تناول تقرير «الشال» الأسبوعي قضايا قانون التقاعد المبكر وتأثيره في الخزينة العامة للدولة من جميع الجوانب، محذرا من أن إضافة أعباء جديدة على نظام التقاعد تعني إخلال بتوازنه، وليس هناك خيار في سد عجزه سوى اللجوء إلى الخزينة العامة. كما تناول قضية تعويضات الأمطار التي ربطها بفساد بعض الجهات وآلية التعامل مع تلك التعويضات.
قال تقرير «الشال»: بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي للنصف الأول من ديسمبر 2013 نحو 105.9 دولارات أميركي، وبلغ سعر برميل النفط الكويتي للنصف الأول من ديسمبر 2018 نحو 59.3 دولارا، أي إن سعر برميل النفط الكويتي فقد %44 من قيمته ما بين ديسمبر 2013 وديسمبر 2018، من دون احتساب أثر التضخم.
وجاء في التقرير: على مدى نصف قرن من الزمن، فشلت كل الحكومات الكويتية المتعاقبة في خفض اعتماد الموازنة العامة على إيرادات النفط في تمويلها عن %90 من جملة إيراداتها. وتحاول «أوبك» حالياً والدول المنتجة للنفط خارجها الاتفاق على خفض مبرمج لإنتاجها من أجل وقف تدهور أسعار النفط، التي فقدت نحو %25 من قيمتها في نحو شهر من الزمن، أي إن مستوى الإنتاج مرشح للهبوط، وما لم يحدث ذلك، تبقى الأسعار مرشحة لهبوط أكبر.
ويعمل في الحكومة نحو %79.4 من جملة العمالة المواطنة، أو نحو 322.4 ألف مواطن ومواطنة، أكثر من نصفهم لا عمل حقيقي لهم ولا حتى سعة مكانية لاستيعابهم، وإمكانيات الاستمرار في سياسة استبدال البطالة السافرة ببطالة مقنعة مرتبطة بنسبة %90 على الأقل باستمرار الارتفاع في أسعار النفط وإنتاجه.
وتدفع الخزينة العامة للدولة نحو 3 ـــ 4 أضعاف ما يدفعه موظف القطاع العام لقسط التأمين، وتدفع نحو نصف ما يدفعه موظف القطاع الخاص ورب عمله من قسط التأمين، غير ما تدفعه الخزينة العامة لدعم العمالة المواطنة في القطاع الخاص. وتدفع الخزينة العامة نحو 15 مليار دينار ضمن مصروفات الموازنة الحالية في صيغة رواتب وأجور مباشرة وغير مباشرة مثل أقساط التأمين والدعم للسلع والخدمات، وأي اختلال بإضافة أعباء جديدة على نظام التقاعد لها يعني إخلالا في توازنه، وليس هناك خيار في سد عجزه سوى اللجوء إلى الخزينة العامة.
خلاصة ما تقدم هي أن الإيرادات العامة تآكلت بشكل كبير، وهبوطها ليس ظرفيا أو مؤقتا، وإنما هبوط طويل الأمد، ولأن تمويل الموازنة العامة ما زال يعتمد بنسبة هي الأعلى في العالم على بيع أصل زائل ولا أمان لاستقرار أسعاره، يفترض أن تكون أولى أولويات سلطتي اتخاذ القرار، هي ضمان توازن المالية العامة خلال مهلة معلومة، والعمل على تنويع مصادر تمويلها خلال مهلة تدريجية ومحددة. إن أضفنا إلى ما تقدم قدسية مواجهة متطلبات ضرورات الحياة وفرص العمل لنحو 400 ألف مواطنة ومواطن من صغار السن قادمون إلى سوق العمل خلال 15 عام، أو عدد مماثل لكل من هم في سوق العمل حالياً، تتجسّد ضخامة المسؤولية الدستورية والأخلاقية لمن هم في سلطة اتخاذ القرار. وما يقوم به غالبية من هم في سلطتي اتخاذ القرار، هو العكس تماماً، ليس فقط من زاوية تأثيره السلبي في استقرار وديمومة وطن، وإنما انعكاساته بالغة السوء على من يعتقدون أنهم يشترون ولاءهم ودعمهم، فأوضاع المالية العامة وصناديق التأمينات الاجتماعية فقدت القدرة على الاستدامة.
تعويضات الأمطار
وفي قضية تعويضات الأمطار، أشار «الشال» إلى أنه «لا شك في أن للمتضرر الحق في تعويض عن خسائر لم يكن له يد فيها، معظم تلك الخسائر ناتجة عن خيانة البنى التحتية له، وذلك ناتج عن قصور كبير في التخطيط والتنفيذ والإدارة، وتلك مسؤولية الجهات المسؤولة عنها. والجهات المسؤولة عنها هي جهات الاختصاص في الحكومة، مثل وزارة الأشغال ووزارة الإسكان وهيئة الرعاية السكنية والبلدية والهيئة العامة للطرق والنقل البري، وهي أيضاً مسؤولية شركات القطاع الخاص، مثل شركات المقاولات ومكاتب التصميم والإشراف.
وبينما للمتضرر الحق في التعويض السريع، فلا يفترض أن تتحمّل الخزينة العامة خطايا وفساد تلك الجهات المسؤولة، ويفترض أن تسترد تلك التعويضات لاحقاً، مادياً ومعنوياً، أي مالاً وعقاباً، من تلك الجهات المسؤولة. وفي تصريح منسوب لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، تذكر بأن الفريق الفني انتهى من تحديد مسؤوليات المقاولين والمكاتب الاستشارية وموظفي الحكومة ممن تسبّبوا في تلك الأضرار. ولا نعرف قيمة تلك الأضرار بعد، حيث ما زالت في مرحلة الحصر والتدقيق وإن استحق دفع بعضها وفقاً لتصريح الوزيرة، ومن المؤكد أن لدى جهة التحقق تقدير أدق لها، ومن حق الرأي العام أن يسمع قيمة تلك التقديرات.
وترتكب الحكومة خطأين جوهريين يضاعفان من فساد ورداءة الأداء لها؛ الخطأ الأول: الهروب من إصلاح عمل وزاراتها بتكليف جهات أخرى القيام بعملها، وحالة قيام الديوان الأميري بمهام وزارة الأشغال مثال. والخطأ الثاني: إنشاء هيئات ومؤسسات ومجالس ولجان دائمة رديفة لوزاراتها بلغ عددها أكثر من ضعفي ونصف الضعف عدد تلك الوزارات، بينما في وزاراتها فائض ضخم من العمالة المعطلة. وفي تقرير أخير حول أضرار الأمطار نشرت تفاصيله جريدة «الجريدة»، حمّلت اللجنة الفنية المكلفة بالكشف على الطرق السريعة مسؤولية الإخفاق للهيئة العامة للطرق والنقل البري، وهي إحدى تلك الهيئات التي أنشئت منذ سنوات ولم تكتمل هياكلها ودخلت حقبة صراع حول سلطتها ومسؤولياتها.
ذلك مثال فقط على بؤس السياسات العامة، فالهيئات تؤسس وفي ذهن أصحاب القرار جائزة المحاصصة في مناصبها القيادية، أو تخطي الدور والحق بالتعيين في وظائفها الأخرى من أجل شراء الولاءات. ولو أضفنا تكاليف إدارة تلك الهيئة منذ إنشائها، إلى تكاليف الإخفاق المنسوب إليها مثل حادثة أضرار الأمطار فقط، لتضاعفت تكاليف التعويضات عن الأضرار، إلى جانب أضرار تشتت المسؤوليات. ومن باب الإنصاف، ذلك مثال فقط يتكرر مع كل هيئة تؤسس وما أكثرها، وينتهي أمرها إلى صراع المحاصصة على الوظائف، وإضافة إلى أضرار تضخم غير مستدام للنفقات العامة، يتردى الأداء وتزداد مستويات الفساد. لذلك، نعتقد بضرورة دراسة أزمة الأمطار ليس فقط بحصرها في دائرة الحدث، وإنما في زاوية فشل نهج إدارة عامة أصبح معها لكل شهر أزمة.
رصيد أدوات الدين العام المحلي يتراجع 504 ملايين دينار
تطرق تقرير الشال إلى الإحصاءات المالية والنقدية في شهر سبتمبر الماضي.
وقال «الشال»: يذكر بنك الكويت المركزي في نشرته الإحصائية النقدية الشهرية لشهر سبتمبر 2018، والمنشورة على موقعه على الإنترنت، أن رصيد إجمالي أدوات الدين العام المحلي (بما فيها سندات وعمليات التورق منذ أبريل 2016) قد انخفض بما قيمته 504 ملايين دينار كويتي مقارنة بمستواه في نهاية يونيو 2018، ليصبح 3.542 مليارات دينار كويتي في نهاية سبتمبر 2018، أي ما نسبته نحو %9.8 من حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لعام 2017 البالغ نحو 36.3 مليار دينار كويتي (من دون احتساب 8 مليارات دولار أميركي قروض أجنبية). وبلغ متوسط أسعار الفائدة (العائد) على أدوات الدين العام لمدة سنة %3، لمدة سنتين %3.250، لمدة 3 سنوات %3.375، لمدة 5 سنوات %3.500، لمدة 7 سنوات %3.625 ولمدة 10 سنوات %3.875. وتستأثر البنوك المحلية بما نسبته %100 من إجمالي أدوات الدين العام (%100 في نهاية يونيو 2018).
وتذكر النشرة، أن إجمالي التسهيلات الائتمانية للمقيمين المقدمة من البنوك المحلية في نهاية سبتمبر 2018 قد بلغ نحو 36.556 مليار دينار كويتي، وهو ما يمثل نحو %56.3 من إجمالي موجودات البنوك المحلية، بارتفاع بلغ نحو 460.3 مليون دينار كويتي، أي بنسبة نمو ربع سنوي بلغت نحو %1.3 عما كان عليه في نهاية يونيو 2018.
وبلغ إجمالي التسهيلات الشخصية نحو 15.590 مليار دينار كويتي، أي ما نسبته نحو %42.6 من إجمالي التسهيلات الائتمانية (نحو 15.248 مليار دينار كويتي في نهاية يونيو 2018) وبنسبة نمو ربع سنوي بلغت نحو %2.2. وبلغت قيمة القروض المقسطة ضمنها نحو 11.543 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %74 من إجمالي التسهيلات الشخصية، ونصيب شراء الأسهم ضمنها نحو 2.656 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %17 من إجمالي التسهيلات الشخصية، وبلغت قيمة القروض الاستهلاكية نحو 1.021 مليار دينار كويتي.
وبلغت التسهيلات الائتمانية لقطاع العقار نحو 7.939 مليارات دينار كويتي أي ما نسبته نحو %21.7 من الإجمالي، (نحو 7.979 مليارات دينار كويتي في نهاية يونيو 2018)، أي أن نحو ثلثي التسهيلات الائتمانية تمويلات شخصية وعقارية. ولقطاع التجارة نحو 3.3745 مليارات دينار كويتي أي ما نسبته نحو %9.2 (نحو 3.3748 مليارات دينار كويتي في نهاية يونيو 2018)، ولقطاع المقاولات نحو 2.021 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %5.5 (نحو 1.964 مليار دينار كويتي في نهاية يونيو 2018)، ولقطاع الصناعة نحو 2.006 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %5.5 (نحو 1.958 مليار دينار كويتي في نهاية يونيو 2018)، ولقطاع المؤسسات المالية -غير البنوك- نحو 1.130 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %3.1 (نحو 1.187 مليار دينار كويتي في نهاية يونيو 2018).
وتشير النشرة أيضاً، إلى أن إجمالي الودائع لدى البنوك المحلية قد بلغ نحو 43.083 مليار دينار كويتي، وهو ما يمثل نحو %66.3 من إجمالي مطلوبات البنوك المحلية، بانخفاض بلغ نحو 436 مليون دينار كويتي عما كان عليه في نهاية يونيو 2018، أي بنسبة تراجع ربع سنوي بلغت نحو %1. ويخص عملاء القطاع الخاص من تلك الودائع بالتعريف الشامل، أي شاملاً المؤسسات الكبرى، مثل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية -لا يشمل الحكومة- نحو 36.657 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %85.1، ونصيب ودائع عملاء القطاع الخاص بالدينار الكويتي منها نحو 33.743 مليار دينار كويتي أي ما نسبته نحو %92.1، وما يعادل نحو 2.914 مليار دينار كويتي بالعملات الأجنبية لعملاء القطاع الخاص أيضاً.
أما بالنسبة إلى متوسط أسعار الفائدة على ودائع العملاء لأجل بكل من الدينار الكويتي والدولار الأميركي مقارنة بنهاية يونيو 2018، فتذكر النشرة أن الفرق في متوسط أسعار الفائدة على ودائع العملاء لأجل مازال لمصلحة الدينار الكويتي في نهاية الفترتين، إذ بلغ نحو 0.862 نقطة لودائع شهر واحد، ونحو 0.800 نقطة لودائع 3 أشهر، ونحو 0.732 نقطة لودائع 6 أشهر، ونحو 0.612 نقطة لودائع 12 شهراً. بينما كان ذلك الفرق في نهاية يونيو 2018 نحو 0.799 نقطة لودائع شهر واحد، ونحو 0.719 نقطة لودائع 3 أشهر، ونحو 0.656 نقطة لودائع 6 أشهر، ونحو 0.551 نقطة لودائع 12 شهراً. وبلغ المتوسط الشهري لسعر صرف الدينار الكويتي في سبتمبر 2018 مقابل الدولار الأميركي، نحو 302.716 فلس كويتي لكل دولار أميركي، بارتفاع بلغ نحو %0.16 مقارنة بالمتوسط الشهري ليونيو 2018 عندما بلغ نحو 302.245 فلس كويتي لكل دولار أميركي.