بدت الكويت أمس غريبة جداً للكثيرين، خصوصاً لدى نشطاء «السوشيال ميديا»، فمن دون إنترنت لم يعد العديد من الخدمات الأساسية للكثيرين متاحاً للاستخدام الذي تحول إلى روتيني يومي، حيث توقف فجأة عالم الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة.
وبالطبع، تنامت المخاوف لدى أولياء الأمور حول برامج التواصل التعليمية مع أبنائهم إذا استمر العطل لليوم الأحد، وهي المخاوف نفسها التي انتقلت إلى مسؤولي التربية والتعليم والمدارس، فما هي القصة الكاملة للحدث التي شغل كل الكويت لنحو 10 ساعات متتالية.
في الساعة الـ8 من صباح أمس، انقطعت خدمات الإنترنت عن غالبية المستخدمين، ليستمر ذلك إلى الساعة السادسة تقريباً، ما شكّل الفترة الأطول تاريخياً بالكويت لجهة انقطاع الإنترنت طويلاً، وشلل أعمال جميع القطاعات التي تعتمد على الخدمة. وأعلنت وزيرة الأشغال العامة وزيرة الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتورة رنا الفارس، التقدم ببلاغ عاجل إلى النيابة العامة ضد المتسببين في قطع الكابلات المغذية لشبكة الإنترنت، وإلحاق الضرر بها.
وقالت الفارس في تصريح صحافي إنه تم التقدم بالبلاغ وفقاً لنص المادة (68) من القانون رقم (37) لسنة 2014، مع تحميل المتسببين كل الأضرار الناجمة والآثار القانونية المترتبة على ذلك، وتطبيق الجزاءات الواردة في عقد المقاول.
وأضافت أن تحريك البلاغ جاء بعد تحرير محاضر إتلاف ضد الشركات المتسببة في قطع الكابلات، ما أثّر على خدمات شبكة الإنترنت في البلاد بشكل ألحق الضرر على مستويات عدة، ما استوجب اتخاذ الإجراءات القانونية على وجه السرعة.
تطوير الطرقات
من ناحيتها، أشارت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات «citra»، إلى تعرض عدد من الكوابل الدولية إلى قطوعات عدة في اتجاهات متنوعة بسبب تطوير الطرقات، بين مقسم أم الهيمان ومركز حدود النويصيب، وبين مقسم أم الهيمان ومقسم الزور، وبين مقسم الجهراء ومركز حدود السالمي.
وبينت أن القطوعات المرصودة بسبب خطأ عمال المقاول الرئيسي لمشروع المنطقة الجنوبية، أدت لقطع 3 كوابل دولية رئيسية تغذي الكويت بشبكة الإنترنت، لافتة إلى أنه تم تسجيل إثبات حالة ضد المسؤول عن الخطأ.
وتواجدت فرق الطوارئ من إدارة الوصلات الدولية في «citra» في موقع الحدث، إذ أوضح مدير إدارة الوصلات الدولية بالهيئة جمال صادق، أن هناك تنسيقاً مشتركاً بين فرق الطوارئ التابعة للإدارة مع وزارة الخدمات والمقاولين المعتمدين لإصلاح الكابلات بأسرع وقت.
من جهته، أكد رئيس قطاع الاتصالات في الهيئة فهد الفهد، سعي «citra» لإنشاء منظومة كوابل محلية جديدة في البلاد، لتفادي القطوعات في المستقبل، وأنها تسعى أيضاً للتخفيف من ضغط الشبكات في ساعات الذروة.
تأثير متباين
من ناحيتها، أوضحت الناطقة والناطقة الرسمية لوزارة المواصلات عبير الشريدة، أن إدارة الشبكة الهاتفية التابعة لقطاع خدمات المشتركين في الوزارة، قامت فور تلقي بلاغات الانقطاعات من الجهات المختصة بالكشف والمعاينة وفحص الكوابل، حيث تبين وجود قطع في 4 كوابل فايبر تابعة لشركات الاتصالات «ZAIN» و«stc» في الكويت، وكوابل الربط بين المقاسم «BCM» والكيبل الدولي بين الكويت والسعودية.
ولفتت إلى التعاون بين القطاع المعني ومقاولي وزارة المواصلات بالتنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، لتنظيم محاضر إتلافات الكيبل بحق المقاول المسؤول.
وتوقفت 3 أنظمة كوابل دولية بالكامل، هي نظام الكيبل الدولي «STC»، ونظام الكيبل الدولي «موبايلي»، ونظام الكيبل الدولي «GCCIA»، ومن ثم تعطل نحو 60 في المئة من خدمات الإنترنت محلياً.
وبيّنت مصادر لـ«الراي» أن تأثر الشركات بانقطاع الكوابل جاء متبايناً، منوهة إلى أنه يحق لجميع المتضررين مطالبة المقاول الرئيسي للمشروع والمسؤول عن القطوعات بالتعويض، خصوصاً أن التأثير طال جميع القطاعات في الدولة، وانعكس سلباً على أعمالها طيلة ساعات النهار أمس.
وأفادت المصادر بأن الجهات المسؤولة في قطاع الاتصالات ستعمد إلى تقديم خارطة طريق تحمي الكويت من أي انقطاعات مستقبلية للإنترنت، آملة الموافقة على الخطط المزمع تقديمها في أقرب فرصة ممكنة.
مسارات متنوعة
من جهته، قال الرئيس التنفيذي في «stc»، مزيد الحربي، إن انقطاع الخدمة أتى بسبب خطأ لا تُسأل عنه الشركات العاملة في القطاع، بل المقاول الذي يعمل في المشروع، لافتاً إلى أن الشركات ستعمل في الفترة المقبلة، بالتعاون مع وزارة المواصلات و«citra» من أجل وضع إجراءات سريعة لمنع الوقوع في المشكلة نفسها مستقبلاً.
وذكر أن هذه الإجراءات تشمل الحصول على تعهد من قبل المقاولين في المشاريع المتنوعة بعدم الوقوع في خطأ وقطع كوابل توقف الاتصالات في الدولة، فضلاً عن اقتراح إنشاء شبكة بمسارات مختلفة تتيح للكويت التحويل مباشرة إلى مسار آخر في حال قطع الخدمة عن مسار محدد لفترة زمنية محددة.
من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي في شركة «solutions by stc»، محمد النصف، إن خدمة الإنترنت تقدم في الكويت عن طريق 3 مخارج رئيسية، اثنان منها عن طريق البر والثالث بحري، لافتاً إلى ضرورة التنسيق بين الوزارات المختلفة في الدولة، لوضع تفاصيل الكوابل الموجودة في الدولة، وتنبيه المقاولين العاملين في المشاريع من المشاكل التي قد تتسبب بها أي أخطاء من قبلهم.
إجراءات تعاقدية
وقالت مصادر مطلعة في الهيئة العامة للطرق والنقل البري، إنه سيتم تطبيق الإجراءات التعاقدية والغرامات طبقاً لشروط العقد الواردة بهذا الشأن تجاه المقاولين المتسببين في تأثر خدمة الاتصالات وانقطاعها عن المواطنين والمقيمين في البلاد.
رابع انقطاع بالكويت تاريخياً
يصنّف انقطاع الإنترنت أمس الرابع تاريخياً في الكويت، حيث كانت المرة الأولى في 30 يناير 2008، بسبب انقطاع الكابلات بدول الخليج كافة والعديد من دول المنطقة التي تعتمد على الخوادم الأوروبية والأميركية.
وجاءت المرة الثانية، في 19 ديسمبر 2008، إذ شهدت الكويت بطئاً في حركة الإنترنت، بسبب انقطاع الكابلات البحرية الثلاثة التي تربط أوروبا والشرق الاوسط والواقعة في منطقة صقلية الايطالية، نتيجة حدوث هزة أرضية عطلت خدمات الانترنت والاتصالات الدولية في أجزاء من الشرق الاوسط وجنوب آسيا.
أما المرة الثالثة فكانت في 12 فبراير 2016، حيث تعرّضت خدمات الإنترنت والاتصال الدولي بالكويت لأعطال فنية وانقطاع غير منتظم، أديا الى بطء خدمة الإنترنت، نتيجة عطل في الكيبل البحري الرئيس المغذي لدول الخليج.