قالت مصادر ذات صلة إن مديري المحفظة الوطنية أفادوا اللجنة الإشرافية المشكلة برئاسة الهيئة العامة للاستثمار، بأنهم لا يحتاجون إلى ضخ سيولة جديدة من رأسمال المحفظة، حتى بعد ترقية البورصة المرتقبة نهاية الشهر الجاري، موضحين أن النقد الذي لديهم كافٍ لهذه المرحلة.
وأوضحت المصادر أنه تمت مناقشة أكثر من سيناريو بينها ضخ مزيد من الأموال من رأسمال المحفظة بعد الترقية، لتحقيق نوع من الاستقرار بالأسعار، أو الاكتفاء بتوظيف السيولة الموجودة حالياً لدى المديرين، لافتة إلى أن جميع التصورات المقترحة تدفع باتجاه عدم الحاجة لأموال إضافية.
إلى ذلك، كشفت المصادر أن القيمة السوقية لاستثمارات المحفظة الوطنية حالياً تبلغ نحو مليار دينار، ليتضاعف مع ذلك رأسمالها المدفوع حتى الآن، والذي يقارب نصف المليار، بنمو 100 في المئة.
يذكر أنه تم تأسيس المحفظة الوطنية، وهي بالمناسبة محفظة طويلة الأجل، في العام 2008، برأسمال مصرح به يبلغ 1.5 مليار، وذلك لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، وبهدف بناء الثقة ببورصة الكويت، والحفاظ على استقرار السوق وتحقيق النمو والربحية في أداء المحفظة على المدى الطويل.
تداولات البورصة
على صعيد متصل، كشفت المصادر أن مديري المحفظة الوطنية أفادوا اللجنة الإشرافية، بأنهم لم يتمكنوا في الفترة الماضية من رفع مستويات «الكاش» لديهم، كما تم توجيههم، مشيرين إلى أن سلسلة التراجعات التي شهدتها البورصة بالأسبوعين الماضيين تطلبت أن يزيدوا مشترياتهم، لا أن يرفعوا مبيعاتهم، الأمر الذي استوجب ضخ أموال إضافية، لعمل الموازنة بالبورصة، وليس زيادة النقد في المحافظ الحكومية.
يشار إلى أن 4 شركات تتولى إدارة أموال المحفظة للوطنية في البورصة، وهي الشركة الكويتية للاستثمار، و«الوطني للاستثمار» و«المركز المالي»، و«كامكو إنفست».
ولفتت المصادر إلى أن اللجنة الإشرافية كانت قد وجهت المديرين الأربعة خلال الفترة الماضية لاتباع إستراتيجية استثمارية تقضي برفع منسوب السيولة النقدية في محافظهم، على أن يتم امتصاص هذه السيولة في زيادة استثماراتهم في حال توسعت موجة التراجع التي يمكن أن يفرزها السوق بعد ترقية بورصة الكويت إلى مصاف الأسواق الناشئة على مؤشر «MSCI».
نسب السيولة
وذكرت المصادر أن اللجنة الإشرافية طلبت من المديرين رفع نسبة السيولة لديهم إلى 25 في المئة أو أكثر من إجمالي قيم موجوداتهم، على أن تتم إعادة ضخها في السوق مجدداً، وذلك في مسعى لدعم مؤشرات البورصة من أي تراجعات معتادة بسبب الترقية.
لكن يبدو أن أحداث التداولات بالأسبوعين الماضيين والتي تميزت بتراجع المؤشرات، دفعت مديري المحفظة إلى تبني قرارات استثمارية معاكسة، حيث اضطروا في ظل حركة التداولات «التعبانة» التي شهدها السوق خلال الأسبوعين الماضيين، حسب وصف بعضهم، إلى زيادة مشترياتهم، في محاولة لتخفيف حدة التراجعات.
وقالت المصادر إنه إذا كان مديرو المحفظة مسؤولين عن قرارات التداول التي يتخذونها، والسيطرة على تدفق السيولة الحكومية، باعتبار أن عين الهيئة العامة للاستثمار واللجنة الإشرافية مفتوحة على الربحية، إلا أنه في النهاية هناك اتفاق على أهمية دور المحفظة في تعزيز استقرار السوق.
حركة المؤشرات
وأوضحت، أن نشاط البورصة المتراجع في الفترة الماضية تطلّب أن يكون تحرك مديري المحفظة منسجماً مع الدعم وليس مخالفاً له، مبينة أن رفع مستويات السيولة لدى مديري المحفظة الوطنية وفقاً للمخطط كان سيقود إلى مزيد من الهبوط في حركة المؤشرات والأسهم المستهدفة بالترقية.
ورغم أن مستويات «الكاش» لدى مديري المحفظة الوطنية تقارب 10 في المئة، ما يعني حسابياً أنها تمثل 40 في المئة فقط من معدل «الكاش» المستهدف، إلا أن اللجنة الإشرافية تفهّمت حسب المصادر رأي مديري المحفظة، ولم تبدِ أي تحفظ، في حين طلب مسؤولوها من المديرين تزويدهم بتصوراتهم لوضع البورصة المرتقب قبل نهاية شهر نوفمبر الجاري، وذلك حتى يتم بناءً عليها تحديد متطلبات ضخ سيولة الترقية المرتقبة في 30 نوفمبر.
ولفتت المصادر إلى أن لدى مديري المحفظة قناعة بأن النظرة قصيرة المدى للأوضاع الاقتصادية غير واضحة، بينما يرون أن النظرة بعيدة المدى، وخصوصاً في 2021، تؤكد ارتفاع احتمالات استقرار الأوضاع عامة، ومنها حركة البورصة، مشيرين إلى أنهم يبنون توقعاتهم الإيجابية في هذا الخصوص على إمكانية إقرار قانون الدين العام العام المقبل، والانتهاء من انتخاب مجلس أمة وحكومة جديدين، وغيرها من المعطيات الأخرى التي تغذي التفاؤل استثمارياً.
زخم التداولات يخفت بعد الترقية
لفتت المصادر إلى أنه عقب انتهاء عمليات الشراء المنفذة للترقية، درجت العادة أن يخفت زخم التداولات، وأنه مع انخفاض أحجام التداولات تسجل أسعار الأسهم تراجعات، ما دفع اللجنة الإشرافية إلى توجيه مديري المحفظة لضرورة الاستفادة من هذا الوضع، وتحديداً من الفرص المشجعة، دون تحمل مخاطر الخسائر.
وإلى ذلك، طُلب من المديرين، رفع منسوب السيولة النقدية في محافظهم، وتجنيبها لتعاملات ما بعد انتهاء الترقية، والاستفادة من الفرص، لا سيما الأسهم التي يرجّح أن تسجّل انخفاضات متوقعة في قيمها، وتحديداً التي كانت محل تركيز، فيما تم التأكيد على ضرورة زيادة الاستثمار الحكومي حال توسعت موجة التراجع التي يمكن أن تفرزها الترقية، دون انكشاف على المخاطر.
فائدة الحكومة… مزدوجة
أكدت المصادر أن توجيهات اللجنة الإشرافية تعكس اهتماماً حكومياً بدعم البورصة بعد الترقية، تفادياً لتعميق أي انخفاضات متوقعة للأسعار، حيث تعوّل «هيئة الاستثمار» على أن الدعم الفني الذي يمكن أن تقدمه المحفظة من خلال زيادة استثماراتها بعد الترقية يقدم فائدة مزدوجة، إذ يضمن استقرار سوق الأسهم، ويحقق مكاسب استثمارية من ناحية ثانية.
وأضافت أن التحرك نحو زيادة ضخ السيولة الحكومية في البورصة لا يتعارض هذه المرة مع فلسفة استثمارها الرئيسية، حيث العمل على تحقيق استقرار سوق الأسهم، دون أن يكون ذلك على حساب مبدأ الربحية، إذ من المخطط أن توجه السيولة نحو أسهم محفّزة على الشراء، وتعكس فرصاً للنمو سوقياً، ما يحقق فائدة مزدوجة، تتمثل في استقرار الأسهم وتسجيل مكاسب إضافية.