قال كبير الاقتصاديين في بنك «HSBC»، ستيفن كينغ، إن التحوّل من النفط إلى المزيد من مصادر الطاقة المتجددة قد يحمل آثاراً هائلة على البلدان التي فشلت في توجيه أموالها بشكل كافٍ إلى صناديق ثروات سيادية فعّالة.
وتطرّق كينغ خلال عرضه التقديمي، خلال الندوة الافتراضية (Citywire Fixed Income Virtual 2021)، والذي ركّز فيه على المقارنة بين عشرينيات القرن الماضي- ما يُسمى بالعشرينيات الصاخبة – وعام 2020، إلى الدور السياسي الذي سيلعبه النفط في المستقبل، مؤكداً أنه سيكون هناك تحوّل جوهري في طريقة استخدام الموارد على مدى العقدين أو الثلاثة عقود المقبلة، ما يعني أن الاقتصادات التي استفادت بشكل كبير من احتياطيات النفط ستخضع لمراجعة عميقة.
وأضاف «صناديق الثروة السيادية الغنية جداً في وضع جيد لمواصلة عيش حياتها. النرويج في الواقع تتصدر هذه الصناديق، والكويت تعمل بشكل جيد للغاية، في حين أن قطر ليست سيئة جداً، أما السعودية والإمارات العربية فتندرجان نوعاً ما في فئة منتجي النفط الذين لديهم صناديق ثروة سيادية كبيرة».
ومع ذلك، سلّط كينغ الضوء على أن دولاً مثل روسيا وإيران وفنزويلا لم تكن محظوظة، ويمكن أن تُعاني وسط تحوّل الطاقة، مضيفاً أن التفكير في تحول الطاقة جزء مهم حقاً من القصة.
الأصول المدارة
على صعيد متصل، أظهر تحليل صادر عن موقع «ناسداك» أن الهيئة العامة للاستثمار بين أكبر صناديق الثروات السيادية من حيث الأصول المدارة داخلياً، إذ جاء ترتيب الصندوق السيادي الكويتي في المركز الرابع عالمياً في هذا الجانب.
وبحسب التحليل، بلغت نسبة الأصول المدارة داخلياً لـ«هيئة الاستثمار» 7 في المئة كما في 31 ديسمبر 2020، فيما جاء الصندوق النرويجي (إدارة الاستثمار في بنك نورجيس) أولاً، إذ بلغت نسبة أصوله المدارة داخلياً 34 في المئة، تلاه الصندوق السنغافوري (جي آي سي برايفت ليمتد) ثانياً بنسبة 21 في المئة، ثم الصندوق الصيني (شركة سيف للاستثمار)، الذي تبلغ نسبة أصوله المدارة داخلياً 10 في المئة، وجاء جهاز قطر للاستثمار في المركز الخامس عالمياً بنسبة 5 في المئة، مقابل 24 في المئة للصناديق السيادية الأخرى.
وفي عام 2020، زادت صناديق الثروات السيادية استثماراتها في قطاع التكنولوجيا بنسبة 30.1 في المئة، تلاه قطاع الخدمات المالية بـ13.8 في المئة، ثم الطاقة بـ10 في المئة، ومع ذلك، فإنه بحسب «ناسداك آي آر إنتلجنس»، يبدو أن هذه الصناديق بدأت تُقلّص انكشافها على القطاعات التي تفوّق أداؤها خلال 2020 مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية، وتنتقي استثمارات في قطاعات كان أداؤها ضعيفاً خلال العام الماضي مثل الطاقة وأسهم الشركات الاستهلاكية.
ورصد تحليل «ناسداك» تغير النهج الاستثماري للصناديق السيادية التي عادةً ما تعتمد على الاستثمارات طويلة الأجل، في حين أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في نشاط البيع والشراء من قبل تلك الصناديق، مبيناً أنه بسبب تأثير الجائحة على أسواق الأسهم العالمية، اتجهت الكثير من الصناديق السيادية إلى إعادة تقييم نهجها السابق «الشراء والاحتفاظ»، وبدلاً من ذلك، بدأت تطبّق المزيد من استراتيجيات الاستثمار المختلفة كـ«الشراء والبيع».
ويرى «ناسداك» أن الشركات يجب أن تتطلع إلى زيادة المشاركة مع هذه المجموعة من المستثمرين في الأشهر المقبلة.
294 استثماراً خاصاً بـ 77.16 مليار دولار في 2020
ذكر معهد صناديق الثروات السيادية (SWFI) أن الصناديق السيادية التي تُهيمن على أصول مدارة متنامية تبلغ نحو 8.3 تريليون دولار، تُعزّز قوتها في عالم الأسهم الخاصة والأسواق، موضحاً أنه رغم جائحة كورونا وما نتج عنها من عمليات إغلاق لاحتواء تفشي الفيروس، لم يتوقف كبار المستثمرين السياديين عن السعي وراء انتهاز الفرص السانحة في الأسواق الخاصة.
وأضاف تحليل صادر عن المعهد أنه في 2020، بلغ حجم الاستثمارات الخاصة للصناديق السيادية 294 استثماراً بقيمة 77.16 مليار دولار مقابل 301 استثمار في 2019 بـ74.73 مليار، باستثناء التزامات الصناديق ومعاملات السوق المفتوحة.
ومع ذلك، لفت التحليل إلى أنه من المهم استبعاد حزم الإنقاذ التي قدمتها هذه الصناديق كدعم لاقتصادات دولها محلياً أثناء الجائحة. ومن الأمثلة على ذلك استثمار شركة تيماسيك في الخطوط الجوية السنغافورية وصندوق الثروة التركي في مؤسسات مالية محلية مثل بنك زراعات وبنك هالك. في المقابل، وجدت صناديق سيادية آمالها في الشرق، فعلى سبيل المثال استثمر جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة السعودية خلال 2020 في «Reliance Retail Ventures»، وهي شركة تابعة لشركة “Reliance Industries».
وعلى خلفية ارتفاع أسعار النفط، توقع التحليل أن يكون لدى صناديق الثروة السيادية الخليجية المزيد من «القوة النارية»، في حين تسعى صناديق أخرى إلى تقليل استثماراتها في الكربون.