قال رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم، إنه في الوقت الذي كانت دول عديدة تتجاهل مأساة اللاجئين السوريين، كانت الكويت ومنذ البداية وبتوجيهات سمو أمير البلاد تتحمل مسؤولية حمل هذا الملف والتحذير منه وقرع الجرس إزاءه.
وأكد الغانم أن مأساة اللاجئين الفلسطينيين التي تعد المأساة الأقدم لن تسقط بالتقادم وأن على العدو الذي قهرهم ألا ينسى منطق التاريخ وحركته.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الغانم أمام الجمعية العامة للمؤتمر الـ 138 للاتحاد البرلماني الدولي المنعقد في جنيف والذي دار موضوعه حول ملف «المهاجرين واللاجئين».
وقال الغانم في كلمته «لقد احتاجت الكثير من الدول، وهي دول ذات إرث ديمقراطي وحقوقي عريق، إلى سنوات طويلة، حتى تتنبه إلى مأساة اللاجئين السوريين المندلعة من عام 2011» مقاربا في ذات الوقت الموقف الكويتي المبدئي الذي تبنى هذا الملف الإنساني منذ البدايات.
وأضاف «أنا عندما أتحدث عن هذا الملف، أتحدث بصفة العارف به، المتفاعل معه، فأنا من بلد، برغم عدم تجاوره جغرافيا مع سوريا، إلا أنه ارتأى، ومنذ الأيام الأولى انتهاج سياسية التدخل الإنساني في الملف السوري».
وأضاف أن الموقف الكويتي «كان مدفوعا بالاستراتيجية التي خطها سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، في عدم التورط السياسي والعسكري والاستخباري في هذا الملف المأساوي، واتخاذ خط مغاير، تمثل في التصدي لتبعات هذا الصراع إنسانيا وإغاثيا».
واستطرد الغانم قائلا «منذ مؤتمر المانحين الدولي الأول بشأن سوريا والذي عقد في الكويت في يناير عام 2013، مرورا بما تلاه من مؤتمرات مماثلة في الكويت عامي 2014 و 2015 ، انتهاء بمشروع القرار الأخير الكويتي السويدي المشترك في مجلس الأمن الدولي بشأن الهدنة الإنسانية في الغوطة الشرقية في سوريا، تتحمل الكويت عبء التحذير، ولفت الانتباه، وقرع الجرس، إزاء هذا الملف المؤلم».
وقال الغانم إنه برغم كل الجهود التي تبذل من العديد من الأطراف، وعلى رأسها المفوضية الدولية السامية لشؤون اللاجئين «لكن من واجبي أن أقول بأن ما تم عمله غير كاف، غير كاف لمنع زيادة أعداد اللاجئين، غير كاف لمساعدة دول الجوار في تحمل أعباء هذا الملف».
وفيما يتعلق بملف اللاجئين الفلسطينيين، قال الغانم «حديثي عن ملف اللاجئين السوريين، لن ينسيني ملف اللاجئين الأهم والأقدم، ألا وهو ملف اللاجئين الفلسطينيين، وإذا كانت مأساة اللاجئين السوريين بكل هذا القدر من المأساوية والتراجيدية عمرها سبع سنوات فقط ، فلكم أن تتخيلوا وضع اللاجئين الفلسطينيين الذي يبلغ عمر مأساتهم الكبرى سبعين عاما بالتمام والكمال».
وأضاف «فمنذ الاغتصاب الصهيوني للأرض الفلسطينية عام 1948، والمجازر الوحشية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وما تبعها من أكبر حملة تهجير بشري في التاريخ، والتي صدرت على إثرها قرارات أممية كثيرة مهمة، أشهرها القرار الدولي 194 الصادر في ديسمبر 1948 مرورا بأكثر من 30 قرارا دوليا صدرت تباعا وهذا الملف يتضخم ويتفاقم في ظل صلف وتعنت الكيان الغاصب».
وقال الغانم «نحن نتحدث عن 5.5 مليون لاجئ فلسطيني من أصل 22 مليون لاجئ في العالم، هم الأكثر، والأقدم، والأكثر إهمالا وتجاهلا وتهميشا».
وأضاف «إذا كان الكيان الذي هجرهم وقهرهم وطردهم، يعتقد بأن هذا الملف سيسقط بالتقادم فهو واهم، وإذا كان يراهن على النسيان، فذاكرة الشعوب حية ومؤثثة بحقائق التاريخ».
وقال الغانم «أقول لمن ظلمهم واغتصب حقوقهم وأمعن في قهرهم ، احذر، فحركة التاريخ لا ترحم، والمجتمع الدولي لن يصبر كثيرا، والعالم الحر ما زال يملك ضميرا نابضا بكل ما هو أخلاقي».
واختتم الغانم كلمته قائلا «ليس هناك كيان محصن، أو مستثنى، أو مدلل، و اعلم أيها الغاصب، أن الفلسطينيين والعرب لن يصبحوا نسيا منسيا، ولن يتحولوا إلى مادة دراسية في الانثروبولوجيا، وما تظنه حلما، سيصار كابوسا».
وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم:
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي السيدة / غابرييلا كويفاس بارون
رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي
الإخوة أصحاب المعالي رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود البرلمانية
السيدات والسادة الحضور ،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية ، أحيي الجمعية العامة للاتحاد على اختيار ملف
(المهاجرين واللاجئين) ، موضوعا للمناقشة العامة في هذه الدورة
إن أهمية هذا الملف محل النقاش والبحث، كانت وما زالت تكمن في أنه ملف متصاعد ومتزايد، وأنه برغم كل الجهود المبذولة على المستوى الدولي، تشريعيا وسياسيا وإغاثيا، فإن هذا الملف القديم والمزمن، آخذ في التفاقم.
وأنا بدوري سأغتنم هذه الدقائق لأوضح حقائق في غاية الأهمية
أولا، نحن من منطقة وإقليم، على ألفة ودراية وخبرة للأسف، ومنذ ثلاثينيات القرن المنصرم، بملف قضية اللاجئين والنازحين،
ثانيا ، قسرية وإرغامية هذا الملف
فنحن نتحدث عن ملايين أرغموا وقسروا على ترك أوطانهم وديارهم ومرابع طفولتهم، إما بسبب احتلالات غاشمة، أو صراعات مسلحة كانوا وقودا لها، أو بسبب سياسات قمعية طالتهم بشكل جماعي وأعمى.
أما الحقيقة الثالثة، فهي أن قضية اللاجئين بالتبعية، تشكل حملا ثقيلا ومفروضا على دول أخرى، حتم واجبها الأخلاقي والإنساني استضافة هؤلاء، على أنها استضافة مؤقتة، لتتحول مع مرور الزمن إلى أمر واقع، وحقيقة ديمغرافية غير مرغوب فيها.
الإخوة الحضور
أريد هنا فقط التذكير بحقيقة مرة، نتعايش معها اليوم
لقد احتاجت الكثير من الدول، وهي دول ذات إرث ديمقراطي وحقوقي عريق، إلى سنوات طويلة، حتى تتنبه إلى مأساة اللاجئين السوريين المندلعة من عام 2011
حدث هذا فقط عندما تدفقت، جموع الهاربين والفارين من الجحيم على المنافذ الحدودية البرية والموانئ البحرية لتلك الدول بشكل متسارع ومتصاعد
عندئذ ، تذكرت تلك الدول ونخبها السياسية والحقوقية، الحقيقة الماثلة كجرح مفتوح في قلب الضمير العالمي ،
والمتمثلة بمأساة ملايين اللاجئين السوريين
وأنا عندما أتحدث عن هذا الملف ، أتحدث بصفة العارف به، المتفاعل معه
فأنا من بلد، برغم عدم تجاوره جغرافيا مع سوريا، إلا أنه
ارتأى، ومنذ الأيام الأولى انتهاج سياسة التدخل الإنساني في الملف السوري، مدفوعا بالاستراتيجية التي خطها سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، في عدم التورط السياسي والعسكري والاستخباري في هذا الملف المأساوي، واتخاذ خط مغاير، تمثل في التصدي لتبعات هذا الصراع إنسانيا وإغاثيا.
فمنذ مؤتمر المانحين الدولي الأول بشأن سوريا والذي عقد في الكويت في يناير عام 2013 ، مرورا بما تلاه من مؤتمرات مماثلة في الكويت عامي 2014 و 2015 ، انتهاء بمشروع القرار الأخير الكويتي السويدي المشترك في مجلس الأمن الدولي بشأن الهدنة الإنسانية في الغوطة الشرقية في سوريا، تتحمل الكويت عبء التحذير ، ولفت الانتباه، وقرع الجرس، إزاء هذا الملف المؤلم.
وبرغم كل الجهود التي تبذل من العديد من الأطراف، وعلى رأسها المفوضية الدولية السامية لشؤون اللاجئين
الا ان من واجبي أن أقول بأن ما تم عمله غير كاف
أقول غير كاف ، وهو فعلا كذلك
غير كاف لمنع زيادة أعداد اللاجئين
غير كاف لمساعدة دول الجوار في تحمل اعباء هذا الملف
الإخوة الحضور
حديثي عن ملف اللاجئين السوريين، لن ينسيني ملف اللاجئين الأهم والأقدم، ألا وهو ملف اللاجئين الفلسطينيين
وإذا كانت مأساة اللاجئين السوريين بكل هذا القدر من المأساوية والتراجيدية عمرها سبع سنوات فقط ، فلكم أن تتخيلوا وضع اللاجئين الفلسطينيين الذي يبلغ عمر مأساتهم الكبرى سبعين عاما بالتمام والكمال.
فمنذ الاغتصاب الصهيوني للأرض الفلسطينية عام 1948 ، والمجازر الوحشية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وما تبعها من أكبر حملة تهجير بشري في التاريخ، والتي صدرت على إثرها قرارات أممية كثيرة مهمة، أشهرها القرار الدولي 194 الصادر في ديسمبر 1948
مرورا بأكثر من 30 قرار دولي صدرت تباعا
وهذا الملف يتضخم ويتفاقم
في ظل صلف وتعنت الكيان الغاصب
الكيان الذي يرى نفسه أكبر من قرارات الأمم المتحدة ومبادئ الشرعة الدولية
نحن نتحدث عن 5.5 مليون لاجئ فلسطيني من أصل 22 مليون لاجئ في العالم
هم الأكثر
والأقدم
والأكثر اهمالا وتجاهلا وتهميشا
وإذا كان الكيان الذي هجرهم وقهرهم وطردهم ، يعتقد بأن هذا الملف سيسقط بالتقادم فهو واهم
وإذا كان يراهن على النسيان، فذاكرة الشعوب حية ومؤثثة بحقائق التاريخ
والخطر كل الخطر، يتجسد في الذي يبدو كامنا ومسكوتا عنه، والذي يعتقد البعض واهما بأن النسيان قد طواه
لذلك أقول لمن ظلمهم واغتصب حقوقهم وأمعن في قهرهم
احذر
فحركة التاريخ لا ترحم
والمجتمع الدولي لن يصبر كثيرا
والعالم الحر ما زال يملك ضميرا نابضا بكل ما هو أخلاقي
وعليك ألا تنسى بأن العالم صبر كثيرا ، لكنه انتفض في النهاية ضد الرق والعبودية
وانتظر كثيرا ، لكنه انتصر في النهاية للمرأة
هذا هو منطق التاريخ
الأحرار في العالم ينتظرون مليا، لكن ما يلبثوا أن ينتفضوا
وليس هناك كيان محصن، أو مستثنى، أو مدلل
فاعلم أيها الغاصب
أن الفلسطينيين والعرب لن يصبحوا نسيا منسيا، ولن يتحولوا إلى مادة دراسية في الانثروبولوجيا
وما تظنه حلما، سيصار كابوسا.