انتشرت في السنوات الأخيرة مشكلة هروب الطلبة والطالبات من الحصص الدراسية، بل ومن المدارس أيضاً، لكن على الرغم من التحذيرات الدائمة التي تطلقها إدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية من تفاقم هذه الظاهرة المتزايدة عاماً بعد عام، فإن وزارة التربية لم تستطع مواجهتها وتوفير حلول لها، في وجود قرارات تحمل الطالب مسؤولية هروبه، بدءًا من انذاره والتهديد بفصله، وانتهاء بخصم درجات من معدله العام.
وفي آخر احصائية رسمية لـ التربية، كشف التقرير السنوي لإدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية عن ارتفاع حالات الهروب من الحصص الدراسية، وان 6566 طالبا وطالبة هربوا من الحصص الدراسية بالمدارس في مختلف المراحل التعليمية خلال العام الدراسي الماضي، وفي العام الدراسي 2015 – 2016 بلغ 5890 حالة، مبيناً أن الفتيات %53 من «الهاربين»، بواقع 3464 طالبة، والذكور 3102 طالباً.
مشكلة الهروب
وأظهر التقرير، أن مشكلة الهروب من الحصص تركزت في المرحلة المتوسطة وبلغت 2540 (بنون 1194، بنات 2540) ثم الثانوية 2190 مشكلة (بنون 746، بنات 1444) وأخيراً الابتدائية 1777 حالات «بنون 1157، بنات 620».
وذكر أن أكثر المناطق التعليمية عدداً في حالات الهروب من الحصص منطقة الفروانية التعليمية وبلغت 1476 حالة، تليها الجهراء بعدد 1380 حالة، والاحمدي 1366 حالة، ثم حولي 873 حالة، ومبارك الكبير 745 حالة، وأخيراً العاصمة 726 حالة.
وأوضح أن الهروب قد يكون عرضا لمشكلات التحصيل الدراسي أو نتيجة لها، مما يؤدي بدوره إلى مشكلات سلوكية أخرى أكثر خطورة كالتدخين وتعاطي العقاقير والمخدرات والسرقة وغيرها.
وشدد على ضرورة اهتمام الباحثين الاجتماعيين بمساعدة الطلاب على التصدي للمشكلة ووقايتهم من آثارها الخطرة، ومن اللافت للنظر أن المشكلة تزايدت بين الفتيات، الأمر الذي يستدعي ضرورة الاهتمام بها لما لها من تأثيرات سلبية عليهن وعلى مستقبلهن الدراسي.
تدني المستوى
وتحدث تربويون عن بعض مخاطر هروب الطلاب من المدرسة، على رأسها تدني المستوى التعليمي لدى الطالب الهارب، فعندما يهرب لا يحصل على المادة العلمية أو الأهداف المعرفية في الحصة الدراسية، وهذا يؤثر على الأهداف الحركية والوجدانية لديه.
وأشاروا إلى أن من مخاطر الهروب من المدرسة اضاعة جهود الدولة وهدر المال العام، فالدولة تبني مؤسسة كبيرة ومنظومات كالمدارس ويرسب الطالب بسبب هروبه، وهو ما ينتج عنه اضاعة المال العام.
ولفتوا إلى ان افتقار المدارس الى البرامج التربوية أيضا يسهم في تكريس الظاهرة، فبعض الادارات المدرسية لا تنصت لأقوال الطالب وارائه، فيقوم بالاتجاه الى شخص اخر يستمع اليه، ومن المحتمل أن يكون هذا الاخر من أصحاب السوء الذي يجر الطالب الى مستقبل مجهول.
واعتبر باحثون اجتماعيون أن من أسباب الهروب من الحصص الدراسية، غياب الرغبة لدى الطالب للتعلم، ومثل هذا يبحث عن شيء اخر كالهروب والاختباء واثارة المشاكل مع زملائه.
وأكدوا ان من الاسباب أيضاً ما يتعلق بالاهمال الأسري، والتعرف على رفاق السوء والانتماء لهم خارج المدرسة، إضافة الى أن مشاكل الطلاب في ما بينهم تدفع البعض منهم للهروب من هذه المشكلات، وبالتالي الهروب من المدرسة، وتدهور المستوى التعليمي للطلاب وانعدام الرغبة في التعليم.
وحذّروا من مخاطر عدة مترتبة على الهروب من المدارس، منها تعرض حياة الهاربين وسلوكياتهم وتربيتهم للخطر وتدهور المستوى التعليمي للطلاب وتعرض الطالب الهارب للتعرف على أصدقاء السوء والتأثير على غيره من الطلاب.
وأشاروا إلى أن افتقار بعض المدارس الى البرامج الترفيهية للطلاب قد تدفع بعضهم للتفكير بتغيير الروتين المدرسي الممل، وهذا ما يجعل الطالب يهرب من المدرسة، مؤكدين أن عدم تفعيل القوانين واللوائح المدرسية على الطلاب يعد من أهم أسباب هروبهم من المدارس، كما أن تدني مستوى التربية الأسرية والتوعوية للطلاب يساهم في تفكيرهم بالهروب، وكذلك عدم المتابعة الجيدة من المنزل وترك الطالب يتصرف كيفما يشاء.