لم يكن أحد يتوقع في السنوات الماضية، أن تصل الدرجة بالتقنيات الحديثة، لتصبح الرفيق الأمثل للإنسان في جميع مراحل حياته، منذ الاستيقاظ في كل يوم حتى النوم في نهاية ساعات نهاره الطويلة.
ويعد قطاع الصحة من الأكثر استفادة من التقنيات الحديثة، والفورة التكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم، بحيث باتت الأجهزة القابلة للارتداء، ثورة قائمة في حد ذاتها، مع القدرة على استخدامها في مراقبة الحركة والضوء والضغط والحرارة والرطوبة، وتنفيذ الإجراءات الطبية والفحوصات التشخيصية أو العلاجية.
وتتيح هذه الأجهزة للشخص الاستمتاع بسلامة الجسم والعقل، مع توفيرها خاصية متتبع الإجهاد لمشاهدة مستويات الإجهاد لدى صاحبها عندما يشعر بالتوتر، وتقدم له قائمة بأبرز تمارين التنفس التي تسمح له بالشعور بالاسترخاء خصوصاً بعد قضاء يوم طويل في العمل.
وتوفر بعض الأجهزة صمامات ضوئية تلف معصم العميل، ما يوفر له القدرة على مراقبة صحته، ومعدل ضربات القلب، وتنبيهه عندما يزيد أو ينخفض عددها عن المستويات العادية.
في الوقت نفسه، يمكنك مع الأجهزة القابلة للارتداء، تعزيز تجربتك في اللياقة البدنية، ونيل التدريب المناسب للحصول على القوام الرياضي واللياقة البدنية، عبر الملاحظات الفورية التي تظهر على الشاشة استناداً إلى بيانات الإيقاع في الجهاز.
وبالاستفادة من هذه الأجهزة، بات يمكن للمريض التواجد في منزله ومراقبة الوظائف الحيوية المطلوبة منه بدلاً من تواجده بشكل كامل في المستشفى، من خلال أجهزة تكون مرافقته في أي وقت وأي مكان، تمكّن الطاقم الطبي من متابعة حالته الصحية، والحصول على معلومات مفصلة وآنية عن حالة الضغط، أو نبضات القلب.
وتشمل الأجهزة الذكية التي يمكن ارتداؤها، أدوات تقنية حاسوبية كملابس أو كماليات، مثل الساعات والنظارات والملابس، التي تقدّم معلومات فورية، من خلال تسجيل البيانات وتحليلها وتوصيلها إلى هاتف العميل بسرعة.
وتعمل هذه الأجهزة على مراقبة صحة الأفراد وتحليلها وفق مؤشرات عدة مثل معدل نبضات القلب وضغط الدم وغيرها، لتتيح كنزاً ثميناً من البيانات كونها تمكّن الأطباء والمرضى على حد سواء من متابعة أوزانهم ومستوى التوتر لديهم وساعات نومهم ومستوى اللياقة البدنية وغيرها.
سماعات وعدسات
تتوزع الأجهزة القابلة للارتداء بين سماعات حيوية ترصد دقات القلب واللياقة البدنية، أو العدسات اللاصقة الذكية لمراقبة معدلات السكر في الدم، واللاصقات الذكية لمراقبة الأعضاء الحيوية والتذكير بموعد تناول الدواء، وحتى أنها تعطي المريض الدواء أو أقراص الدواء الذكية التي تسمح للأطباء بالتأكد من أن مرضاهم يتناولون الأدوية.
يمكن للعميل مع الأجهزة القابلة للارتداء، أن يحدد أهدافاً صحية وغذائية على هاتفه على سبيل المثال، ومتابعة مسار تقدمه من خلال معصمه، إذ تسهل الساعة تحقيق التوازن في السعرات الحرارية، وتتبّع مدى استهلاك الجسم من السعرات الحرارية، وهي تمنح صاحبها نصائح ورؤى تفيد في الحفاظ على المسار الصحيح للنظام الصحي الذي يريد تتبعه.
في الوقت نفسه، يمكن للعميل أن يكون على اتصال دائم بشريكه المسؤول عن العناية بصحته وأسلوب حياته المثبت على معصمه، والذي يقدم نصائح آنية، ويتيح له الحصول على معلومات أكثر دقة عن صحته في الوقت المناسب.
وتعمل الساعات الذكية وهي النوع الأكثر انتشاراً من الأجهزة القابلة للارتداء بين أوساط العملاء، على تتبع حركاتك حتى تتمكن من الانطلاق والقيام بممارسة التمارين وتقدم لك النصائح المناسبة عند عدد السعرات الحرارية التي يجب عليك خسارتها، أو عدد دورات الركض أو السباحة أو المشي التي تحتاج إليها من أجل الوصول والحفاظ على الوزن المناسب لجسمك.
استثمار الشركات
يأتي ذلك في وقت تواصل المؤسسات الاستثمار بشكل كبير في برامج ومنصات الذكاء الاصطناعي، والأجهزة القابلة للارتداء، وتتطلع إلى تحسين عملياتها التجارية وتحويلها إلى النظام الآلي، وتطوير عروضها من أجل تعزيز تجربة العملاء إلى الحد الأقصى.
وتأتي الاستثمارات في هذا الإطار مدفوعة بمجموعة واسعة من حالات الاستخدام، رغم أن أكبر ثلاثة وكلاء خدمة العملاء الآلية، وأتمتة تكنولوجيا المعلومات، وأنظمة الاستخبارات للوقاية من التهديدات الآلية، ستمثل نحو 30 في المئة من إجمالي الإنفاق على الأجهزة القابلة للارتداء في 2020.
ويواكب هذا الأمر السعي نحو التحول الرقمي، ما سيؤدي إلى دفع الاستثمارات في التقنيات الناشئة الأخرى أيضاً، مثل التكنولوجيا السحابية والتي ستشكل نحو 2.7 مليار دولار، إضافة إلى الاستثمار في البيانات الضخمة وتحليلها والتي ستستحوذ على مستوى إنفاق بواقع 2.7 مليار دولار، علاوة على قطاع الأمن الإلكتروني والذي سيشكل نحو 2.9 مليار دولار.
فاصل تكنولوجي
الأجهزة… والتطبيقات
لجأ الكثير من الشركات الى نشر تطبيقات صحية يمكن لأي شخص ان يعتمدها على هاتفه الذكي، لتعطيه معلومات حول مؤشراته الحيوية ومعدل اللياقة البدنية وحساب السعرات الحرارية لديه ونبضات قلبه.
وسهّلت تطبيقات الهواتف الذكية إجراء الدراسات الكبيرة التي تجمع البيانات بدقة، وفي الوقت المناسب حول أماكن الناس من خلال جمع المعلومات الخاصة بالوضع الصحي للمرضى لحظة بلحظة عن طريق الأجهزة التكنولوجية الحديثة، على ان يتم إرسالها لاحقاً إلى أحد الأطباء لمراجعتها.
وبالإضافة الى المعلومات ومراقبة المؤشرات الحيوية في الجسم، يوجد بعض التطبيقات الطبية التي تعتمد على الميكروفون وكاميرا الهاتف الذكي في عملية تشخيص الأمراض، كما يمكن في تطبيقات أخرى دمج أجهزة استشعار وملحقات صغيرة بالهواتف الذكية للقيام باختبارات أساسية وتشخيص المشاكل الصحية، ويمكّن المريض من البيانات كل خمس دقائق على هاتفه المحمول، ما يمنحه رؤية إضافية لإدارة مرض السكري مثلاً.
وتجمع الأجهزة التكنولوجية الحديثة والتطبيقات الصحية المتخصصة على الهواتف الذكية، المعلومات الخاصة بالوضع الصحي للمريض لحظة بلحظة، لإرسالها لاحقاً إلى أحد الأطباء لمراجعتها.
تساعدك الأجهزة القابلة للارتداء على أن تتحرك أكثر وأن تتناول طعاماً أفضل وعيش حياة صحية، إذ تتابع مسار لياقتك البدنية ونظامك الغذائي، ما يبقيك في المسار الصحيح لتحقيق أهدافك التي تريد الوصول إليها.
ويمكنك هنا أن تحدد أهدافاً صحية وغذائية على هاتفك، ومتابعة مسار تقدمك من خلال معصمك، فعلى سبيل المثال تتيح الساعات الذكية تحقيق التوازن في سعراتك الحرارية وتتبّع مدى استهلاك الجسم من السعرات الحرارية، وتمنحك نصائح ورؤى تفيدك في الحفاظ على المسار الصحيح.
كما تتيح لك الاجهزة الاستفادة من التمارين الرياضية إلى أقصى حد ممكن، من خلال تطبيق دليل التمرين المحمّل على هاتفك، وتقدم على شاشتك أكثر من 60 تمريناً معدة للاختيار من بينها، وتعمل على توجيه حركاتك أثناء قياس معدل نبضات قلبك.
وعندما تكون على متن طائرة، تقترح عليك الأجهزة تمارين مد العضلات التي يمكنك القيام بها وأنت على مقعدك، في حين أنه عندما تقود السيارة، ستعرف أنك تركز على الطريق، ولست خاملاً فلا تطلب منك ممارسة تمارين مد العضلات.
اتصال…
من دون يدين
يمكن للعميل أن يرتدي الجهاز الذي يريد، واستخدام هاتفه من دون الحاجة لاستخدام يديه، فعلى سبيل المثال تتيح الساعات الذكية تلقي وإجراء المكالمات مع السماعات المدمجة، وتسمح بالاستماع للرسائل الصوتية ولصوت المنبه عند ضبطه.
وتأتي بعض الأجهزة مع نظام «GPS» المثبت لتحديد المواقع، لتتمكن من تحديد موقعك ومعرفة مدى قربك من أي مكان تريد التوجه إليه، وتقدم لك التعليمات بعد تعقب أنشطتك، بما يسمح لك بالتركيز على اللعب من دون التفكير في هاتفك طوال الوقت.
ويمكنك أيضاً وضع سماعات البلوتوث خاصتك لتستمع إلى أغانيك أو تحمّل قائمة أغانيك من الإنترنت، خصوصاً خلال ممارسة التمارين الرياضية، ما يتيح لك اصطحاب موسيقاك دون حمل هاتفك بين يديك.
199 مليون وحدة
توقع أحدث تقرير من «مؤسسة البيانات الدولية» (IDC)، أن ينمو السوق العالمي للأجهزة القابلة للارتداء، والذي يشمل الآن سماعات الرأس اللاسلكية مع المساعدات الذكية، بنسبة 15.3 في المئة مقارنة بالعام السابق ليصل إلى 198.5 مليون وحدة بحلول نهاية عام 2019.
44 في المئة للساعات
وفقاً لـ«آي دي سي»، شكلت الساعات 44.2 في المئة من سوق الأجهزة القابلة للارتداء بالكامل في عام 2018، ومن المتوقع أن ترتفع حصتها إلى 47.1 في المئة عام 2023. وستتصدر الساعات الذكية من «آبل» السوق، على الرغم من المنافسة المتزايدة من الساعات التي تعمل بنظام «وير أو إس» وهو نسخة معدلة من نظام «أندرويد».
42 دولاراً في 2023
من المتوقع بحسب توقعات «IDC»، أن ينخفض النمو من حيث القيمة بالدولار لأسعار الأجهزة القابلة للارتداء بمعدل سنوي مركب نسبته 4.1 في المئة، إذ سينخفض متوسط أسعار البيع من 51 دولاراً عام 2019 إلى 42 دولاراً عام 2023.
وتستأثر الشركات بنحو 56.8 في المئة من الإنفاق، في وقت ستبقى فيه شركات الاتصالات والكيانات الحكومية والمالية وقطاع المصانع من بين الأكثر إنفاقاً.