منذ بدء استخدام اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد الذي يتسبب في مرض «كوفيد- 19»، أشاع مناهضو التطعيمات موجة من التوجس والخوف بين كثيرين حول العالم بسبب ترويج معلومات عبر وسائط التواصل الاجتماعي مفادها أن تلك اللقاحات – وخصوصاً التي تعتمد تركيبتها على تقنية mRNA – تتداخل مع تركيبة البصمة الوراثية البشرية المتمثلة في حمض «DNA» وتتلاعب بها.
وفي المقابل، انبرى خبراء طبيون متخصصون في مجال المناعة واللقاحات حيث اتفقوا بالإجماع على أن ذلك الزعم زائف، وليس هناك أي دليل علمي يدعمه، مؤكدين على أنه من غير الممكن لأي واحد من تلك اللقاحات أن يغيِّر أو يتلاعب بالبصمة الوراثية الخاصة بمن يتلقونه.
من بين أولئك الخبراء البروفيسور جيسون شوارتز أستاذ سياسات الصحة بكلية ييل للصحة العامة في الولايات المتحدة، حيث قال مكرراً أصداء تأكيدات نظرائه: «حرفياً وبشكل قاطع، لا توجد أي علاقة تأثيرية تربط بين تركيبات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وبين التركيب النووي الجزيئي الخاص بالبصمة الوراثية لدى البشر. وبما أنه لا توجد علاقة تأثيرية، فمن غير الوارد حدوث أي أعراض أو تحولات وراثية نتيجة لتلقي تلك التطعيمات».
وعن اللقاحات التي تعتمد على تقنية mRNA تحديداً كما هي حال لقاحيّ «فايزر» و«مودرنا» مثلاً، قال شوارتز: «تركيبات مثل هذه اللقاحات تحتوي على تعليمات جزيئية تقوم بدور حاملي رسائل البريد الذين ينقلون إلى خلايا الجسم رسائل تحفيزية تأمرها بأن تبدأ في تصنيع بروتين غير ضار مشابه للبروتين الذي تتألف منه الشويكات الناتئة من غلاف فيروس كورونا. وبهذه الطريقة، يصبح جهاز المناعة لدى متلقي التطعيم مستعداً للتعرف على الفيروس الحقيقي إذا أتي ويقوم بالقضاء عليه».
وبشكل عام، فإن الأمر الواضح هو أن الإجماع بين الخبراء المتخصصين في هذا المجال حول اللقاحات المعتمدة على تقنية mRNA يتمحور حول أن «مكونات اللقاح الناقلة للتعليمات والرسائل التحفيزية لا تدخل ولا تتداخل مع أنوية الخلايا البشرية (التي هي مكامن البصمة الوراثية)، ولا تبقى حتى في الجسم بل تتفتت وتتحلل بمجرد أن تنتهي من توصيل الرسائل والتعليمات إلى خلايا الجسم».