أفادت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبل «S&P» بأن أكبر قدرة على امتصاص الخسائر الائتمانية المطلقة بين مصارف الخليج تقع على عاتق البنوك السعودية، بسبب حجمها، مشيرة إلى أنه بالمقارنة مع إجمالي الإقراض، تبرز قدرة البنوك الكويتية نظراً إلى مخصصاتها الكبيرة التي تراكمت على مر السنين.
وتوقّعت الوكالة في تقرير صدر عنها أمس تحت عنوان«سيناريوهات الضغط: كيف سيكون أداء البنوك الخليجية وسط مزيد من الصدمات المحتملة لفيروس كورونا»، تجنيب بنوك المنطقة المزيد من المخصّصات في 2021، مشيرة إلى أنها أجرت عمليتي محاكاة للخسائر الائتمانية التي يمكن للبنوك استيعابها في إطار سيناريوهات مختلفة، تركز الأولى على ربحية البنوك والمخصصات الزائدة على القروض الحالية المتعثرة، فيما تأخذ المحاكاة الثانية في الاعتبار المصدات التي تتجاوز حدود رأس المال المعدلة وفق المخاطر من منظور التصنيف.
الأعلى مرونة
وأشارت إلى أنه بناءً على المحاكاة الأولى، تعد البنوك الكويتية الأعلى مرونة بفضل المخصصات الكبيرة المتراكمة على مر السنين، فيما تحتل البنوك السعودية والقطرية المرتبتين الثانية والثالثة بفضل الربحية القوية للبنوك في هذين البلدين، وتأتي الإمارات رابعاً بسبب مشكلات جودة الأصول التي ظهرت في عام 2020، والتي قللت من قدرة البنوك على استيعاب الخسائر. وعند إضافة عامل الرسملة، تزداد قدرة البنوك على امتصاص خسائر الائتمان بشكل كبير، فيما ترى الوكالة أن البنوك الخليجية تميل إلى امتلاك رسملة قوية، ما سيساعدها على تجاوز البيئة التشغيلية الصعبة.
وتوقّعت الوكالة أن يتعافى نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون ببطء من الركود الحاد في العام الماضي الناجم عن الجائحة وانخفاض أسعار النفط، إلا أنها ترجح، مع ذلك، آثاراً سلبية طويلة الأمد من صدمة 2020 على اقتصادات دول المنطقة وقطاعاتها المصرفية، مبيّنة أن البنوك في السعودية وقطر ستكون أقل تأثراً من تلك الموجودة في الإمارات وعُمان والبحرين، بينما في الكويت ستعتمد الأمور على تطوّر المأزق المالي الذي تشهده.
طريق العودة
وفيما بلغ إجمالي إقراض البنوك بالمنطقة التي تصنفها الوكالة نحو 1 تريليون دولار في نهاية 2020، تعتقد «S&P» أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين، وإن كان معتدلاً، في شأن تطور جائحة فيروس كورونا وآثارها الاقتصادية، مشيرة إلى تزايد إنتاج اللقاحات وعمليات طرحها في جميع أنحاء العالم، وأن التطعيم يجري على نطاق واسع، ما سيساعد في تمهيد الطريق للعودة إلى المستويات الطبيعية للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم الارتفاع الأخير في أسعار النفط والتوقعات الإيجابية على المدى القريب بالنسبة للتعافي الاقتصادي، ترى «S&P» في تقريرها أن الأداء التشغيلي للبنوك الخليجية سيظل مقيداً بالتعافي المطوّل في القطاعات الاقتصادية الرئيسية وانخفاض أسعار الفائدة.
مخصّصات الخسائر
وذكرت «S&P» أن البنوك الخليجية التي تصنفها الوكالة جنّبت 10.9 مليار دولار مخصّصات لخسائر القروض الجديدة في عام 2020، بسبب التداعيات السلبية المتوقعة من الفيروس وانخفاض أسعار النفط على مؤشرات جودة الأصول.
وبناءً على حسابات «S&P»، تتراوح القدرة الإجمالية لامتصاص خسائر الائتمان قبل الخسائر من البنوك الخليجية المشمولة في عيّنتها بين 31 إلى 45 مليار دولار، وفقاً للمحاكاة الأولى، مع تأثير تلقائي محدود على تقييمها للرسملة، في حين تتحمل تلك البنوك خسائر ائتمان تتراوح 54 و114 مليار دولار بناءً على المحاكاة الثانية، اعتماداً على السيناريو الذي افترضته الوكالة.
وتوقعت «S&P» أن تلقي جائحة «كورونا» بظلالها على جانب الائتمان للبنوك الخليجية هذا العام، فيما توقّعت أن تضعف مؤشرات جودة الأصول للبنوك في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضافت أنّ البنوك السعودية تمثل ما بين 40 إلى 50 في المئة من خسائر الائتمان وفقاً للسيناريوهين اللذين وضعتهما الوكالة، نظراً لأن البنوك السعودية هي المساهم الأكبر في العيّنة، تليها البنوك القطرية بسبب ربحيّتها القوية ورسملتها، ثم البنوك الكويتية في المركز الثالث، فيما تُفسر المساهمة الهامشية للبنوك البحرينية والعُمانية بسبب عددها المحدود، وتأتي البنوك الإماراتية في المركز الرابع، مبررة ذلك من خلال نقطة البداية المنخفضة لنسبة التغطية.
الربحية ستظل منخفضة
رجّحت «S&P» استمرار تدهور مؤشرات جودة أصول البنوك الخليجية، وأن تظل تكلفة المخاطر مرتفعة مع بدء إدراك التأثير الحقيقي لعام 2020 ورفع تدابير التخفيف الرقابية في النصف الثاني من 2021، موضحة أنه بالنظر إلى استمرار تخفيض أسعار الفائدة، ستظل ربحية البنوك منخفضة في 2021 وما بعده، مع احتمال تعرض بعض البنوك لخسائر هذا العام.
وأضافت «مع ذلك، يجب أن تستمر المصدات الرأسمالية القوية والمستقرة، وأوضاع التمويل الجيدة، والدعم الحكومي المتوقع في تعزيز الجدارة الائتمانية للبنوك في 2021».