بدأت وزارة التجارة والصناعة في الفترة الأخيرة اتخاذ إجراءات تصعيدية أكثر حدة ضد الشركات الإنشائية، التي لا ترضخ لقرار تثبيت أسعار منتجاتها، حيث علم أن الوزارة هدّدت بعض الشركات أخيراً بمستقبل مصالحها التجارية مع الوزارة، ما لم تلتزم بالقرار، وتعود لمستويات أسعارها السابقة.
وفي هذا الخصوص كشفت مصادر ذات صلة أن الوزراة تتبع هذه الأيام سياسة التهديد المباشر مع الجهات المخالفة، وتحديداً للشركات المدرجة ضمن قوائم الجهات مقدمي السلع التموينية، مبينة أن السياسة الجديدة لم تعد تكتفي بالإجراءات التقليدية المتبعة في مكافحة الشركات غير الملتزمة بقرار الوزير المتعلق بتثبيت أسعار السلع الإنشائية، من خلال تكثيف حملاتها التفتشية على الأسواق، وغلق الأفرع المخالفة، وإحالة المسؤولين إلى النيابة.
ومعلوم أن البطاقة التموينية تشمل نوعين من السلع الغذائية والإنشائية، الأول يشمل السلع الغذائية المدعومة من الدولة وتقدمه الشركة الكويتية للتموين، حيث تتكفل الدولة بدعم غذائي بين 5.5 و6 دنانير شهرياً عن كل فرد، فيما تلتزم الوزارة وفقاً للقانون بتقديم دعم إنشائي يبلغ 30 ألف دينار لكل مواطن عن بناء قسيمته المخصصة.
أما النوع الثاني فهو السلع منخفضة القيمة سواء غذائي أو إنشائي وتشارك في تقديمه شركات القطاع الخاص التي ترغب في الانضمام لقوائم مقدمي التموين على أن يكون إدراجها في البطاقة مقابل توفير منتجاتها بمستويات أسعار أقل من المتداولة في الأسواق الأخرى.
ارتفاع الكلفة
وأضافت المصادر، أن «التجارة» أنذرت حتى الآن شركتين إنشائيتين، وخيرتهما لمنتصف الأسبوع الجاري إما تعديل أوضاعهما بالرجوع إلى معدل الأسعار المحدد لمنتجاتهما، أو الحذف من البطاقة التموينية، موضحة أنه يفترض أن توضح الشركتان موقفهما في هذا الشأن قريباً.
وبالطبع تعد الشركات المخاطبة بهذا القرار هي الجهات الانشائية المدرجة ضمن قوائم مقدمي السلع التموينية، والتي تتجاوز 700 شركة بينها 300 تقدم مواد التكييف، أم الشركات الأخرى فهي غير معنية بآلية عقاب الوزارة الجديدة.
ولفت المصادر إلى أن سياسة التخيير الجديدة التي تتبناها «التجارة» تستهدف جميع الشركات المدرجة بالتموين، حتى التي تقدم أدلة تثبت من خلالها أنها مضطرة لرفع أسعار منتجاتها لأسباب خارجة عن إرادتها، وفي مقدمة ذلك ارتفاع كلفة نقل سلعها من الخارج إلى السوق المحلي، لاعتبارات تتعلّق بالمورد الرئيس، وبالقيود المفروضة بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا عالمياً.
وفي هذا الخصوص قالت المصادر إن هناك قراراً من وزير«التجارة» بتثبيت أسعار كل أنواع السلع الغذائية والانشائية للجمهور، واعتبار الأسعار السائدة قبل صدور هذا القرار الحد الأعلى لها للتعامل بها ولا يسمح بتجاوزها، موضحة أنه بموجب هذا القرار، ستتم معاقبة كل من يخالف أحكام هذا القرار.
تضييق الخناق
وفي ما يتعلق بأن قرار حذف الشركة المخالفة لقرار تثبيت الأسعار من قوائم التموين غير منصوص عليه ضمن عقوبات القانون رقم 10 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 117 لسنة 2013 في شأن الإشراف على الإتجار بالسلع والخدمات والأعمال الحرفية وتحديد أسعار بعضها ولائحته التنفيذية، نوهت بأن القانون أعطى صلاحيات واسعة للوزارة للحفاظ على الأسعار في الأزمات، تصل لحق الاستيلاء على البضاعة المضبوطة وبيعها للجمهور من خلال المنافذ بالأسعار المقررة بهذا القرار.
وأفادت المصادر بأنه يحق للوزارة اتخاذ جميع الإجراءات القانونية بحق الجهات المخالفة لسياسة تثبيت الأسعار، وذلك في مسعى منها لتضييق الخناق أكثر على أي تحركات لزيادة أسعار السلع الرئيسية، خصوصاً في الوقت الحالي الذي تشهد فيه الأسواق تذبذبات مختلفة يمكن استغلالها في رفع الأسعار.
وأشارت إلى أن «التجارة» ستتخذ جميع الإجراءات الممكنة في مواجهة أي تحركات لزيادات أسعار السلع الانشائية وجعلها مقبولة سوقياً، مبينة أن جهود الوزارة إلى ذلك تستهدف ضمان الحفاظ على مستويات الأسعار نفسها.
الوزارة تضغط على الجهات الإنشائية من باب البيع الكثير
من خلال قراءة مستهدفات سياسة الوزارة بتخيير الشركات بين البقاء في البطاقة التموينية، والحذف منها إن لم تثب أسعار منتجاتها، يمكن بسهولة ملاحظة أن القرار يركز فقط على الشركات المدرجة في البطاقة التموينية، كما أن العقوبات هنا غير موجهة لأصحاب الأسعار المصطنعة فحسب لكنها تشمل أيضاً الشركات التي تقدم مبررات تثبت أنها لا تصطنع زياداتها السعرية؟
وإلى ذلك بيّنت المصادر أن الشركات المدرجة في كشوف مقدمي التموين على الأرجح تمثل كبرى الشركات الانشائية في السوق، أو أقله تتضمن غالبيتها، ومن ثم يرجح أن يكون للضغط عليها من بوابة البطاقة التموينية دوراً كبيراً في الحفاظ على انضباط الأسعار.
وذكرت أن فرصة وجود الشركات الانشائية الكبرى في البطاقة التموينية يحفزها على الاستغناء على هامش الربح الإضافي الذي يمكن أن تحققه من زيادة أسعارها حتى لو كان ذلك على حساب صافي أرباحها، أملاً في تعويض ذلك من خلال كثافة البيع الذي يمكن ان تسجله من المساحة البيعية الواسعة التي تجدها في التموين.
ونوهت بأن قرار الوزارة بهذا الشأن جاء بعد رصدٍ ومسحٍ شامل أجرته «التجارة» خلال الأشهر الأخيرة وتحديد الأسعار، مبينة أن من ضمن الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها الوزارة للتأكد من تثبيت الأسعار في الأسواق، تفعيل دور الرقابة، وزيادة عدد الموظفين الذين يحملون صفة الضبطية القضائية، ووضع ساعات إضافية للعمل، وذلك للحفاظ على الأسعار دون أي زيادة مصطنعة.