أفادت وكالة «بلومبيرغ» بأننا جميعاً اعتدنا على فكرة أن الكثير من ملابسنا وأدواتنا الإلكترونية تُصنع في أنحاءٍ بعيدة من العالم، حيث العمالة أرخص والتنظيم ربما أقل عبئاً، لكن ما لا نحيط به كثيراً هو مدى اعتماد دول أميركا الشمالية وأوروبا الغربية على الموردين الأجانب لمنتجات النفط المكررة في الكهرباء والتدفئة ووقود السيارات والشاحنات والطائرات.
وأضافت أنه خلال الأربعين عاماً الماضية، ارتفعت طاقة التكرير في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمقدار 23 مليون برميل يومياً، بينما انخفضت قدرة بقية العالم على تحويل الخام إلى منتجات تعتمد عليها، ففي الصين، على سبيل المثال، تضاعفت طاقة التكرير ثلاث مرات تقريباً في العشرين عاماً الماضية.
ومن المتوقع أن تتفوق على الولايات المتحدة كأكبر معالج للنفط الخام في العالم هذا العام، ولن تتوقف عند هذا الحد، أما الدولة الآسيوية فمن المزمع أن تضيف 2.6 مليون برميل أخرى يومياً بحلول عام 2025 لرفع قدرتها على المعالجة إلى نحو 20 مليون برميل يومياً، فيما تنمو الهند أيضاً بسرعة ويمكن أن تقفز قدرتها بأكثر من النصف إلى 8 ملايين برميل يومياً في الوقت ذاته.
وأشارت «بلومبيرغ» إلى ارتفاع طاقة التكرير الآسيوية، بينما أصيب بقية العالم بالركود، ويرجع ذلك جزئياً إلى نمو الطلب على النفط بوتيرة أسرع في آسيا من أي مكان آخر. ومن الواضح أن الدول الصناعية في الشرق سترغب في تنفيذ معالجة النفط عندها، حتى لو كانت لا تزال تعتمد على المنتجين في أماكن أخرى لتوصيل النفط الخام الذي ساعد في توسعها.
لكن في الآونة الأخيرة، كان هناك تحوّل كبير لم يلحظه أحد إلى حد كبير، وهو أن هذه المصافي الجديدة في آسيا، وبشكل متزايد في الشرق الأوسط، لم تعد تزود الأسواق المحلية فحسب، بل بدأت في تصدير كميات متزايدة من المنتجات المكررة إلى الأسواق الأخرى.
وبحسب بيانات صادرة عن مبادرة بيانات المنظمات المشتركة، تضاعفت الحصة المجمعة لمصافي التكرير في الصين والهند والسعودية وماليزيا وأخيراً بروناي، من صادرات المنتجات المكررة العالمية تقريباً في العقد الماضي، وصحيح أن هذه الأرقام ليست كاملة، لكن أبرز الدول الغائبة عن القائمة هي الإمارات، التي من الممكن أن تضيف إلى وزن هذه المصافي الجديدة.
تركز القوة وشهدت خمس دول ضعف نصيبها المشترك من صادرات المنتجات النفطية العالمية تقريباً خلال عقد من الزمان. وفي حين أن معظم الصادرات من المصافي الصينية لا تزال في آسيا، فإن الشيء نفسه لا ينطبق على المصانع في الهند أو الشرق الأوسط.
وبحسب «بلومبيرغ» فإن تدفق المنتجات البترولية النظيفة (معظمها الديزل ووقود الطائرات وزيت الغاز) من الهند إلى أوروبا بلغ أعلى مستوى له في 13 شهراً في أبريل، حيث بدأ يتعافى الطلب على النفط، كما ارتفع عدد الصادرات من الشرق الأوسط بشكل حاد.
وأضافت «بلومبيرغ» أن أكبر مستهلكي النفط في أوروبا – ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، والتي تستهلك كل منها أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً من النفط – كانت جميعها تفتقر إلى طاقة التكرير اللازمة لتلبية الطلب على مدى عقد تقريباً، مشيرة إلى أن أكبر مستهلكي النفط في أوروبا يفتقرون إلى طاقة التكرير.
وبغض النظر عن الطفرات الصخرية المتتالية التي عزّزت إنتاج الخام المحلي في أميركا، فإنها تعتمد تقريباً هي الأخرى على المنتجات المكررة على غرار أوروبا، إذ استوردت البلاد أكثر من مليوني برميل يومياً من المنتجات المكررة خلال العام الماضي.