قال دبلوماسي إسرائيلي إن “فكرة إقامة ميناء لقطاع غزة مرتبط مع قبرص تبدو حلا منطقيا كفيلا لإبعاد شبح الحرب التي تلوح في الأفق مع حماس، لأن جولة القتال الأخيرة في 2014، وسلسلة التصعيد العسكري في الأسابيع الماضية، والتي باتت حدثا شبه يومي، تؤكد أن العلاقة بين الجانبين مرشحة للانفجار في أي لحظة”.
وأضاف ميخائيل هراري السفير الإسرائيلي السابق في قبرص، أن “فكرة إقامة ميناء قبرص كفيلة بإرجاء المواجهة القادمة التي تبدو أنها واقعة لا محالة، لأن غزة باتت تشكل تحديا جديا أمام إسرائيل، خاصة في ظل الوضع الإنساني السيئ هناك، مما يجعل القطاع موجودا على طاولة صناع القرار في تل أبيب بصورة دائمة”.
وأوضح في مقاله بصحيفة معاريف أن “مفردة الخيار القبرصي تتردد في الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة من خلال مبادرة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان بعد لقائه الأخير مع نظيريه اليوناني والقبرصي في يونيو الماضي بنيقوسيا، وتتركز بإقامة ميناء، أو أرصفة بحرية، تستخدم لنقل البضائع التجارية لقطاع غزة برقابة أمنية إسرائيلية”.
وأكد أن “الفكرة ليست جديدة، والرد القبرصي كان حذرا بصورة عامة، وإن كان إيجابيا من الناحية الإجمالية، فقد حاول الاتحاد الأوروبي في الماضي منح غطاء سياسي لهذا المقترح، وقد يوفرها اليوم أيضا، مع العلم أن القبارصة سيرحبون بهذا المقترح بصورة جدية، إن تقدم بشكل رسمي من إسرائيل نظرا لحجم علاقاتهما الوثيقة، فالاقتراح كفيل بمنحهم دورا إقليميا بارزا، لاسيما في الموضوع الفلسطيني، مع أنهم يدركون أن السلطة الفلسطينية غير متحمسة لهذه الفكرة، في ظل الانقسام السائد بين الفلسطينيين، وربما يخشون من الاستدراج إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهم لا يريدون ذلك”.
وأشار أن “القبارصة، كما الاتحاد الأوروبي، لديهم تفهم للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، ويمكن توقع أن تطلب إسرائيل رقابة أمنية كاملة على البضائع المتجهة من قبرص إلى غزة بموافقة قبرصية تلقائية”.
الكاتب الذي يعمل اليوم باحثا في معهد ميتافيم الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، قال إن “فكرة ميناء قبرص تقوم على جملة محددات: أولها تفاهمات بين قبرص وإسرائيل، وربما مع اليونان، ثانيها الاتفاق مع مصر، ثالثها قيام مظلة سياسية دولية بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول العربية ذات العلاقة كالسعودية، ورابعها جهد إسرائيلي داخلي لتحشيد الرأي العام الإسرائيلي لدعمها، بما في ذلك المؤسسة الأمنية التي تحذر من استمرار الأزمة الإنسانية في القطاع”.
وأوضح هراري، المحاضر في كلية عيمك يزرعئيل، أن “إقامة الميناء في غزة لا تشترط قيام عملية سياسية كاملة مع الفلسطينيين، فليس هناك جاهزية بين الجانبين، لانطلاق مفاوضات سياسية بينهما، رغم ضرورة التنسيق مع السلطة الفلسطينية لفكرة الميناء لتحييد معارضتها، لأنها ترى في المشروع تقوية لحماس، مع ضرورة قيام تنسيق غير مباشر مع حماس بوساطة مصرية لتأمين الاحتياجات الأمنية لإسرائيل”.
وختم بالقول أنه “رغم وجود حالة العداء بين إسرائيل وحماس لكن الأخيرة تعتبر الخيار الأقل سوءا بالنظر لبدائل إسلامية أكثر تطرفا، مما قد يسرع بإقامة خطة مارشال خاصة بغزة، تفسح المجال لتقديم مساهمات وتبرعات عربية ودولية لتغيير الوضع في القطاع، لأن وقف إطلاق النار السائد اليوم بين حماس وإسرائيل مؤقت، وقد ينفجر في أي لحظة، وقد لا يستمر أياما معدودة، ولذلك يجب على إسرائيل الدفع للأمام بالخيار القبرصي قبيل فوات الأوان”.