كويت تايمز: أدى حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد صلاة العيد في مسجد الدولة الكبير وفي معيته سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ومعالي رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ومعالي كبار الشيوخ وسمو الشيخ ناصر المحمد وسمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر الصباح ومعالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ خالد الجراح ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح وكبار المسؤولين بالدولة.
وأكد إمام وخطيب المسجد الكبير الدكتور وليد العلي على أن المفسدين في كل زمان ومكان هم أعداء البشرية، وسيتربصون بالكويت الدوائر ما دامت عاصمة للإنسانية.
وخلال خطبة العيد في المسجد الدولة الكبير شكر العلي الله تعالى «الذي هيأ لنا هذه الأجواء الإيمانيةَ بسواعدِ المُخلصين من رجال الأمن».
وفي ما يلي نص الخطبة:
الخُطبة الأُولى:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وصلَّى الله وسلَّم على من أرسله ربُّه شاهداً ومُبشِّراً ونذيراً، وامتنَّ علينا ببعثته وجعله داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً مُنيراً.
الله أكبر؛ ما صام مُسلمٌ نهاراً وأفطر،
الله أكبر؛ ما تهجَّد مُؤمنٌ ليلاً وتسحَّر،
الله أكبر؛ ما أقبل شهرُ رمضانَ وأدبر،
الله أكبر؛ ما تنفَّس صُبحُ العيدِ وأسفر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد:
فكبِّروا الله واشكروه على إكمال عدَّة رمضان أيُّها المُؤمنون، واتَّقوا الله تعالى ربَّكم ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
ثُمَّ اعلموا أنَّ من أجلِّ نعم البَرِّ الجواد: سَوقَه جلَّ جلاله فضلَه العظيمَ للعباد، وذلك إمَّا أن يكون في العافية بالأجساد، وإمَّا أن يكون بمنَّةِ الأمنِ والرَّخاءِ بالبلاد، وإمَّا أن يكون بقُوتٍ حلالٍ طيِّبٍ للأكباد.
ومصداق ذلك: قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (من أصبح منكم مُعافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قُوت يومه: فكأنَّما حيزت له الدُّنيا) رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه من حديث عُبيدالله بن مُحصنٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه.
فإذا حظيت بعافيةٍ ببدنك فلا أمراضَ تُزعزعها؛ وكُنت في بلدةٍ آمنةٍ مُطمئنَّةٍ ولا خوفَ يُفزِّعها؛ وأتاك قُوتُك رغداً ولا مجاعةَ في الطِّريق تقتطعها: فقد أسبغ الله تعالى عليك رزقَه وحباك بإعانته، واصطفاك الله سُبحانه وتعالى بعد ذلك لعبادته، قال الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.
وإذا تأمَّلنا معشرَ السَّادةِ الكرامِ هذا الرِّزقَ المُتقدِّمَ الذِّكرِ في صُوره الثَّلاث: أدركنا فضلَ الله على بلدتنا الطَّيِّبةِ حيث سارت أرزاقُه إليها سَيْرَ الحاثِّ، فما أحوجَنا وقتَها لامتثال أمره الكريم في كتابه المسطور: {كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}.
اللَّهُمَّ اجعل هذا البلد آمناً مُطمئنَّاً وأسبغ عليه نعمَك الباطنةَ والظَّاهرة، وادفع عنه برحمتك يا أرحمَ الرَّاحمينَ كُلَّ الفتنِ المُدلهمَّةِ والمحنِ القاهرة.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إذا اطمأنَّ بالصِّيام قلبٌ وانشرحَ بالقيام صدرٌ وقرَّت بالتِّلاوة عينٌ وصَلَحَ بالصَّدقة بالٌ: فلنشكر الله تعالى الذي قد هيَّأَ لنا هذه الأجواءَ الإيمانيَّةَ بسواعدِ المُخلصينَ من الرِّجال، رجالِ الأمنِ الذين نحتسبُ على الله تعالى أن يجزيهُم أجرَ المُتهجِّدينَ والمُتصدِّقينَ بالأموال، فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان في غَزَاةٍ فقال: (إنَّ أقواماً بالمدينة خَلْفَنا، ما سلكنا شِعباً ولا وادياً إلا وهُم مَعَنا فيه، حَبَسَهُم العُذر) رواه البُخاريُّ.
ففي رمضانَ الماضي ضبطُوا مُنتهكي حُرمة جامعِ الصَّادق، وبعد العيد وأدُوا خليَّةَ العَبْدَلِي وهي في مهدِ مُخطَّطِها المارق، وبالأمسِ أحبطُوا مُخطَّطاً إرهابيًّا بقُوَّةِ المُتيقِّظِ المُتربِّصِ الواثق.
فبارك الله تعالى في قطاعِ الأمنِ الذي لا يعرفُ الكللَ ولا الانقطاع، وشكر الله تعالى مساعيَهم المشكورةَ وزيراً ووكيلاً وكافَّةَ رجالِ القطاع.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إنَّ المُفسدين في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ هُم أعداءُ هذه البشريَّة، وسيتربَّصُونَ بالكُويْت الدَّوائرَ ما دامت عاصمةً للإنسانيَّة.
ولا تحسبنَّ المُفسدينَ في الأرض يُراعُون حُرمةَ الزَّمان، ولا يَدُر في خَلَد أحدٍ منَّا أنَّهم يعتبرُون قُدسيَّةَ المكان.
أما استهدفوا أميرَ المُؤمنينَ عُمرَ بنَ الخطَّاب؛ في صلاةِ الفجرِ وهُو قائمٌ يُصلِّي في المحراب؟! أما قصدُوا ذا النُّوريْنِ عُثمانَ بنَ عفَّان؛ وهو في بيته يُناجي المولى بتلاوةِ القُرآن؟! أما غدرُوا بالخليفةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ؛ وهُو لصلاة الفجر من رمضانَ ذاهب؟!
وصفَهُم رسولُ الله وهُو خيرُ البشريَّة؛ بأنَّهم أخبثُ خلقِ اللهِ وأنَّهم شرُّ البريَّة، وتوعَّد بقتلهم إطفاءً لفتنتهم الرَّديَّة، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (يقتلون أهل الإسلام؛ ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم: لأقتلنَّهم قتلَ عادٍ) رواه البُخاريُّ ومُسلمٌ من حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إنَّ الرَّاصد والمُتابع لخداع هذه المُنظَّمات الإرهابيَّة؛ ومكرِ إدارة حسابات مواقعِ تواصلها الاجتماعيِّة؛ وكيف تصطادُ الشَّبابَ والفتياتِ بشباكها الفكريَّة: ليقطع بضرورة المُحاربةِ لها بالطُّرق الأمنيَّة والشَّرعيَّة، وكَشْفِ زَيْفِهم بالاستعانة بوسائل العصر الإلكترونيَّة، والتي تستدعي تظافرَ القطاعاتِ الحُكوميَّة والأهليَّة، مع عنايةِ الأُسرةِ بتحذيرِ أبنائها من المسالكِ الرَّديَّة.
فالأمرُ واللهِ جدُّ خطير، ومخاضُ الإصلاحِ عسيرٌ، لقد وصلت فتنةُ هؤلاء المارقين؛ لمدينة إمامِ المُرسلين وخاتمِ النَّبيِّين؛ صلَّى وسلَّم عليه ربُّ العالمين، فاستباحُوا حُرمةَ المسجدِ النَّبويِّ الشَّريف وأطهرِ قبرٍ وأشرفِ مرقد، وما رعَوا حُرمةَ الصَّحابةِ وأُمَّهاتِ المُؤمنينِ الموسَّدينَ في بقيعِ الغرقد, قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (المدينة حرمٌ، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى مُحدثاً: فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يُقبل منه يوم القيامة عدلٌ ولا صرفٌ) رواه مُسلمٌ من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه.
فاللائقُ بكُلِّ مُفسدٍ تُسوِّلُ له نفسُه الخبيثةُ زعزعةَ أمنِ البلاد: أن يُعاجلَ بالعُقُوبةِ الشَّديدةِ ويُقتصَّ منه على رُؤوسِ الأشهاد، حتَّى يُجعلَ عبرةً لمن وراءه ويَسْمَعَ بشرِّ مُنقلبِه الحاضرُ والباد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وليحذر أحدُنا من أن يكُون حطباً لنار الفتنة بنقله كُلَّ ما يُشاع، ولا يحتقرنَّ الفردُ مُستصغرَ شررِ إعادةِ ما يُنقل من الكلام ويُذاع، فإنَّ من صُنُوف الكذبِ المُحرَّم التَّحدُّثَ بكُلِّ ما يطرقُ الأسماع، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (كفى بالمرء كذباً أن يُحدِّث بكُلِّ ما سمع) رواه مُسلمٌ من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أقول ما سمعتم من الوعظِ والذِّكرِ الحكيم، وأستغفر لي ولكم اللهَ ربَّكم الغفورَ الحليم، فاستغفروه وتُوبوا إليه إنَّه هو التَّوَّابُ الرَّحيم.
الخُطبة الثَّانية:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
إنَّ التَّكبيرَ هو شعارُ المُؤمنينَ في ليلةِ ويومِ العيد، فتكبيرُ اللهِ تعالى مع التَّقوى هو القولُ السَّديدُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أما بعد:
فهذا شهرُ رمضانَ المُباركِ بالأمسِ قد انصرمت أيَّامه وانسلخت لياليه والسَّعيدُ من تضمَّخَ بعطرِ شرفِ دَرْسِه الزَّاخر، هذا الدَّرسُ الذي جاءت بعضُ معانيه بطيِّاتِ الكلماتِ الأبويَّةِ التي خاطبنا بها سُمُوُّ والدِنا حفظه اللهُ بالعشرِ الأواخر.
وكان من جُملة هذه الوصايا أخذُ الحيطةِ ممَّا يُترقَّب من الحوادث، وأنَّنا في قارعةِ طريقٍ يمرُّ بها ركبُ المحنِ فلسنا بمنأى عن الكوارث.
كما نوَّه سُمُوُّ والدِنا حفظه اللهُ في الخطاب: على عَصَبِ هذا المُجتمعِ ألا وهُم الشَّباب.
فليُقبل رجالُ السُّلطتيْن وفَّقهُم المولى على ترجمةِ مضامينِ هذا الخطاب، وليُعدُّوا للفئات الضَّالَّةِ ما استطاعُوا من قُوَّةٍ وليعتنُوا بتحصينِ الشَّباب.
نبتهل إليْك يا واسعَ العطاء؛ ونسألك اللَّهُمَّ يا سميعَ الدُّعاء: عيشاً آمناً رغداً قارًّا، واقتصاداً زاخراً دارًّا، ومجتمعاً مُتراحماً بارًّا.
اللَّهُمَّ آمنَّا في الأوطان والدُّور، واحفظ اللَّهُم لنا وُلاةَ الأُمُور.
اللَّهُمَّ احفظْ أميرَنا ووالدَنا وأنت خيرُ الحافظين، وبارك اللَّهُمَّ له في عضدِه ووليِّ عهدِه الأمين، وأعنهما بفضلِك على مصالحِ الدُّنيا والدِّين.
وألبسهُما ثوبَ العافية وامننْ عليهما بوافرِ المنن، وهَبْهُما يا ربَّنا طُولَ عُمُرٍ ومتِّعهما بصحَّة البدن.
اللَّهُمَّ وفِّق رئيسي السُّلطتيْن للرَّشاد والسَّداد، واجعل تعاونَهما في إصلاحِ البلاد ونفعِ العباد.
اللَّهُمَّ وأيِّد جميعَ الوُزراءِ بالأمر الرَّشيد؛ وسدِّد إخوانَهم النُّوَّابَ بالقولِ السَّديد.
اللَّهُمَّ جنِّبْ أفرادَ مُجتمعنا أسبابَ التَّفرُّقِ والشِّقاق، وحبِّبْ إليهم مكارم العاداتِ وفضائل الأخلاق.
واعصم اللَّهُمَّ شباب مُجتمعنا من فكر التَّطرف الذَّميم والغُلوِّ الضَّالِّ، وألهمهم وأرشدهم واهدهم سُلوك سبيل الوسطيَّة وطريق الاعتدال.
اللُّهُمَّ وفِّق رجال الأمن النَّاصحين للوطن والمُواطنين، وانصرهُم يا قويُّ على عدوِّك وعدوِّهم من المُعتدين.
اللَّهُمَّ كُنْ برحمتك ولُطفك لإخواننا المُستضعفين من المُسلمين، واكشف الغُمُوم وفرِّج الهُمُوم عن إخواننا المُتضرِّرين من المُؤمنين.
﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، ﴿وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
وليكنْ مسكُ الختام، معشرَ السَّادة الكرام: ترطيبَ ألسنتكم بالصَّلاة والسَّلام، على سيِّدنا مُحمَّدٍ خيرِ الأنام، امتثالاً لأمر المَلِكِ القُدُّوسِ السَّلام، حيث قال في أصدقِ قيلٍ وأحسنِ حديثٍ وخيرِ كلام: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللَّهُمَّ صلِّ على مُحمَّدٍ وعلى آلِ مُحمَّدٍ، كما صلَّيت على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، وبارك على مُحمَّدٍ وعلى آلِ مُحمَّد، كما باركت على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، في العالمين، إنَّك حميدٌ مجيدٌ.
وهذا عيدٌ مُباركٌ إن شاءَ المولى على بلادِنا وأميرِنا ووليِّ عهده وحُكومتِنا ومجلسِنا وشعبِنا وعلى جميعِ المُسلمين، ولتصحبكُم السَّلامةُ والخير والبركةُ مغفوراً لكُم أجمعين، وطبتم وطاب ممشاكم وجعلكُم الله أينما كُنتم مُباركين.
سُبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليْك.