يبدو سرطان الثدي مرعباً ومحبِطاً، لكن يمكن أن تتعايش معه المرأة لفترة طويلة حتى لو كان “نقيلياً” (يسمّى أيضًا سرطان الثدي المتقدّم). هل سيصبح هذا السرطان بمصاف الأمراض المزمنة قريباً؟
في %95 من الحالات لا يكون سرطان الثدي نقيلياً عند تشخيص المرض، وفي %15 من الحالات لا يصبح الورم نقيلياً لأن خلايا الأورام لا تقع إلا في قنوات الثدي.
يتوقف احتمال انتشار السرطان النقيلي على حجم الورم وخصائصه ودرجة اختراقه العقد. حين تنفصل الخلايا السرطانية عن نسيج الثدي، تتنقل أحياناص وتستقر في العظام والعقد والكبد والرئتين. في بعض الحالات، تظهر تلك الأورام النقيلية بعد التشخيص الأولي بمدة تتراوح بين 5 سنوات و15 سنة! لكن يسمح ذلك التشخيص بتوقع احتمال تطور سرطان الثدي رغم العجز عن رصد الأورام النقيلية منذ البداية.
خصائص خلوية للأورام
يمكن تحديد هذه الخصائص عبر مستقبلات الأستروجين والبروجستيرون أو عند رصد كمية مفرطة من بروتين HER2 الذي يعزز نمو السرطان. يبقى بعض أنواع السرطان أكثر عدائية من غيره. من خلال تقييم هذه المعايير وإجراء تحليل شامل، تُطرَح علاجات تناسب النوع الخلوي للسرطان.
يجب أن يتجاوب الورم مع العلاجات الهرمونية أو علاجات دقيقة أخرى، وتستهدف الأدوية تلك المستقبلات المؤثرة.
تهدف العلاجات المضادة للهرمونات إلى منع إنتاج الأستروجين الذي يستطيع تسريع نمو الورم، ويتجاوب معظم الأورام الخبيثة في الثدي مع هذا النوع من العلاجات.
لكن تبرز أحياناً آثار غير مرغوب فيها كنوبات الحر وأوجاع العضلات والمفاصل.
تقييم شامل
يتطلّب التقييم الشامل البحث عن وجود أورام خبيثة، على مستوى العظام والرئتين والعقد والكبد، من خلال الخضوع لفحوص متنوعة. يقدم فحص الدم معلومات مهمة أيضاً ويسمح برصد أية زيادة في مؤشرات خلايا الأورام “الجارية” أو تلك التي تتسلل من الورم الأولي وتصل إلى الدم. عند رصد أورام نقيلية، تصبح فاعلية العلاج أهم من توقيت التشخيص.
استهداف الخلايا السرطانية
إذا لم يرصد الفحص أية مستقبلات، يُعتبر سرطان الثدي “ثلاثياً سلبياً”. يمكن ربط هذا النوع من السرطان بالقابلية الوراثية التي تتزامن مع زيادة مخاطر نشوء الأورام النقيلية. يُستعمل العلاج الكيماوي في هذه الحالة بعد الجراحة أو حتى قبلها. تهدف الجراحة إلى تقليص حجم الورم والحفاظ على الثدي. إذا لم تحصل أية انتكاسة خلال خمس سنوات، يمكن أن نقول إن المريضة شُفيت. في معظم الحالات، تتزامن الجراحة أو العلاج بالأشعة مع علاج كيماوي كان يُعطى عن طريق الأوردة لكنه سيُطرَح قريباً على شكل أقراص. بحسب مستوى الجرعات وطريقة تجاوب المريضة، تتفاوت حدة الآثار غير المرغوب فيها، من بينها تساقط الشعر مؤقتاً وضعف الأظفار والغثيان وتراجع مستوى كريات الدم البيضاء والشعور بوخز في الأعضاء واشتداد نوبات التعب.
علاجات مستهدفة جديدة
ارتفع عدد العلاجات المستهدفة بدرجة ملحوظة في الفترة الأخيرة وكان دواء تراستوزوماب الأول بينها. بعد 15 سنة على ظهوره، تمت المصادقة على 43 علاجاً مستهدفاً آخر. تعوق هذه العلاجات مسار تجزئة الخلايا. مثلاً، دواء بيفاسيزوماب الذي يؤخذ على شكل أقراص يكبح بعض البروتينات المسيئة ويعالج سرطان الثدي النقيلي. من المتوقع أن تنجح هذه المساعي في السيطرة على سرطان الثدي كأي مرض مزمن آخر.