اختبرت دراسة جديدة “الوصول الحيوي” (أو كمية العناصر الغذائية التي تمتصّها الأمعاء من مركّب ما لترسلها إلى باقي الجسم) لمركّبات تحتوي عليها عصائر البرتقال الطازجة والمبسترة والمجمّدة، فشكّلت النتائج مفاجأة كبيرة. فقد تحرّى باحثون من “مختبر لون الأغذية وجودتها” في جامعة سيفيل الإسبانية عن “الوصول الحيوي” لنوعين من الكاروتينات الموجودة في عصير البرتقال يلقيان اهتماماً متزايداً في المجتمع العلمي بسبب خصائصهما الصحية.
معلومات وأرقام
الغالبية العظمى من الكاروتينات هي عبارة عن “أصباغ صفراء وبرتقالية وحمراء تولّفها النباتات”. تعتبر هذه الكاروتينات أساسية لصحة بصرية مثالية، حيث أن الجسم البشري يحوّلها إلى ريتينول أو فيتامين A، ما يزيد من حدة البصر.
الأنواع الأخرى من الكاروتينات نادرة وهي عديمة اللون، وقد شكّل نوعان منها وهما الفيتوين phytoene والفيتوفلوين phytofluene محور هذه الدراسة الجديدة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذين المركبين حصلا على كثير من الاهتمام في الآونة الأخيرة بسبب خصائصهما المضادة للأكسدة المفترضة. وقد أشار بعض الدراسات أيضاً إلى دورهما في الوقاية من سرطان البروستات وسرطان الثدي وتصلّب الشرايين ومجموعة من الأمراض الأخرى. كما يعتقد العلماء أنّ لهما فوائد تجميلية، لأنهما يحميان من أضرار الأشعة فوق البنفسجية ويحافظان على صحة الجلد.
يتوافر “الفيتوين والفيتوفلوين” على نطاق واسع، اذ نجدهما في الطماطم والجزر وبعض الفواكه الحمضية مثل البرتقال. لذا، إذا كنت تحب عصير البرتقال، قد ترغب في معرفة أفضل طريقة لشربه للحصول على كامل الفوائد التي يقدمها هذان النوعان من الكاروتينات.
لمعرفة كيفية الحصول على أكبر قدر من الفائدة من شرب البرتقال، أجرت الأستاذة في جامعة إشبيلية بولا مابيلي براهم وفريقها تحقيقاً دقيقاً حول هذا الموضوع، ونشروا النتائج التي توصلوا إليها في مجلة “الأغذية الوظيفية”.
“الوصول الحيوي” للكاروتينات الأكثر أهمية
باستخدام تقنية تصوير المجهر الإلكتروني النافذ، حلّلت البروفيسور مابيلي برام وزملاؤها هياكل خلايا عصائر البرتقال الطازجة والمبسترة، وتلك الخاصة بعصير البرتقال المجمّد المجزّأ الذي تم فصله إمّا في درجة حرارة الغرفة أو في فرن الميكروويف أو في الثلاجة.
ووجد الباحثون أن المعالجات الباردة تؤدي إلى خسارة كمية أكبر من كاروتينات عصير البرتقال، ولكنها تزيد في الوقت نفسه من “وصولها الحيوي”، ما يعني فوائد أكبر لصحتنا.
وقد تبيّن أن عصير البرتقال المجمّد الذي تُرك ليذوّب على درجة حرارة الغرفة أو في الميكروويف يؤمّن أكثر أنواع “الفيتوتين” و”الفيتوفلوين” قدرةً على تحقيق مستوى عال من “الوصول الحيوي”.
وتوضح الباحثة الرئيسة البروفيسور مابيلي برام التالي: “رغم أنّ تركيز الكاروتينات في العصائر المتجمّدة كان أقل ممّا كان عليه في العصير الطازج، فإنّ انخفاض حجم الجسيمات وتدمير المواد الخلوية التي تنتج عن هذه المعالجة زاد من كمية الكاروتينات التي يمكن أن تمتصّها الأمعاء”.
ويؤكد الباحثون: “يحتوي العصير الطازج على أعلى تركيز من الكاروتينات، ولكن هذا لا يعني أنه يرفع مستوى الكاروتينات في الدم والأنسجة أكثر من غيره، إذ علينا الأخذ في الاعتبار كمية الكاروتينات التي يتم امتصاصها فعلاً”.
ويشدّد العلماء أن البسترة هي أكثر المعالجات ضرراً للكاروتينات. ويعلّق المؤلف المشارك في الدراسة والأستاذ في كلية الصيدلة في جامعة سيفيل أنطونيو جيه. ميلينديز على أهمية النتائج قائلاً: “يميل المستهلكون إلى الاعتقاد بأن العصائر المعالجة “أقل صحيّة” من العصائر الطازجة. ومع ذلك، أظهرت هذه الدراسة أنه في ما يتعلق بنسبة الكاروتينات التي تصل إلى الدم والأنسجة لحمايتنا من الأمراض على الأقل، هذا ليس صحيحاً دائماً”.
وختمت الكاتبة المشاركة في الدراسة كارلا ماريا ستينكو قائلة: “ستكون خطوتنا التالية لاستكمال هذا البحث تحديد مستوى الكاروتينات عديمة اللون في الدم بعد استهلاك هذه العصائر وغيرها من عصائر البرتقال”.