قررت البريطانية أليسون سيموندز التي تعمل مستشارة في قطاع الاتصالات العودة الى بلادها بعد قضاء عامين في امارة دبي، بحثاً عن حياة اجتماعية اكثر نشاطاً. ورغم انتظارها لمدة عام للعثور على وظيفة مناسبة، فإنها تقول: رغم أن الضرائب في دبي اقل من بريطانيا، فإن ايجار المنزل وقسط السيارة الشهري يلتهمان جزءاً كبيراً من راتبي.
وتضيف سيمونز قبل 8 أسابيع من انتهاء عقد عملها في دبي: أبحث عن وظيفة جديدة لكن الرواتب المقبولة لم تعد متوافرة هنا، لذلك قررت العودة الى بلادي.
وتتابع: يبدو الآن الوقت المناسب للعودة الى بريطانيا، الكثير من الناس هنا في دبي يغادرون، وكثير من ذوي الخبرات المهنية المتخصصة يكافحون للعثور على وظائف جديدة.
وتقول: أشعر بالامتنان لقضاء عامين في دبي، وأنصح مواطني بلدي بعدم المخاطرة للحصول على وظيفة في الخارج من دون راتب كبير نسبياً، وإلا فسيغرقون في الديون بسرعة. أعتقد أن العصر الذهبي لدبي بدأ ينتهي.
ولسنوات عديدة، عرفت دبي بموطن ملايين الأجانب الباحثين عن رواتب عالية ومعفاة من الضرائب. لكن اقتصاد الامارات تأثر كبقية دول الخليج بضغوط بسبب هبوط اسعار النفط ما ادى الى تراجع اسعار العقارات وانخفاض الرواتب.
وتقول كرين أوزييل المحللة في وحدة المعلومات الاقتصادية في «بي بي سي»: رغم انتعاش اسعار النفط في 2018، فإن النمو الاقتصادي لا يزال معتدلاً، وتأثر نشاط الشركات في دبي بعوامل عدة، منها تخفيض منظمة «أوبك» سقف انتاج النفط واسباب جيوسياسية مثل الازمة الخليجية مع قطر وانسحاب اميركا من الاتفاق النووي مع ايران.
وتضيف: ان تطبيق الضريبة على القيمة المضافة بنسبة %5 في يناير الماضي خلق تصوراً بان الامارات اصبحت مركزا تجاريا اكثر تكلفة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الغذاء والانشطة الترفيهية.
من جهته، يقول كريس غريفز مدير شركة هايز للتوظيف في الشرق الاوسط: ان الشركات في دبي واعية للغاية في الوقت الحالي، ان بعض الشركات تخفض الرواتب لتحافظ على عدد موظفيها، وليس من الشائع ايضا ان تقدم الشركات عروض توظيف اقل من العروض السابقة.
ووفقاً لتقرير للشركة في 2018 فإن ثلث الشركات في دبي يخفض عدد الموظفين، كما أن نصف الشركات لا ينوي اقرار زيادة في الرواتب.
بدوره، يرى روهيني غيل الشريك المؤسس في شركة «جي سي سي كونسلتنسي» للموارد البشرية: إن سوق العمل في الامارات تغيرت بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، هناك تحوُّل كبير، ولم تعد تتوافر عروض التوظيف السابقة مثل الحوافز ورسوم المدارس والتأمين الصحي وبدلات السكن. ويعتقد كثير من العمال في دبي أن عروض التوظيف لم تعد جاذبة كالسابق مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتقول ستيفاني هيوز التي تعمل متخصصة في مجال الاعلام، التي انتقلت الى دبي مع زوجها، الذي يعمل مهندسا مدنيا: ان السوق بطيئة جدا في الوقت الحالي، واعرف كثيرا من الناس الذين يعودون الى بلادهم، حيث لا يعثرون على وظائف جيدة هنا.
وتضيف: ان اغلب عروض التوظيف في مجال عملي انخفضت بين %25 و%30 في الوقت الحالي، ولا أراها منطقية بسبب ارتفاع تكاليف التعليم والتأمين الصحي في دبي.
وتختم: ان سوق العمل في الامارات اصبح بعيدا كل البعد عما اشتهرت به كوجهة للثراء السريع.
قال موقع «غلف بزنس» ان التباطؤ العقاري في دبي يجبر شركات البناء والهندسة على خفض فرص العمل ووقف خطط التوسع، مما يزيد من المخاطر على الاقتصاد الإماراتي ككل. واشار الى ان العديد من الابراج نصفها فارغ وقد تم تفريغ عدة مواقع بناء لمشاريع جديدة من العمال.
ونقل الموقع عن سامر الاشقر الرئيس التنفيذي لشركة قابضة: لقد اوقفنا التوسع في مشاريعنا، نحاول الا نخفض عدد موظفينا، خصوصا عندما نريد انهاء مشروع معين.
واضاف: ان مشاكل القطاع العقاري تفاقمت بسبب قيام بعض البنوك بالضغط على المقاولين، ما اضطرنا الى ضخ مزيد من الاموال لتغطية النقص في السيولة النقدية.
وختم: لدى شركتنا مشاريع في امارة الشارقة التي تمتلك حظوظا كبيرة في السوق العقارية.
وكانت بيانات لدائرة الاملاك والاراضي في دبي قد أظهرت ان عدد المشاريع العقارية المتأخرة ارتفعت بنسبة %76 بين عامي 2016 و2018. كما ان شركة عقارية واحدة فقط من 4 شركات لديها مشاريع نشطة حاليا.
وتقدر قيمة المشاريع العقارية المتأخرة بـ 126.3 مليار دولار في 2018، مقارنة بـ 107.6 مليارات دولار في عام 2017.
وفيما تتعثر المشاريع العقارية في دبي الا ان المشاريع الحكومية للبنية التحتية تسير كالمعتاد في الوقت الذي تخطط به الامارة لاستضافة «اكسبو 2020»، الذي من المتوقع ان يجذب 25 مليون زائر.
ويقول جان بول بيغات رئيس الابحاث في شركة «لايت هاوس» في دبي: اسعار العقارات قد تنخفض بين %10 و%15 على مدار العامين المقبلين، مما سيؤثر في شركات البناء والمقاولات. (بي بي سي، غلف بزنس)
عدد كبير من رجال الأعمال الإيرانيين يغادرون
أفادت صحيفة لوفيغارو الفرنسية بأن عدداً كبيراً من رجال الأعمال الإيرانيين غادروا إمارة دبي نحو بلدان أخرى، على خلفية تشديد العقوبات الأميركية على طهران، وضغوط الجارة أبو ظبي.
ونقلت الصحيفة عن برمان غولاري مؤسس شركة فرونتيير بارتنر، التي تقدم استشارات للشركات بشأن إيران؛ قوله «رجال الأعمال الإيرانيون غادروا دبي بأعداد كبيرة، ويعيدون تموقعهم» في دول أخرى من بينها قطر وتركيا.
وقالت الصحيفة إنه بضغط من إمارة أبو ظبي المقربة من الإدارة الأميركية، التي تقود السياسة الخارجية للإمارات؛ تم تشديد الرقابة على المستثمرين الإيرانيين.
وأضافت أن دبي رفضت تجديد تصاريح الإقامة لعدد من هؤلاء المستثمرين ورجال الأعمال الإيرانيين، خصوصا الذين زاروا إيران خلال الأشهر الستة الماضية.
كما لم تعد المصارف المحلية في دبي – وفقا للصحيفة – تسمح بفتح خطابات اعتماد لإيرانيين، بجانب إغلاق عدد من محال الصرافة بتهمة غسل الأموال.
ونقلت «لوفيغارو» عن مدير مصرف الشارقة فاروج فيرغيزيان قوله إن فرض ضريبة القيمة المضافة مطلع العام الحالي سمح للدولة بتصنيف جميع الشركات الموجودة في السوق، وتحديد المعاملات التي قامت بها هذه الشركات والجهات التي تتعامل معها، وبالتالي معرفة ماذا يحدث مع إيران.
لكن «لوفيغارو» قالت إن ذلك كله لا يعني توقف المعاملات بشكل نهائي مع إيران؛ «فالأموال الإيرانية لا تزال هنا»، مشيرة إلى أن رأس المال الإيراني يتواجد في دبي منذ ثلاثة عقود.
ونقلت عن مصرفي آخر قوله إن عدداً من الإيرانيين وضعوا أموالهم في دبي واشتروا عقارات وأبنية كاملة هناك، في حين لا تزال هناك طرق أخرى للالتفاف على العقوبات الأميركية.
المصرفي أشار أيضا إلى أن هناك عدداً من الشركات على استعداد للقيام بعمليات التعويض، أي تبادل مئة ألف دولار – على سبيل المثال – بدبي مقابل قيمة مماثلة هناك في طهران.
وأضاف المصرفي أن هناك قوارب تهريب إيرانية تأتي إلى دبي تحمل معها السجائر وربما المخدرات.
كما نقلت «لوفيغارو» عن مسؤول في جبل علي (المنطقة الحرة التي حققت نجاحاً لدبي) تأكيده بأن «جبل علي لن يكون بمنأى عن العقوبات الأميركية»، التي فرضت على إيران، في وقت طالما اعتبرت فيه هذه المنطقة الحرة بكونها جنة لإعادة تصدير المنتجات في آسيا وأيضا في إيران.
المعجزة تتعثر
تقول صحيفة لوفيغاور الفرنسية إنه قبل عام ونصف العام على احتضانها معرض وورلد إكسبو، وعلى الرغم من أن أبراجها الكثيرة لا تزال تتلألأ ليلا، فإن الجو في دبي لم يعد مبتهجًا كما كان.
وكدليل على ذلك، ينقل مراسل الصحيفة المخضرم جورج مالبرونو عن المصرفي الفرنسي فرنسوا كزافيي بوتمان قوله إن مالك شقة في برج خليفة – الأطول عالمياً – مستعد اليوم لبيعها بستة ملايين يورو لا غير، بعد أن كان يعرضها بـ 25 مليوناً.
كما لفت مالبرونو إلى أن أعداداً كبيرة من المغتربين غادرت هذه المدينة بالفعل، إلا أنه في الوقت ذاته يقول إن دبي اجتذبت ثلثي الاستثمارات الخارجية الخليجية العام الماضي.
وتنقل الصحيفة الفرنسية عن أحد الدبلوماسيين المقيمين في دبي قوله إن «معجزة دبي تعثرت»، ويتوقع ألا يتجاوز حجم النشاط في أبراج دبي 40 في المئة مقارنة بما كانت عليه الحال في الظروف العادية.
وتعاني دبي – حسب المراسل – من نقص كبير في السيولة المالية، وهي بذلك محتاجة بشكل ملح إلى معاملاتها التجارية مع إيران والتي بلغ حجمها العام الماضي 18 مليار يورو.