تشهد منظومة الوساطة المالية في بورصة الكويت ممارسات تُنذر بوقوع أزمة كبيرة تتمثل في فتح «أرصدة وهمية» لحسابات فئة معينة من المستثمرين والمتداولين على الأسهم المُدرجة، بما يمكّنهم من تنفيذ عمليات الشراء وفقاً لـ«الكاش» الوهمي الذي يدرجه وسطاء حسب طلب عملاء، إلى حين الانتهاء من التحويلات الفعلية لتلك المبالغ من حساباتهم البنكية.
وأوضحت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن نظام التداول في السوق لا يقبل تنفيذ عمليات شراء لأي سهم من الأسهم المدرجة أو المسجلة على نظام خارج المنصة «OTC» ما لم تتوافر المبالغ المطلوبة لتغطية قيمة المشتريات، مشيرة إلى أن بعض شركات الوساطة تتحايل على الأمر عبر أنظمتها الداخلية، بفتح رصيد غير فعلي يُمكّن العميل من التداول، سواءً عبر وسيط أو من خلال نظام التداول الإلكتروني.
الأسهم الجامدة
وضربت المصادر مثالاً تحذيرياً موضحة أن هناك عدداً من الأسهم الجامدة التي لا تلقى قبولاً أو زخماً في الشراء خلال التعاملات اليومية، ولكن تتوافر عليها العروض التي تؤهّل أي محفظة للشراء على أكثر من سعر، مؤكدة أن أزمة ستحدث حال شراء كمية من تلك الأسهم دون توافر «الكاش» الفعلي وعدم القدرة على تسييل الأسهم عند تخلف العميل.
وبينت أن بعض شركات الوساطة بيدها أن تقدم رصيداً وهمياً بملايين الدنانير لعملاء بعينهم، قبل إجراء التحويلات بيوم أو يومين بما لا يتجاوز حدود دورة التسوية «T+3»، مستندة في ذلك على معيار الثقة بين الوسيط وعميله، منوهة إلى أن تلك الثقة الزائدة يمكن أن تضع قطاع شركات الوساطة وضماناتها الضئيلة في مواجهة التزامات ضخمة يتكرر معها مشهد الأزمة المالية العالمية الذي تسبب في انكشاف بعض الوسطاء بمبالغ كبيرة تصعب تغطيتها.
وحذرت المصادر من الاستمرار في ذلك التصرف، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحسابات عملاء ليس بها أصول وموجودات تتمثل في أسهم قابلة للتسييل، داعية إلى معالجة تلك الثغرة من خلال منع فتح الرصيد الوهمي وعدم تنفيذ عمليات الشراء للمتعاملين ما لم يتوافر الرصيد الفعلي اللازم لذلك.
وكانت «المقاصة» قد نبّهت أكثر من مرة على الوسطاء المرخص لهم في السوق بعدم التوسع في منح مساحات الـ«NETTING» التي تسمح بتداول المتعاملين بالأسهم بضمانات الأسهم التي يملكونها، من دون الحاجة إلى سيولة جديدة تغطي المشتريات بشرط تسييل الكمية المشتراة قبل إقفال الجلسة، وإدراج الفارق الإيجابي كأرباح أو صافي العمليات السلبي كخسارة بنهاية التعاملات الرسمية.
ودعت «المقاصة» في تعميم وجهته للوسطاء إلى توخي الحذر واتباع القواعد المنظمة للعملية، حيث لاحظت تقديم بعض الشركات للخدمة دون التقيد بوجود أرصدة، ما يجعل الأمر أشبه بالأرصدة الوهمية.
وحسب مصادر ذات صلة فإن الاستمرار في تحايل بعض الوسطاء على الأنظمة المطبقة في بورصة الكويت سيضع منظومة السوق في خطر كبير، ستواجهه في بداية الأمر شركة الوساطة ذاتها بضماناتها وموجوداتها، ثم ينتقل الأمر إلى طبقات الحماية التالية ما لم تستطع الشركة تغطية الانكشاف حال حدوثه.
ثغرة بنظام الوساطة
ذكرت المصادر أن صلاحيات الوسطاء التقنية تسمح بإدخال رصيد إلى حسابات المتداولين دون ربط مباشر في ذلك، سواءً مع البورصة أو الشركة الكويتية للمقاصة، ما يعد ثغرة كبيرة تستدعي المعاجلة الفورية، مضيفة أن أنظمة شركات الوساطة بها ثغرات يستغلها بعض العاملين فيها من أجل نيل رضا شريحة من عملائها، على وعد بتغطية ذلك الحساب خلال يوم أو يومين، وبما لا يتجاوز دورة التسوية المعتمدة من قبل الشركة الكويتية للمقاصة التي تدقق عليها للتأكد من توافر «الكاش» بنهاية الدورة.
وقالت المصادر «من شأن مثل هذه الممارسات أن تؤثر سلباً على السوق، حال قدّمت أكثر من شركة وساطة رصيداً وهمياً لعملائها قبل أن يصل الرصيد الفعلي ويتم إدخاله بالحساب، حيث إن تعرّض المستثمر لأي طارئ يحول دون تحويل المبالغ المطلوبة لشركة الوساطة التي تقوم بتسليمها بدورها لـ(المقاصة) قد يؤدي إلى انكشاف كبير لا قِبَل للوسطاء به».