أكد صندوق النقد الدولي أن البلدان التي تحظى باحتياطات مالية مثل الكويت وقطر والسعودية والإمارات، تملك مساحة من القدرة على مواجهة أزمة كورونا، كما أنها في موقف جيد لاستيعاب الارتفاع في العجوزات أكثر من غيرها من الدول التي لا تملك سوى مساحة محدودة من القدرات.
وفي الوقت الذي توقع فيه الصندوق حدوث انكماش في الناتج المحلي الإجمالي للكويت خلال العام الحالي بنحو 1.1 في المئة، متأثراً بالصدمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي الفيروس، رجّح أن تعود البلاد إلى تحقيق النمو العام المقبل لتسجل 3.4 في المئة.
وبحسب التقرير الدوري لآفاق الاقتصاد العالمي، قدّر «صندوق النقد» أن ينخفض معدل التضخم في البلاد خلال 2020 ليبلغ 0.5 في المئة، بعد تسجيله 1.1 في المئة العام الماضي، على أن ينمو في 2021 إلى 2.3 في المئة، مرجحاً حدوث انكماش في الحساب الجاري وتحوله للعجز بواقع 10.2 في المئة، مع توقعات بانخفاض هذه النسبة في 2021 لتصل إلى 7.8 في المئة، فيما رجّح حدوث عجز بواقع 11.3 في إجمالي الأرصدة المالية.
أما خليجياً، فتوقع صندوق النقد أن تحقق دول مجلس التعاون انكماشاً في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 2.7 في المئة العام الحالي، على أن يتعافى إجمالي الناتج في 2021 لينمو 3.3 في المئة، بعد أن كان قد حقق نمواً في 2019 بنحو 0.6 في المئة.
وتشير توقعات الصندوق إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي غير النفطي الخليجي في 2020 بنحو 4.3 في المئة، يعقبه نمو بـ3.2 في المئة العام المقبل، بعد تسجيله نمواً بـ2.4 في المئة العام الماضي.
أما فيما يتعلق برصيد المالية العامة نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي الخليجي، فتوقع الصندوق أن يسجل عجزاً بنحو 10.4 في المئة في 2020، ينخفض إلى 8.1 في المئة خلال العام المقبل، بعد أن كان قد سجل انكماشاً بلغ 2.1 في المئة خلال 2019.
ورجح الصندوق تسجيل رصيد المالية غير النفطي لدول المنطقة نسبة إلى الناتج المحلي غير النفطي، انكماشاً بــ34.4 في المئة هذا العام، أي أقل مما سجله في 2019، والبالغ 34.9 في المئة، على أن يبلغ الانكماش 30.6 في المئة بـ2021.
وفيما يتعلق بالحساب الجاري، لفت صندوق النقد إلى أنه سينكمش 3.1 في المئة هذا العام، مقارنة بنمو 5.6 في المئة العام الماضي، فيما سيسجل عجزاً بنحو 4.4 في المئة العام المقبل.
وشدد الصندوق على أهمية مواصلة الحكومات تنفيذ سياسات فورية للاستجابة لهذه التحديات مع تقديم دعم السيولة للقطاعات والمجاميع الأكثر تضرراً، مبيناً أن ذلك قد يتضمن تقديم تحويلات نقدية مباشرة وتقوية الأمان الاجتماعي، واستهداف تخفيض التعريفات الجمركية والضرائب على السلع في قطاع الرعاية الصحية والخدمات، علاوة على تقديم دعومات مباشرة موقتة أو تأجيل مدفوعات الضرائب بالنسبة للأعمال المتضررة لتجنب حدوث الاضطرابات القطاعية لا سيما في المشاريع المتوسطة والصغيرة وقطاعات الضيافة، مع تقديم حوافز قائمة على الانفاق للشركات.
الشرق الأوسط
ورجح صندوق النقد أن تشهد دول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى انكماشاً هذا العام يفوق ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 وصدمة أسعار النفط في 2015، متوقعاً أن يبلغ ذلك الانكماش 3.1 في المئة العام الحالي، ما يعادل استبعاد 425 مليار دولار من الناتج الكلي للمنطقة، على أن يبلغ النمو 3.9 في المئة في 2021.
وأشار إلى أن تراجع النمو إضافة إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط يشكلان إجهاداً كبيراً على الأوضاع المالية والخارجية لدول المنطقة المصدرة للنفط، متوقعاً أن يزيد العجز المالي من 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة خلال 2019 إلى نحو 10 في المئة في 2020، وأن ينتج ثلثا هذا التراجع عن الأزمة المتعلقة بتدابير الإنفاق والإيرادات.
وبيّن الصندوق أن تراجع الإيرادات النفطية سيثقل كاهل توازن الحسابات الجارية في المنطقة، التي من المرجح أن يبلغ عجزها 5.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، مقارنة مع 2.7 في المئة فائض حققته خلال 2019، مؤكداً أن ضعف الوضع المالي والخارجي يجعل الدول المصدرة للنفط في المنطقة أكثر عرضة للمخاطر الهبوطية مع مساحة ضئيلة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
وشدد التقرير على أنه في الوقت الذي تتجه الاحتياطيات المالية إلى النفاد، لا تزال هذه الاحتياطيات كافية بالنسبة لبعض الدول في المنطقة، مشيراً إلى أن التزامات الإنفاق الضخمة، ومن بينها رواتب العاملين في القطاع العام والمعاشات التقاعدية في دول مثل الكويت والعراق والجزائر، إضافة إلى تصاعد مدفوعات الفوائد في دول مثل البحرين واليمن وإيران، علاوة على الإنفاق غير المقدّر، ترك العديد من الدول في المنطقة أمام أنماط صارمة من المصروفات مع وجود تحد سياسي تجاه تغييرها.
250 مليار دولار انخفاضاً متوقعاً للصادرات النفطية
أوضح الصندوق أن الأرصدة الخارجية وأرصدة المالية العامة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تحت وطأة الضغوط، متوقعاً تراجع الصادرات النفطية بأكثر من 250 مليار دولار في أنحاء المنطقة، وأن تتحول أرصدة المالية العامة إلى السالب، متجاوزة 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في معظم البلدان، لافتاً إلى أن جائحة كورونا والهبوط في أسعار النفط، يشكلان صدمة مزدوجة، تتسبب في اضطراب اقتصادي كبير في المنطقة، ورغم أجواء عدم اليقين الكثيفة التي تكتنف عمق أزمة كورونا ومدتها، فإن أثرها قد يكون طويل الامد.