بعد ضبط الإدارة العامة للجمارك أجهزة تقنية بترددات عالية يمكن استخدامها في تعدين العملات الافتراضية المشفرة، أكثر من مرة، قفز حديث المسؤولين الحكوميين المعنيين بملف محاصرة هذه النقود غير المعتمدة محلياً، إلى أكثر من فرضية.
فمن مجرد النقاش حول افتراض إمكانية أن الغاية من استيراد الأجهزة المضبوطة تشغيلها في التعدين على «البتكوين» من داخل الكويت، إلى سؤال مشروع آخر، كيف يمكن لعمال تعدين العملات الافتراضية المشفرة القيام بعملياتهم محلياً، وهل يمكن أن يفعلوا ذلك دون أن تنتبه وزارة الكهرباء والماء أن هناك سحباً غير تقليدي يمر بين محطاتها؟
دراسة رسمية
وإلى ذلك كشفت مصادر ذات صلة أن دراسة حكومية أعدت في هذا الخصوص، خلصت إلى أن هناك سيناريو رئيس يلجأ إليه عمال التعدين في الكويت، وهو تركيب الشبكات المستخدمة في هذه العمليات وأجهزتها في منازل مهجورة، أو غير مسكونة بالمعنى التقليدي، ومن ثم فصل أجهزة التبريد الموجودة في هذا المنزل، ومن ثم لن يظهر على محطات الوزارة وقتها أن هناك سحباً مرتفعاً بخلاف العادة، حيث يعول المعدنون على تعويض قفزة استهلاك الكهرباء بالكميات الموفرة من إطفاء أجهزة التكييف والمعروف عنها أنها تستهلك أيضاً كميات عالية.
ولفتت المصادر إلى أنه يتم تشغيل هذه الأجهزة بواسطة شبكة كمبيوتر ضخمة من نظير إلى نظير. ولتتبع كل شيء وللحفاظ على أمان الشبكة، فإنه يستخدم نظام يسمى «سلسلة الكتل» (blockchain )، الذي يسجل جميع المعاملات. إذ يحصل كل شخص في الشبكة على نسخة وتكون مرتبطة ببعضها البعض. ونظراً لهذا الترابط، فإن العبث بالنظام قد يكون أشبه بالمستحيل.
قوة الحوسبة
وبإمكان أي شخص أن يصبح جزءاً من الشبكة، إذ يحتاج الأمر فقط إلى جهاز كمبيوتر بمواصفات وقوة عالية مصمم لهذا الغرض، وكلما ازدادت قوة جهاز الكمبيوتر، كان ذلك أفضل، فكلما زادت قوة الحوسبة لديهم، زادت فرصهم في الحصول على العملة المشفرة. وبالطبع يحتاج ذلك إلى كميات ضخمة من سحب الكهرباء التي تفضل أن تكون بأسعار رخيصة مثل الكويت.
وأوضحت المصادر أنه وفقاً لتفاهم حكومي في هذا الخصوص يقضي بأن تزيد «الكهرباء» مراقبتها للاستهلاك، لا سيما في المناطق التي يوجد بها منازل مهجورة، وفي حال وجود أي إنذارات تفيد بإمكانية أن يكون السحب من هذه المنازل مثيراً للقلق سيقوم المعنيون في الوزارة بإبلاغ المسؤولين في «الداخلية» لاتخاذ ما يرونه مناسباً بهذا الشأن، والتعامل مع الأجهزة المضبوطة إن وجدت، وإحالتها إلى النيابة مع المسؤولين عن العقار المضبوط به الأجهزة.
لا ضمانة
وذكرت المصادر إلى أنه حتى الآن لم تتلقَ الوزارة أي إنذارات تفيد باستهلاك غير طبيعي على مؤشراتها صادر من أي نقطة، إلا أنها أفادت بأن ذلك لا يعني ضمان عدم تشغيل هذه الشبكات محلياً، حيث قد يكون تم تشغيل هذه الأجهزة على نطاق محدود حتى الآن، باستخدام سيناريو إطفاء أجهزة التبريد، وقد يكون ذلك مقدمة للتوسع مستقبلاً ما يدعو لزيادة طبقات الرقابة ومستشعرات الخطر منذ بدايتها.
وأشارت المصادر إلى أن التنسيق الحكومي الذي تقوده الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات ويشمل ممثلين من وزارتي الداخلية و«الكهرباء» وبنك الكويت المركزي وإدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء و«الجمارك»، يسعى لوضع أطر تنظيمية تحدد لكل جهة رقابية معنية القيام بدورها في مواجهة مثل هذه العمليات التي تؤدي إلى إصدار عملة محلية غير قانونية واستهلاك كميات ضخمة من الكهرباء، مع مراعاة عدم وجود قانون واضح يمنع أو يجرم مثل هذه العمليات الخطرة مالياً وبيئياً على أصعدة مختلفة.
65 في المئة من تعدين «البتكوين» في الصين
وفقاً للباحثين في جامعة كامبريدج يوجد أكثر من 65 في المئة من عمليات تعدين البتكوين في الصين، تليها الولايات المتحدة وروسيا بنسبة 7 في المئة تقريباً،.
ويطلق على الأشخاص الذين يديرون أجهزة الكمبيوتر هذه اسم «عمال التعدين»، والذين لديهم فرصة للمكافأة بعملة البتكوين.
ولعل ما يعزز من خطورة تشغيل عمليات التعدين على البتكوين، أنه في بداية 2017، كانت البتكوين تستخدم 6.6 تيراواط / ساعة من الطاقة سنوياً، قبل أن يصل في أكتوبر 2020 إلى 67 تيراواط / ساعة.
والآن بعد بضعة أشهر فقط، تضاعف الرقم تقريباً إلى 121 تيراواط /ساعة، ما يكفي لإدارة جامعة مثل كامبريدج، بأكملها لما يقرب من 700 عام، وهنا تبرز خطورة لجوء عمال تعدين البتكوين وغيرها من العملات الافتراضية إلى الكويت لتنفيذ عملياتهم.