شركات تبحث عن وسائل لمحاربة الحسابات الزائفة

2-46

في مكتبه الواقع في حي سوهو في مانهاتن، يقضي مايك شميدت وقته في التحري وتصيد الحسابات الزائفة والوهمية على «انستغرام».
بعضها واضح، مثل ذلك الذي لم ينشر صورة ويفتقر الى صورة الملف الشخصي ويتابع حوالي 7500 حساب، الحد الأقصى المسموح به من قبل موقع التواصل الاجتماعي. البعض الآخر أصعب، حيث اضطر شميدت الى المرور والتنقل قليلاً على حساب يحمل اسم ailebnoblk قبل أن تظهر الصورة نفسها للسيارة ثلاث مرات متتالية، وهو دليل على أنه لا يوجد شخص حقيقي وراء الملف الشخصي.
يقول شميت ان «مقدار نشاط البوت على هذه المنصات جنوني لجهة عدد الحسابات الجديدة والأوقات التي يسجل بها هؤلاء الأشخاص علامات الاعجاب وتعليقهم برسائل غير مرغوب فيها والتعليقات الايجابية والرموز التعبيرية ذات الوجه السعيد».
ابتكرت دوفيتال Dovetale، وهي شركة برمجيات مؤلفة من أربعة أشخاص شارك في تأسيسها شميدت في عام 2016، مجموعة من التكتيكات لتحديد أعداد كبيرة من الحسابات الزائفة التي تتابع شخصيات معروفة على انستغرام. ثم تقوم بتجميع تلك المعلومات للمسوقين، الذين باتوا يتشككون بشكل متزايد في أعداد المتابعين الذين يحدد عددهم في كثير من الأحيان مبلغ المال الذي يمكن لنجوم وسائل التواصل الاجتماعي تقاضيه من المعلنين.
يتدفق المسوقون على شركات مثل «دوفيتال»، لا سيما مع ما كشفته دراسة حديثة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز تناولت بالتفصيل الصناعة المزدهرة للأشخاص الذين يشترون متابعين مزيفين والمشاركة الاحتيالية على تويتر ومواقع وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. بعض هذه الحسابات المزيفة، وفي محاولة لتبدو مشروعة، تستخدم المعلومات الشخصية لأشخاص حقيقيين من دون علمهم. وقد أثار هذا القلق بين العلامات التجارية ووكالاتها، التي تعتمد في الغالب على مقاييس مثل عدد المتابعين للحساب عند توظيف الأشخاص على يوتيوب وانستغرام للترويج لمنتجاتها. ويمكن لنجوم وسائل التواصل الاجتماعي أن يجنوا آلاف الدولارات مقابل عملية نشر واحدة للترويج لمنتج ما.
يقول إريك شواب، المؤسس المشارك لشركة سايلو، الذي يدقق في المؤثرين بحثاً عن عمليات الاحتيال، ويهدف إلى تخصيص درجة رقمية لمحتواهم، مثل تصنيف نيلسين، «كنا نعلم أن يوم الحساب سيأتي. الكثير من العلامات التجارية والوكالات والبائعين يتواصلون معنا عبر البريد الالكتروني، ونجري معهم محادثات منذ فترة بهذا الخصوص».
وشهد كريشنا سوبرامانيان، مؤسس شركة Captiv8، التي تربط بين العلامات التجارية والنجوم المؤثرين، زيادة في طلبات الكشف عن الاحتيال من الوكالات. ويقول «الجميع يسارعون بالتأكيد لأنهم لا يريدون أن يتحملوا المسؤولية».
يعكس الاهتمام بمثل هذه الشركات مدى سهولة الحصول على شعبية زائفة على منصات مثل انستغرام، حيث يبدو أن البوتات تعمل من دون قيود، حتى في الحسابات التي لم يدفع الناس مقابلها. وفي حين أن العديد من المعلنين قد أصبحوا على دراية بهذا الأمر، ويحاولون التركيز أكثر على جودة المحتوى أو التعليقات الايجابية، فإن أرقام المتابعين لا تزال لها الأهمية الأكبر.
«على الرغم من أن العلامات التجارية تبحث عن المزيد من المشاركة، فإن الأجر الفعلي الذي يحصل عليه المؤثرون لا يزال قائماً على رقم المتابعين»، بحسب أليفيا لاتيمر، وهي مصورة لديها حوالي 102 ألف متابع على انستغرام. وتقول لاتيمر، التي عملت مع علامات تجارية تشمل لاش كوزمتيكس وهوليستر، إنها تقاضت حوالي 1200 دولار نظير نشر محتوى يحمل علامة تجارية. وأضافت أنها تعرف أشخاصاً لديهم مليونا متابع، يتقاضون 40 ألف دولار لكل منشور.
وهذا يعني أن هناك حاجة الى أنواع جديدة من أعمال التحقق والتدقيق عند العلامات التجارية، التي لا تزال تسعى الى جذب الشباب عبر الانترنت. وتقول شركة دوفيتال إنها تستخدم أكثر من 50 مقياساً لتحليل متابعي الحسابات ذات الشعبية الكبيرة على انستغرام، بما في ذلك اللغة المستخدمة في التعريف الشخصي للحساب (البيو)، والمعدل الذي تصل إليه اللايكات والمتابعات، والبلد الأصلي. (على سبيل المثال، يشكل أن يكون لدى أحد المؤثرين عدد كبير من المتابعين من تركيا والبرازيل والصين، إشارة تحذير لـ«دوفيتال»، التي شهدت مراراً وتكراراً أتباعاً مزيفين من تلك البلدان).
وتعترف «دوفيتال» بأن أساليبها ليست مضمونة، لكنها ذات قيمة كافية في المشهد القاتم القائم، إذ تقول وكالة 360i إنه من غير المحتمل الآن الاستعانة بمؤثرين في الحملات، إذا كانت قاعدة بيانات دوفيتال تقول إن أكثر من %2 الى %3 من أتباعهم عبارة عن بوتات. وتقول دوفيتال، في المتوسط، %16.4 من المتابعين على أكبر 20 حساباً في انستغرام زائفين.
وتقول سايلو، التي تطلب من المؤثرين تقاسم الوصول إلى إحصائيات منشوراتهم العامة والخاصة، أنها رفضت %77 من المؤثرين، الذين حاولوا التسجيل على منصتها، بعد أن أظهرت حساباتهم مشكلات، مثل الارتفاعات غير الطبيعية في المشاركة في المنشورات، أو عدداً كبيراً من التعليقات المحملة بالايموجي، التي تشتهر بها البوتات.
ويقول جيف سيمونيس، رئيس قسم التواصل الاجتماعي في MediaCom، الذي يرشح سايلو للعملاء «في غياب الضغط المباشر على المنصات، تعتبر هذه وسيلة للمعلنين للسيطرة أكثر على إنفاقهم الخاص، حتى لا يكونوا تحت رحمة المنصات». وفي حين قالت انستغرام إنها أزالت العديد من الحسابات، التي كانت تنتهك بشكل صارخ شروطها، فإن «الكثير من النشاط لمرة واحدة يذهب من دون تدقيق».
وقالت متحدثة باسم انستغرام إن «التقديرات الداخلية للمنصة تظهر أن الحسابات العشوائية غير الحقيقية تشكل جزءاً صغيراً» من مستخدمي انستغرام، البالغ عددهم 800 مليون شهرياً.
ويعتقد البعض أن الوعي الجديد حول البوتات يسلط الضوء على التوقعات المضللة لدى المسوقين، بشأن عدد الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم من خلال المؤثرين.
وأدت التغييرات في الخوارزميات على فيسبوك وانستغرام الى الحد من عدد الأشخاص، الذين يرون مشاركات الشخص من دون ترويج مدفوع. وما لم يدفع المعلنون لانستغرام للحصول على المعلومات، يتعين عليهم حينها الاعتماد على لقطات مصورة يقدمها المؤثرون للحصول على بيانات حول عدد الأشخاص، الذين شاهدوا المشاركة والمنشور. ويقول مؤثرون، مثل لاتيمر، انه حتى في هذه الحالة، لا تطلب جميع العلامات التجارية هذه الصور.
ويقول تايلر ستارك، مدير التسويق في شركة Traeger Grills، ان العديد من المؤثرين، لا سيما على فيسبوك، لا يصلون إلا إلى %2 من جمهورهم، وهذا ما يجعل من المؤثرين الأقل شهرة أكثر جاذبية للتركيز على المحتوى.
ومع ذلك، يقول بوب غيلبريث، الرئيس التنفيذي لشركة أهالوغي، وهي شركة تكنولوجيا تسويقية في سينسيناتي، انه سمع مؤخرا أن تاجر تجزئة كبيرا أوصى بأن لا تتعامل العلامات التجارية الا مع المؤثرين الذين لديهم ما لا يقل عن 200 ألف متابع.
«معظم العلامات التجارية تقول إن المتابع هو الشخص الذي سيشاهد المنشور بكل تأكيد»، بحسب غيلبريث، مضيفا «لا يقتصر الأمر على أن معظم الأشخاص لا يشاهدون المشاركات حتى لو كانوا أشخاصا حقيقيين، بل ان العديد منهم ليسوا أشخاصا حقيقيين».
شركة Soapbox Influencer Marketing، وهي شركة تربط بين العلامات التجارية والمؤثرين، تعرض دراسة حالة على موقعها على الانترنت لحمص جديد مصنوع من حبوب ماركة «بوش بينز». ويدعي الموقع أن الحملة التي تضمنت 519 مشاركة ومنشورا للمؤثرين، أسفرت عن زيادة هائلة في عدد المشاهدين بلغت 891 مليونا، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد سكان أميركا.
وعندما سئلت عن هذا الرقم، قالت رئيسة الشركة، بيث ستيفنز، إنها «أدرجت بشكل غير صحيح على موقعنا الالكتروني وتحتاج الى تصحيح». وأضافت أن «بوش بينز» عملت أيضا مع «عدد آخر من مزودي الخدمات الاجتماعية والمؤثرين»، الأمر الذي صعب على Soapbox تقييم الرقم بشكل مباشر.
لا يزال غيلبريث من المؤيدين للعمل الذي يأتي من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه أصبح يركز على توظيف المؤثرين المبدعين الذين لديهم 10 آلاف متابع أو أكثر. وتدفع الشركة تكاليف ترويج وصفاتهم أو نصائحهم وتتابع الزيارات اللاحقة لمواقعهم الالكترونية، ذلك أن البيانات، بحسب ما يقول، لا يمكن الاعتماد على صدقيتها.
ويقول كوري مارتن، رئيس تسويق المؤثرين في 360i إن الوكالة تدفع على نحو متزايد لانستغرام للترويج للمشاركات من المؤثرين، مما يسمح للوكالة «بتعقب وتتبع سلوك المستهلك بطريقة لم تكن ممكنة في السابق».
ويأمل البعض في أن يتخذ تطبيق انستغرام المزيد من الاجراءات، لا سيما أنه يخطط لتقييد الوصول الى بعض بياناته في وقت لاحق من هذا العام، ما قد يعيق عمل الشركات المتصيدة للبوتات مثل «دوفيتال».

شاهد أيضاً

مذا يحدث لجسمك إن نمت أقل من 6 ساعات نوم في اليلة؟

تقول العديد من الدراسات إن البالغين يجب أن يحصلوا على سبع إلى تسع ساعات نوم …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.