تشهد العديد من السلع الإنشائية الرئيسية، وفي مقدمتها الحديد، قفزة ملحوظة في أسعارها منذ فترة، ما دفع بعض المستهلكين لرفع الصوت عالياً، لا سيما أصحاب القسائم، الذين أكدوا أن الارتفاعات المسجلة أخيراً ستزيد كثيراً من التكلفة عليهم، ما قد يدفعهم إلى تغيير خططهم، مطالبين بوقفة جادة تحميهم من هذا الارتفاع.
وبجردة سريعة للأسعار، يمكن ملاحظة تسجيل زيادة بنحو 17 في المئة بسعر طن الحديد، و30 في المئة بالزجاج ونحو 12 في المئة للألمنيوم.
لكن المفارقة أنه فيما سجل الحديد والزجاج والألمنيوم والرخام والخشب ارتفاعات متتالية، عاكست هذا الاتجاه سلع رئيسية أخرى، من ضمنها الأسمنت والطابوق الأبيض، حيث سجلت انخفاضات محدودة في أسعارها، ما يجعل السؤال مشروعاً حول أسباب تباين حركة الأسعار؟ من حيث المبدأ، كشفت مصادر مقربة أن وزير التجارة والصناعة فيصل المدلج يولي ملف ارتفاع أسعار السلع الرئيسية الحاصل محلياً في الفترة الأخيرة اهتماماً واسعاً، مبينة أن الوزير وجه المعنيين في الوزارة بالعمل سريعاً لتخفيف أعباء المواطنين في مواجهة الارتفاعات، خصوصاً أن السبب الرئيس الذي يغذي هذه الموجة هو تداعيات «كورونا»، وما ترتب عليه من شح تدفقات المواد الأولية، وصعود الأسعار عالمياً، وزيادة تكلفة الشحن. وإلى ذلك، عُلم أن المدلج يضع على طاولته مقترحين، الأول، يدفع بتثبيت سعر طن الحديد عند 175 ديناراً، على أن تتحمل الدولة ما يزيد على هذه القيمة، شريطة أن يكون المستفيد حاصلاً بالفعل على القرض الإسكاني، موضحة أن المناقشات المفتوحة بهذا الشأن تدفع بأن يكون تطبيق القرار لمدة 6 أشهر، حتى تستطيع الوزارة تحديد مرئياتها للمرحلة المقبلة، خصوصاً إذا استمرت تداعيات النشاط الحاصل عالمياً.
أما السيناريو الثاني الذي يضعه المدلج على طاولته، فيقوم على أساس السماح باستبدال المواد الاختيارية المقدمة تموينياً، وتحديداً بما يوازي 1500 دينار، بما يقابل هذه القيمة من الحديد، بمعنى أنه إضافة إلى الكمية التي تقدمها الدولة للمستفيد من التموين الإنشائي والمقدرة بـ50 طناً من الحديد والتي تكفي لبناء 3 طوابق، بإمكانه استبدال بعض السلع الاختيارية مثل السيراميك وغيرها بالحديد، ما يوفر له كمية إضافية بنحو 8 أطنان.
على صعيد متصل، هناك من لا يخفي تشاؤمه، بالقول إن موجة رفع الأسعار لم تنته بعد، وجزء منها مؤجل للفترة القريبة المقبلة، ما لم تطرأ تغيرات رئيسية على أسبابها العالمية.
وقف الارتفاع
وفي هذا الإطار، قال رئيس الجمعية الكويتية لحماية المستهلك خالد السبيعي، إن سعر طن الحديد ارتفع من 172 إلى 195 ديناراً منذ أسبوعين حتى اليوم، ما ترتب عليه زيادة أسعار المنتجات والمواد الأخرى، فيما طالب وزارة التجارة والصناعة بوقف هذا الارتفاع.
كما دعا الوزارة لإجراء مسح للأسعار الحالية للحديد والطابوق والأسمنت وغيرها من المواد الأساسية للبناء، بهدف منع أي رفع مصطنع مستقبلاً في السوق المحلي، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار سيؤثر سلباً على المشاريع القائمة، والمزمع طرحها بالفترة المقبلة في ظل الخطة التنموية الجديدة في الكويت، ما سيؤثر سلباً على الشركات والمستهلكين، خصوصاً على صعيد إنشاء منزل العمر في المناطق الجديدة مثل المطلاع ومنطقة صباح الأحمد البحرية.
المورد الرئيس
من جهته، بين صاحب أحد محلات المواد الإنشائية، خالد العبداللطيف، أن ارتفاع أسعار الحديد في الفترة الأخيرة يرجع للزيادة المسجلة من قبل المورّد الرئيس، مؤكداً أن ربحيته في كل طن من الحديد لا تتجاوز 4 دنانير.
كما أشار مسؤول في إحدى شركات الحديد، إلى أن ارتفاع أسعار المنتج بدأ منذ شهر يوليو الماضي، نتيجة أسباب عالمية، مفسراً الزيادة بارتفاع سعر المادة الخام لتصنيع الحديد، فضلاً عن قلة العرض، مبيناً أنه لو طلبت الشركات 1000 طن من الحديد على سبيل المثال، يمنحها المورّد 700 طن فقط.
الزجاج والألمنيوم
في سياق متصل، قال مدير شركة الرفاعي للزجاج، محمد حسين، إن ارتفاع أسعار المنتجات محلياً في الفترة الأخيرة، يعود إلى تداعيات «كورونا» وارتفاع كلفة الشحن من خارج الكويت بنحو 25 إلى 30 في المئة، الأمر الذي دفع المؤسسات إلى زيادة أسعارها بالنسبة نفسها.
من ناحية أخرى، قال مدير شركة صناعات الألمنيوم، نبيل أباظة، إن ارتفاع أسعار الألمنيوم خلال الفترة الأخيرة يأتي بسبب ارتباط المنتج ببورصة لندن للمعادن، لافتاً إلى ارتفاع أسعارها من 1700 إلى 2100 دولار تقريباً للطن، مع ثبات أسعار المواد الخام عند نحو 400 دولار، الأمر الذي دفع بالشركات المحلية إلى رفع الأسعار.
وبيّن أن فتح السوق الكويتي أمام استيراد منتجات الألمنيوم دون تحديد مواصفات معينة دفع إلى ارتفاع الأسعار أيضاً في ظل المنافسة الكبيرة بين الشركات المحلية، على عكس الأسواق التي تفرض سماكة معينة، ما يحصر عدد المستوردين ويثبّت الأسعار.
وتابع أباظة أن ارتفاع الأسعار خفض مبيعات الألومنيوم 20 في المئة تقريباً خلال الأشهر الأخيرة، كاشفاً أن تباطؤ المشاريع المتاحة وتركزها في مشاريع القسائم والفلل أسهم في تراجع المبيعات، وموضحاً أنه بالكويت هناك 4 منتجين للألمنيوم، في حين يوجد أكثر من 2000 شركة أو ورشة تقوم بتصنيع المواد المتنوعة منه.
أسعار الأسمنت
أما نائب رئيس مجلس إدارة شركة أسيكو للإنشاءات، حمد الرفاعي، فبين أن أسعار الأسمنت تراجعت في الأشهر الأخيرة على عكس بقية المواد الإنشائية، وبانخفض بلغ 20 في المئة تقريباً، مرجعاً ذلك بشكل رئيسي إلى كثرة مصادر الاستيراد.
زيادة المنافسة إيجابية للمستهلك عزا الرفاعي تراجع أسعار الأسمنت إلى تداعيات «كورونا» ووجود كميات معروضة مرتفعة بسبب قلة المشاريع الإنشائية الجديدة في الدولة، إضافة إلى تعدد المصادر التي تستورده من الخارج، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المنافسة في ما بينها وينعكس إيجاباً على المستهلك النهائي.
ونوه الرفاعي إلى ثبات أسعار الطابوق الأبيض خلال الفترة الأخيرة، مبيناً أن «كورونا» دفع الشركات المصنعة إلى تخفيض الغروض المقدمة للزبائن، ما أدى إلى ظهور الفوارق بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.
وذكر أن تطبيق قانون الإغراق سيزيد التكلفة بتحو 68 إلى 70 في المئة على الشركات، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في حال المضي بالأمر.
تغير صرف العملات
أدى التغير المتواصل في سعر صرف العملات الاجنبية إلى زيادة نسبية في أسعار منتجات الرخام، إذ لفت مسؤول في شركة متخصصة بالرخام، إلى أن ارتفاع سعر صرف اليورو أمام الدولار أدى إلى زيادة التكلفة على الشركات، خصوصاً أن أغلب المنتجات في القطاع تُستورد من دول الاتحاد الأوروبي كإسبانيا وإيطاليا والبرتغال.