً من الجهات المختصة، وسارعوا بإلقاء القبض على القيادي الكبير، وإحالته إلى النيابة التي أمرت بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات في القضية، انتهت بعدها إلى الإفراج عنه بكفالة قدرها 2000 دينار، مع استمرار التحقيقات في ملابسات الواقعة، بهدف الوقوف على كافة خيوطها المحتملة».