من أكثر الحالات الطبية التي تثير الجدل في كل سنة حول موضوع الصيام هي الحالات المصابة بالسكري. ولا يرجع ذلك الى انتشار هذا المرض محليا فقط، بل ايضا الى التنوع الكبير في انواعه وشدته وطريقة علاجه من مريض الى آخر. وتبعا لذلك، تختلف النصيحة الطبية التي تناسب كل مريض خلال فترة رمضان.
بين د. عبدالنبي العطار استشاري ورئيس وحدة السكري في مستشفى الاميري ومعهد دسمان ان قرار امكانية صيام المريض وامانه على صحته يختلف من مريض الى آخر وفق حالته الصحية ونوعية مرضه وعلاجه. وقال: الصيام فرض على كل مسلم يتمتع بصحة تسمح له بالصيام ولا يتعارض علاجه معه. لذا، من المهم ان يراجع المريض معالجه قبل رمضان بفترة حتى يناقش معه قرار صيامه ويعرف النصيحة والارشادات المناسبة له. وان سمح له معالجه بالصيام فعليه استشارة اختصاصي التغذية لتنظيم وجباته الغذائية وحصص الكربوهيدرات التي تناسب جرعاته الدوائية.
حالات تنصح بالإفطار
بشكل عام، ينصح المصابون بالحالات التالية بالإفطار لخطورة الصيام على صحتهم:
– المصابون بالسكر من النوع الاول لأن علاجهم يتطلب أخذ عدة جرعات من حقن الانسولين. مما يعرضهم لخطر الاصابة بنوبات الهبوط الخطرة. ومن الخطر الغاء اي حقنة منها لان ذلك يعرض المصاب لخطر ارتفاع السكر الشديد وحموضة الدم ومشاكل الكلى ومضاعفاتها.
– المصابون بالسكر من النوع الثاني ولديهم مضاعفات صحية خطرة مثل فشل الكلى او امراض القلب او اعتلال في العين والاطراف.
– المصابون بالسكر من النوع الثاني الذين يتطلب علاجهم تناول عدة انواع من الاقراص بالإضافة الى حقن الانسولين. حيث لا يمكن تعديل مواقيتها لتتلاءم مع فترة الافطار القصيرة في رمضان (خاصة ان فترة الصيام خلال فصل الصيف طويلة).
– المصابون بالسكر من النوع الثاني وتكون حالتهم غير مستقرة (ما بين هبوط وارتفاع شديد في سكر الدم) ولم تتمكن العلاجات من السيطرة على استقرار معدل سكر الدم.
حالات يسمح لها بالصيام
المصاب بالسكر من النوع الثاني الذي يسمح له بالصيام هو الذي يمكن ان يسيطر على حالته عبر اتباع حمية غذائية وتناول اقراص يمكن تقسيم مواعيدها خلال وجبات الافطار، ويشترط أيضا أن يكون خاليا من المضاعفات الخطرة او امراض اخرى تستوجب الافطار.
استفد من الصيام
نصح الدكتور من يسمح له بالصيام بالاستفادة منه عبر اتباع حمية صحية تسهم في خسارة الوزن الزائد. ففقدان الوزن له فوائد كبيرة على الصحة ويساعد على تحسين استقرار سكر الدم وتحسين حساسية الخلايا للأنسولين، ويمكن ان يؤدي ذلك الى تقليل الجرعات الدوائية. كما ينصح المدخن باستغلال الصيام في الاقلاع عن التدخين، فذلك يعود عليه بفوائد صحية جمة ويقي من الاصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين والجلطة.
خطورة الصيام رغم نهي الطبيب
بعض المرضى يصومون رغم منع الطبيب نظرا لخطورته على صحتهم. ومن يقدم على ذلك فهو يعرض نفسه لاحتمال الاصابة بمضاعفات خطرة مثل:
– هبوط السكر الحاد نتيجة لأخذه الانسولين من دون تناول كمية كربوهيدرات كافية او نتيجة الجفاف والمجهود.
– ارتفاع السكر الحاد نتيجة لتناوله كمية مفرطة من الطعام او اهماله لأخذ جرعة من الانسولين لأنه صائم.
– مضاعفات الجفاف والاجهاد الحراري مثل اعتلالات الكلى وارتفاع حموضة الدم وانسداد الشرايين الطرفية او القلب. وذلك وارد للعاملين في الجو الحار وتحت اشعة الشمس.
عالج السكر منذ البداية
شدد د. عبدالنبي على أهمية السيطرة على اتزان معدل سكر الدم منذ بداية تشخيص الاصابة، وذلك للحفاظ على الصحة والوقاية من الامراض الاخرى. وأضاف قائلا «البعض لا يلتزم بخطة العلاج او لا يرغب في العلاج اعتقادا منه بأنه لا يزال هناك وقت لتأجيل مرضه وعلاجه. او اعتقادا منه بأن الارتفاع الخفيف في سكر الدم ليس خطرا. بيد أن تكرار نوبات ارتفاع السكر مع مرور الوقت ستسبب اضرارا تراكمية ومشكلات صحية كثيرة تؤثر سلبا في صحة الشرايين وتسبب نقص تروية الانسجة وموت الاعصاب الطرفية والجلطة وامراض القلب في سن مبكرة. بينما كان يمكن تفادي كل ذلك لو التزم المريض بخطة العلاج وسيطر على مرضه واستقرار السكر منذ البداية».
أعراض الهبوط
في المرحلة المبدئية من حدوث الهبوط في سكر الدم قد تظهر على المريض جميع او بعض الاعراض التالية مثل:
– رجفة اليدين
– تسارع ضربات القلب
– فرط التعرق
– عدم قدرة على التركيز والتشويش
– حدة في ردود الفعل (العصبية والغضب)
– الدوخة والدوار
– مع زيادة شدة الهبوط سيدخل المصاب في نوبة الغيبوبة او التشنج. واذا لم يتم اسعافه في الوقت المناسب فقد يؤدي ذلك الى وفاته.
بيد ان هناك حالات خاصة لا تظهر عليها أي اعراض، مثل التي اصيبت سابقا ومرارا بنوبة الهبوط وترتب على ذلك فقدان جسمها ميزة الاحساس بهبوط السكر. فتصاب بنوبة الهبوط والاغماء فجأة. وتنصح هذه الحالات بالإكثار من قياس معدل سكر الدم لاكتشاف انخفاض السكر مبكرا.
ماذا تعمل إذا حدث الهبوط؟
ان شعر المريض بأعراض الهبوط (قبل الوصول الى الاغماء) او ان قاس معدل سكر الدم ليكتشف ان قراءته منخفضة (اقل من 4 ميللي-مول) فعليه الاسراع بتناول طعام سكري واتباع قاعدة الـ15. وتنص هذه القاعدة على تناول طعام يحتوي على كمية 15 غ من السكر البسيط وسريع الامتصاص مثل: (ملعقة سكر مذابة في ماء، ملعقة من المربى او العسل، نصف كوب من العصير المحلى، 3 تمرات) ثم الانتظار 15 دقيقة. فاذا توقفت الاعراض او ارتفعت قراءة سكر الدم الى الطبيعي فذلك دليل على انتهاء نوبة الهبوط. أما ان استمرت الاعراض، فعليه تكرار الخطوة نفسها مرة ثانية. أما في حالة وصول المريض الى مرحلة الاغماء والتشنج فيجب حقنه بمركب الغلوكاجون في العضل وهو نوع من الهرمونات المضاد لعمل الانسولين بسرعة قبل ان تحدث له مضاعفات صحية خطرة.
لا تستهن بمرض السكري
مرض السكري (سواء النوع الاول او الثاني) من الامراض الخطرة التي يجب عدم الاستهانة بعلاجها جيدا. حيث اثبتت الدراسات ارتباطه الوثيق مع الاصابة بتصلب الشرايين (بخاصة القلب) وأمراض القلب والجلطات ونوبات القلب المميتة في حالة عدم السيطرة عليه بشكل جيد. وبينت ان اهمال العلاج بالطريقة الصحيحة يقترن مع التالي:
– انسداد شرايين القلب هو السبب في %65 من حالات الوفاة
-يعاني %28.5 من مرضى السكري فوق الاربعين عاماً من خلل ما في شبكية العين
– مرض السكري وراء %44 من حالات الفشل الكلوي حديثة التشخيص
– %60 – %70 من مرضى السكري يعانون اعتلالا يتعلق بالجهاز العصبي.
– %60 من حالات بتر الاطراف السفلى مرتبطة بمرض السكري.
راجع الطبيب فوراً إن شعرت بآلام الصدر
شدد د. عبدالنبي على أهمية عدم الاستخفاف بآلام الصدر لدى مريض السكر. وقال «على مريض السكري مراجعة الطبيب بأسرع فرصة عند شعوره بألم في الصدر وخاصة لو رافقته الصفات التالية:
1 – ألم في منتصف الصدر ويمتد الى الجانب الايسر او الكتف.
2 – يكون مثل الثقل على الصدر او الانقباض الشديد او الحرارة الداخلية.
3 – فرط التعرق بشكل غير طبيعي.
4 – يصاحب المجهود البدني ويزول او يتحسن عند الراحة،
فقد يدل ذلك على قلة تروية عضلة القلب واصابة المريض بضيق في شرايين القلب او انسدادها. وعليه، يجب اخذ الحيطة بمراجعة الطبيب سريعا.
إرشادات للمريض الذي يسمح له بالصيام
– تذكر ان السيطرة على سكر الدم وضغط الدم والكوليسترول امر مهم للحفاظ على الصحة وبخاصة صحة القلب.
– تعجيل الافطار وتأخير السحور بقدر الامكان.
– الاكثار من فحص معدل سكر الدم وخاصة خلال فترة الصيام لاكتشاف هبوط السكر مبكرا والافطار بسرعة قبل ان تحدث مضاعفات خطرة.
– ان يكون مستعدا نفسيا ومتقبلا انه سيفطر مباشرة ان اكتشف هبوط السكر، وحتى لو تبقى على الافطار دقيقة. فمضاعفات نوبة الهبوط تتسارع بوتيرة سريعة لتسبب الاغماء والتشنج خلال لحظات ان لم يتناول طعاما يرفع معدل سكر الدم.
– عدم ممارسة نشاط يسبب مجهودا بدنيا او تعبا او تعرقا شديدا إلا بعد الافطار. وعليه تأجيل ممارسة الرياضة الى ما بعد الافطار.
– الالتزام بتناول الادوية في مواقيتها التي حددها المعالج من دون تهاون.
– الحرص على شرب الماء طوال فترة الافطار وذلك لتعويض السوائل التي فقدها الجسم وللوقاية من الجفاف.
– استشارة الطبيب بأسرع وقت إن شعر بأعراض غريبة او استمر معه الارتفاع في السكر او شعر بألم في الصدر او حدثت له مضاعفات صحية.