جلستان فقط تفصلان بورصة الكويت والأسهم المُدرجة في السوقين الأول والرئيسي عن إقفالات الربع الثالث من العام الجاري، الذي يبدو حسب المؤشرات الحالية أنه يحمل نتائج إيجابية على مستوى المجموعات والشركات، وكذلك المحافظ المالية والصناديق الاستثمارية.
وفي ظل تقاسم السوقين الأول والرئيسي للسيولة المتداولة وفقاً لمعدلات التداول اليومية هذه الأيام، مع تفوق «الرئيسي» في جلستي أمس وأول أمس، يبدو واضحاً أن البورصة وفرت بدائل جيدة ومتنوعة لأصحاب رؤوس الأموال، بدلاً من التمركز في أسهم بعينها، كما يشير ذلك إلى أن الأوساط الاستثمارية متقبلة لما تشهده وتيرة التداول من نشاط ملحوظ يؤهل المؤشرات العامة لتحقيق عوائد جديدة، حيث دفعت مثل هذه العوامل القيمة السوقية لإجمالي الشركات المدرجة إلى مستويات لم تشهدها منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية.
وقبل الإقفال الربع سنوي بجلستين، حققت البورصة أرقاماً قياسية على مستوى السيولة المتداولة التي بلغت 9.35 مليار دينار منذ بداية العام، منها 3.53 مليار تداولت على أسهم السوق الرئيسي، فيما استأثرت أسهم السوق الأول ببقية السيولة المتداولة.
وحسب المؤشرات الحالية استقطبت 5 أسهم بقيادة «بيتك» 3.33 مليار دينار من إجمالي السيولة منذ بداية 2021، إذ استحوذ سهم «بيتك» منفرداً على 876.6 مليون دينار، تلاه سهم «الوطني» بتعاملات بلغت 787.9 مليون، ثم «الأهلي المتحد – البحرين» بتداولات وصلت قيمتها 716.1 مليون دينار، و«أجيليتي» 514.7 مليون، فيما جاء بنك الخليج خامساً بتداولات بلغت قيمتها 438.7 مليون دينار.
جولة إضافية
ويتبقى أمام المحافظ والصناديق وكبار المساهمين في الشركات المُدرجة جولة إضافية هذا العام تتمثل في تعاملات الربع الأخير، والتي ستنطلق اعتباراً من الأسبوع المقبل مدعومة بحالة من الترقب لنتائج أعمال الشركات وما تحمله من نمو وعوائد جانب منها قابل للتوزيع على المساهمين.
ورغم وجود 5 صناع سوق مرخص لهم في البورصة يمكنهم تقديم الخدمات على أوراق مالية تشغيلية عددية، إلا أن دورهم لم يرق حتى الآن إلى المستوى المأمول، رغم تسجيل إحدى الشركات المرخصة غير المدرجة بصمات ملحوظة نسبياً.
ويعوّل البعض على الشركات المرخص لها بمزاولة نشاط صانع السوق لما لديها من تاريخ كبير يُفترض أن يضمن لها حضوراً أكبر، فيما يبدو جلياً أن هناك شركات حصلت فعلياً على التراخيص من دون أن تتوافر لديها الطواقم الفنية المتخصصة، ولا السيولة اللازمة للقيام بدورها كصانع سوق على أسهم تشغيلية.
ويرى مراقبون أن هناك شركات لم تستطع حتى الآن التخلص من الروتين الذي يجعل مهمتها رتيبة لا قيمة لها على الأسهم، منوهين إلى أن صناعة السوق تتطلب وعياً أكبر وتخصصاً وجرأة في اتخاذ القرار، وليس السير مع موجة السوق فقط.
ولفتوا إلى تفوق كبار الملاك في الشركات بما لديهم من خبرات ومحافظ وملاءة مالية على صناع السوق الحاليين، وربما المنتظر ترخيصهم كذلك، قائلين إن الشركات التشغيلية تستند على قناعة ملاكها ومساهميها بأدائها وتدفقاتها وقدرتها على الاستمرارية، حيث لوحظ زيادات واضحة في ملكيات العديد من المساهمين والمحافظ ذات العلاقة بالعديد من الشركات خلال الفترة الماضية، ما يجعلها لا تحتاج صانع سوق يفتقر للتأثير الإيجابي، وليس لديه القدرة على تحقيق الفارق الجاذب للأوساط الاستثمارية.
صناع مليئون
وأكد مراقبون أن البورصة بحاجة إلى صناع سوق من النوع المليء على غرار المتوافر في الأسواق الإقليمية، على أن يكونوا قادرين على مواكبة احتياجات الأسهم، والتماشي مع الموجات النشطة ثم الحد من الهبوط الحاد غير المبرر للأسهم، في حين أن السوق لا يحتاج آخرين لا تتعدى قدرتهم بيع نصف المليون وربما مليون سهم خلال الصعود أو شراء ما يعادلها خلال التراجع غير المبرر بحجة الخوف من تسجيل خسائر.
ودعوا إلى ضرورة توسيع نطاق عمل صناع السوق المتخصصين ممن يعملون بإستراتيجية واضحة تخدم العملاء من الشركات المُدرجة، وتحقق لهم عوائد مجزية، مشيرين إلى أن عشرات الأسهم المُدرجة مهيأة لجذب صناع سوق، إلا أن الأمر يتطلب رؤية مقنعة لدى معظم المرخص لهم.
ورصد زخماً مستمراً على شريحة جديدة من أسهم الشركات المُدرجة التي يبدو أنها على موعد مع تطورات جديدة تمنحها القوة والقدرة على جذب أصحاب رؤوس الأموال والمضي نحو مستويات سعرية جديدة، فيما توقفت أسهم أخرى شغلت المتعاملين خلال الفترة الماضية عند المستويات الحالية للتأسيس ومنح الفرصة للبيع والشراء، وتكوين المراكز استعداداً لجولة أخرى من النشاط يتوقع أن تواكب مجريات الربع الرابع.
تدقيق رقابي على تداولات أسهم
كشفت مصادر رقابية عن متابعة الجهات المعنية بمراقبة تعاملات الأسهم المُدرجة عمليات تدقيق على تعاملات أجرتها مجموعة حسابات على أكثر من سهم خلال الأيام الماضية، للتأكد من مواكبتها للمعايير والضوابط الرقابية المطبقة في السوق.
وقالت المصادر إن بعض الأسهم التي حققت قفزة مثيرة خلال الفترة الأخيرة أثارت حفيظة الجهات الرقابية في هيئة أسواق المال، لتقوم بدورها المنوط بها بالتدقيق ورصد أي مخالفة قد تكون حدثت خلال تلك التعاملات، حرصاً منها على سلامة تداولات البورصة.
وأشارت إلى أن عمليات التدقيق الأولية لم تُظهر مخالفات جسيمة، إلا أن «خلق الإيحاء الزائف» قد يكون محوراً أساسياً في توصيف بعض الشبهات.