توصل تقرير إلى أن الاقتصاد التركي يقترب من الانهيار، وأن سعر صرف العملة الوطنية “الليرة” ينخفض حرفيا إلى أدنى مستوى تاريخي يوما بعد آخر، ومن دون توقف.
لفت التقرير في ديباجته إلى أن انهيار الليرة التركية ليس ناجما عن هجوم من قبل المضاربين، ولكنه انعكاس للوضع الحقيقي للأمور.
ورصد الخبير إيغور نيديلكين، أن سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار هوى بالفعل منذ بداية العام بنسبة 30٪ ، وفيما لا يعد تخفيض قيمة العملة بالنسبة للدول المصدرة بالأمر الحرج، روسيا على سبيل المثال، بل هو عكس ذلك تشجعه السلطات أحيانا، فضعف العملة بالنسبة لتركيا التي تعد مستوردا خالصا، يشبه حبل المشنقة حول العنق.
وقال التقرير في هذا السياق: “كلما ارتفع سعر الصرف، زادت الأموال المطلوبة لدفع ثمن الواردات، وكل انخفاض في الليرة يمثل ضربة موجعة جديدة. لم تصبح الأحداث في الاقتصاد التركي بعد أخبار ملحوظة، ربما يرجع ذلك فقط لأن كوارث أخرى طغت عليها هذا العام”.
ولفت الخبير إلى أن السلطات التركية لم تتخذ أي تدابير لاستقرار سعر الصرف، مشيرا إلى أنها “رفعت أسعار الفائدة ما بين البنوك إلى 1000٪ ، ونفذت تدخلات، واستخدمت المقايضة، وما إلى ذلك. كل هذا، يعطي في أحسن الأحوال نتيجة قصيرة الأجل. على سبيل المثال، تمكن البنك المركزي التركي في الصيف من تجميد سعر صرف العملة الوطنية لفترة قصيرة، ولكن في الخريف استمر السقوط بقوة متجددة.
وسجّل نيديلكين أن تركيا “ببساطة ليس لديها الحجم المطلوب من العملة. إذا كانت احتياطيات البنك المركزي في بداية العام حوالي 75 مليار دولار، فهي الآن 45 مليار دولار فقط ، وكما لاحظ خبراء وكالات التصنيف ، فإن جميع هذه الاحتياطيات تقريبا هي احتياطيات للبنوك التجارية ، ولم يتبق أي شيء للجهة التنظيمية نفسها (البنك المركزي)”.
وأشار التقرير على أن تركيا لديها احتياطيات كبيرة جدا من الذهب. إلا أن احتمالية أن تواجه البلاد أزمة أكثر خطورة في ميزان المدفوعات، ما قد يؤدي إلى اضطرابات حادة في النشاط الاقتصادي وزيادة تدهور الوضع، مرتفع للغاية.
وذكر نيديلكين أن التصنيف الائتماني لتركيا كان عند أسوأ مستوى لفترة طويلة، وخفضته وكالة موديز الأسبوع الماضي مرة أخرى، مضيفا في لهجة ساخرة، أن تركيا أصبحت الآن إلى جانب أكثر الدول الأفريقية رخاء.
واعتبر التقرير أن “أزمة ميزان المدفوعات من أصعب الظروف بالنسبة للاقتصاد. إن تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد أقل من تدفقها إلى الخارج في الاتجاه العكسي، أي أن هناك حاجة إلى مزيد من الأموال لسداد الديون الخارجية والواردات، أكثر مما يوجد في الخزائن ولدى الشركات الخاصة. إذا استمر هذا الوضع لفترة كافية، فهذا يعني الإفلاس”.
وتوقف نيديلكين عند نقطة حساسة، تتمثل في أن أسعار النفط المنخفضة تساعد تركيا وهي كعامل مخفف “ولو لم يكن البرميل يساوي 40 دولارا، ولكن 65 دولارا أو 70 دولارا على سبيل المثال، فسيكون عجز ميزان المدفوعات أكبر بكثير”.
ولفت التقرير إلى أن الدين الخارجي لتركيا يبلغ حوالي 100 مليار دولار، ورأى أن “هذا مبلغ ضخم جدا في الوضع الحالي. ومن الواضح أن قروض السوق في هذه الحالة ومع مثل هذا التصنيف غير واردة، لذلك يجذب البنك المركزي التركي العملة بشكل رئيس من خلال اتفاقيات المبادلة، ومن ذلك أن قطر مدت يد العون وزادت خط المبادلة إلى 15 مليار، إلا أن مثل هذا الأمر لا يكفي، ويصعب العثور على مساعدين آخرين.
وتطرق نيديلكين إلى مساهمة جائحة الفيروس التاجي في تدهور الاقتصاد التركي، واصفا إياها بالحاسمة، حيث يعد قطاع السياحة أحد المصادر المهمة لعائدات النقد الأجنبي، ولكن هذا العام انهار تدفق السياح بشكل مفهوم بمقدار النصف تقريبا.