ذكرت وكالة «بلومبيرغ» أن دول الخليج بنت اقتصاداتها ومجتمعاتها وأنظمتها السياسية حول النفط، مشيرة إلى أنه بسبب تضاؤل أهمية البترول في الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعاره، باتت معرضة لخطر متزايد، فيما أن الدخل الشامل للمواطنين قد يساعد الحكومات في تسهيل الانتقال إلى عالم ما بعد النفط.
وأضافت أن النفط عنصر أساسي في العقد الاجتماعي في دول الخليج، حيث توافر البترودولارات نصيب الأسد من إيرادات الدولة على نحو يمكّن الحكومات من الحفاظ على ضرائب منخفضة، وتوفير وظائف سهلة وغير منتجة عادةً للمواطنين في القطاع العام، كطريقة لتوزيع عوائد النفط.
واعتبرت «بلومبيرغ» أن هذا الأمر له أثر سلبي على الشركات الخاصة من خلال جعل المواهب المحلية باهظة الثمن بسبب ضغوط من الحكومات للاستغناء عن العمالة الوافدة، موضحة أن الأجور المرتفعة والإنتاجية المنخفضة تؤديان إلى جعل معظم السلع والخدمات المنتجة في الخليج أكثر تكلفة من أي مكان آخر، ما يحبط الجهود المبذولة لتنويع الإنتاج بعيداً عن استخراج النفط والغاز.
ورغم هذا، ترى «بلومبيرغ» أن هذا النموذج الذي يجعل النفط في قلب الاقتصاد السياسي قد خدم المنطقة جيداً وجعل مستويات المعيشة فيها مرتفعة، لتأتي دول الخليج بشكل مريح بين أعلى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل.
نفاد الثروة واستشهدت الوكالة بتوقعات صندوق النقد الدولي الذي رجح نفاد ثروة الخليج البالغة 2 تريليون دولار بحلول 2034، وذكرت أن البلدان ستجد صعوبة متزايدة في تمويل ميزانياتها والحفاظ على ربط عملاتها بالدولار.
وربما يؤدي تباطؤ خلق الوظائف في القطاع العام إلى تأجيج الغضب الشعبي، فيما لم تحقق محاولات فطم اقتصادات دول الخليج عن اعتمادها الكبير على النفط من خلال الرؤى والإستراتيجيات حتى الآن سوى نجاح محدود.
وبحسب «بلومبيرغ»، فإن الحل الأبسط للمشكلة والأكثر قابلية للتطبيق هو مفهوم الدخل الشامل، فبدلاً من توظيف أشخاص في وظائف حكومية غير منتجة، تقرر السلطات مدفوعات شهرية غير مشروطة للمواطنين البالغين كافة بغض النظر عن الحالة الوظيفية أو المادية أو الجنس.
أسباب عدة
وتم اقتراح هذه الفكرة من قِبل أستاذ الاقتصاد من كلية لندن ستيفن هيرتوغ،، والذي يبرر اقتراحه بأن نموذج الدخل الشامل يتفوق على النظام الحالي لأسباب عدة: أولا:ً من خلال استبعاد خيار التوظيف في القطاع العام، ستدفع الحكومات المواطنين بقوة للانتقال الى وظائف أكثر إنتاجية في القطاع الخاص، وتصبح الشركات قادرة على خفض رواتب واحتواء التأثير على أنماط حياة موظفيها، لأن الراتب الشهري الحكومي سيعزز مداخيلهم.
ثانياً: خفض الأجور الإجمالية سيؤدي إلى تراجع تكلفة السلع والخدمات المنتجة في دول الخليج، ما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة ويساعد بالتالي الاقتصادات في التنويع بعيداً عن النفط والغاز.
ثالثاً: سيوفر الدخل الشامل توزيعاً أكثر عدالة وشفافية للثروات النفطية غير المتوقعة، ويعتبر النظام الحالي محابياً للمواطنين الأكبر سناً، الذين تم توظيفهم خلال سنوات ازدهار النفط، ومع عجز الحكومات عن خلق وظائف جديدة في القطاع العام، فإن جيل الشباب يواجه معدلات بطالة أعلى.
أما عن كيفية تمويل الدول الخليجية لبرامج الدخل الشامل الخاصة بها، فإن ذلك سيتم بشكل رئيسي من خلال تخفيض فاتورة أجور القطاع العام. ويمكن للحكومات أيضاً استخدام المدخرات الناجمة عن سحب المزايا الأخرى تدريجياً، مثل دعم الطاقة.
وترى الوكالة أن نظام الدخل الشامل على المدى القصير سيجعل توزيع الثروة أقل تبايناً، أما على المدى الطويل فينبغي على دول التعاون إيجاد مخرج للتخلص من اعتمادها على النفط.