أشار معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إلى تضاعف الطلب الصيني على النفط خلال العقدين الماضيين، 3 مرات تقريباً، من 4.7 مليون برميل يومياً في 2000 إلى نحو 14.1 مليون برميل باليوم في 2019، ليساهم بنحو ثلث النمو في إجمالي الطلب العالمي سنوياً.
وتوقّع المعهد في تقريره المشترك مع منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، أن تواصل الصين قيادتها لقاطرة نمو الطلب العالمي على النفط في المستقبل، مع ترجيحات بتجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي كأكبر اقتصاد عالمي في المستقبل القريب.
وذكر التقرير أنه بالرغم من مواطن النمو الكامنة في الاقتصاد الصيني، الذي لا يتجاوز فيه حجم استهلاك الفرد من النفط فيها ثلث نظيره في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أن وتيرة النمو في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين المقبلين يتوقع أن تنخفض كثيراً عن نظيرتها للعقدين الماضيين.
وتابع التقرير أنه في الوقت الذي ارتفع فيه استهلاك الصين من النفط بنحو 9.4 مليون برميل باليوم خلال العقدين السابقين، فلا يتوقع أن يزيد حجم الزيادة في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين المقبلين عن 3 إلى 4 ملايين برميل يومياً، مرجعاً أسباب ذلك إلى التحولات الهيكلية التي يمر بها الاقتصاد الصيني والمتمثلة في تعزيز انتقاله إلى اقتصاد مدعوم بالاستهلاك المحلي، بدلاً من اقتصاد معتمد على قطاع التصدير، فضلاً عن جهود السياسات الصينية الوطنية الرامية للحد من تلوث الهواء وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبيّن التقرير أنه نظراً لأهمية الصين كمؤثر رئيسي في الطلب العالمي على النفط، فإن تقليص نطاق الضبابية في توقعات حجم الاستهلاك المستقبلي المقدر بنحو مليون برميل، بترجيح توقعات الزيادة في الطلب الصيني، أمر بالغ الأهمية للأسواق العالمية.
الخروج من الصدمة
اعتبر التقرير أنه مع الخروج التدريجي للصين من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن «COVID-19»، يبدو أن تدابير الدعم المالي الحكومي وسياسات التيسير النقدي، تؤتي ثمارها في انتعاش الناتج المحلي الإجمالي، الذي نما خلال الربع الثاني من عام 2020 بمعدل 3.2 في المئة، بعد الانخفاض الحاد الذي شهده خلال الربع الأول من العام والذي بلغ 6.8 في المئة.
ولفت إلى زيادة الناتج الصناعي الصيني بنسبة 4.8 في المئة مدعوماً بالتسارع في التصنيع، خصوصاً في قطاع السيارات.
وبيّن التقرير أنه بشكل عام تبرز مؤشرات استئناف الأعمال، أن النشاط الاقتصادي الصيني قد استعاد بالفعل معدلات 80 إلى 90 في المئة من نشاطه ما قبل «COVID – 19» خلال الربع الثاني، إلا أن عودة القطاع الصناعي إلى مستويات ما قبل الجائحة، تتطلب زيادة الطلب الاستهلاكي، وهي عملية أثبتت أنها بطيئة، بحيث مازالت مبيعات التجزئة تعاني من الضعف.
وتشير توقعات المدى القريب إلى انتعاش سريع في النشاط الصناعي، وارتفاع أبطأ في طلب المستهلكين، مع مخاوف بشأن الدخل والتوظيف على الإنفاق الاستهلاكي، لا سيما بين قوة العمال المهاجرين القوية في الصين التي يبلغ قوامها 400 مليون نسمة، يعمل نصفهم تقريباً في التجارة.
وكشف عن انعكاس الانتعاش الاقتصادي في نمو استثنائي للطلب الصيني على النفط، بحيث قفزت واردات النفط الخام إلى 13 مليون برميل باليوم خلال شهر يونيو الماضي، مقارنة بمتوسط بلغ نحو 10.9 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من العام، وأعلى على أساس سنوي بأكثر من مليون برميل يومياً (10 في المئة)، وتجاوز نمو السنوات الماضية البالغ 800 ألف برميل يومياً.
وذكر أن أهم أسباب ارتفاع الواردات الصينية من النفط الخام، تشمل حركة البناء المكثفة للمخزونات النفطية الصينية مستفيدة من الأسعار المنخفضة، ودراسة الحكومة اعتماد سياسة جديدة تطلب من مصافي التكرير الاحتفاظ بمخزونات تغطي 35 يوماً من التشغيل بدل 15 يوماً فقط من التشغيل، ما سينعكس إيجاباً في ارتفاع واردات الصين من النفط خلال الفترة المقبلة.
باركيندو: المنتجون لا يتوقّعون انهياراً جديداً … وأسعار النفط تتراجع 3 في المئة أمس
تراجعت أسعار النفط بأكثر من 3 في المئة خلال تداولات أمس، مع مخاوف الموجة الثانية من وباء «كورونا»، وتسارع إنتاج الخام في ليبيا (وكالات). وهبط سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر ديسمبر 3.1 في المئة، ما يعادل 1.3 دولار ليسجل مستوى 40.47 دولار للبرميل، فيما انخفض سعر عقد خام نايمكس الأميركي تسليم ديسمبر بنحو 3.4 في المئة أي 1.34 دولار ليصل إلى 38.51 دولار للبرميل. من جهة أخرى، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إنه ينبغي أن يدرس العالم جميع خيارات الحد من الانبعاثات المسبّبة لارتفاع درجة حرارة الأرض من أجل مكافحة تغير المناخ، لكن الاستغناء عن النفط والغاز احتمال بعيد وغير واقعي. وأضاف بن سلمان خلال مؤتمر قمة سنغافورة للطاقة «دعونا لا نقتصر في تركيزنا على الوقود المحبذ استخدامه بل على كيفية الحد منه والتكيف مع هذه الحقائق دونما محاباة لتفضيلات معينة»، مبيناً أنه يدعم التقنيات التي تسمح للمملكة، صاحبة أكبر احتياطيات من النفط والغاز في العالم، باستغلال مواردها استغلالاً كاملاً. ورداً على سؤال كيف حقّقت «أوبك+» التزاماً عالياً بحصص الإنتاج، قال وزير الطاقة السعودي «بالتعامل مع الناس على قدم المساواة، والتأكد من إدراكهم أن عدم الامتثال والالتزام سيقوض مصداقية هذا الاتفاق لدى السوق»، مضيفاً «وبالتالي فإن السوق، بدلاً من مكافأتنا، ستعاقبنا، وكلما عاقبتنا انحسرت جدوى مواصلة القيود في نظر الملتزمين بها، ومن ثم سيؤول كل هذا إلى لا شيء». وأضاف الأمير عبدالعزيز في رده على سؤال آخر حول سوق النفط العالمية «الخوف الآن هو من حدوث موجة ثانية»، لكنه عبر عن تفاؤله بأن «الجميع قد تعلّم دروساً قاسية وصعبة من التعامل مع الموجة الأولى». وتابع «ما علينا هو مواصلة العمل ورعاية وتطوير اقتصاد العالم والاقتصادات المحلية والتأكد من امتثالنا (لتدابير التباعد الاجتماعي)». بدوره، قال الأمين العام لمنظمة أوبك، محمد باركيندو، إن منتجي «أوبك+» لا يتوقعون انهيار أسعار النفط من جديد مثلما حدث في الربع الثاني من العام، مضيفا أن أعضاء التحالف لن يغيّروا المسار على صعيد إعادة التوازن إلى السوق، وموضحاً أن «نسبة الامتثال بلغت 100 في المئة في المتوسط، وعازمون على مواصلة الالتزام».