أعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» الأميركية بقاء التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة (+A) مع نظرة مستقبلية سلبية، متوقعة أن يسجل الناتج المحلي الحقيقي نموا نسبته 8 في المئة العام الجاري مدفوعا بزيادة إنتاج النفط بموجب اتفاقية «أوبك+».
وتوقعت الوكالة في تقريرها عن تصنيف الكويت السيادي الصادر أمس الجمعة على موقعها الإلكتروني، أن يصل متوسط عجز الموازنة في الكويت 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لغاية عام 2025، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار وكميات إنتاج النفط «وهو من بين أعلى المعدلات بين جميع الدول المصنفة من قبل الوكالة».
وافادت أن «الحكومة أوشكت على استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام ولم تتوصل لغاية الآن إلى اتفاق مع مجلس الأمة حول استراتيجية شاملة لتمويل عجز الموازنة ما يمثل مخاطر تمويلية للدولة خصوصا إذا انخفضت أسعار النفط».
وأشارت الى أن العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بدأت في التحسن وذلك بعد الحوار الوطني مما يزيد من احتمال مرور قانون الدين العام وخطة ضبط أوضاع المالية العامة، مشيرة الى أن النظرة السلبية للتصنيف تعكس المخاطر على مدى 12-24 شهرا مقبلا والمتعلقة بقدرة الحكومة على التغلب على العوائق المؤسسية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية لتمويل عجز الموازنة في المستقبل.
ورأت وجود إمكانية لتخفيض التصنيف الائتماني للكويت إذا استمر العجز المرتفع للموازنة على المدى المتوسط مع عدم وجود ترتيبات تمويلية شاملة ومستدامة ومتفق عليها و«يمكن أن يحدث هذا في حال المواجهة المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة مما يجعل الحكومة غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات المالية أو تمرير قانون الدين العام أو التصريح بمصادر أخرى لتمويل العجز».
وبينت الوكالة إمكانية تغير نظرة التصنيف الى مستقرة إذا نجحت الحكومة في معالجة القيود الحالية لتمويل الموازنة العامة وذلك من خلال إقرار قانون الدين العام والإذن للحكومة بالاستفادة من صندوق احتياطي الأجيال القادمة وبرنامج ضبط أوضاع المالية العامة.
ولفتت الى أن الكويت تستفيد حاليا من الارتفاع في أسعار النفط من أدنى مستوياته منذ بداية الجائحة في عام 2020، متوقعة أن تواجه الكويت رغم ذلك عجزا في الموازنة العامة يبلغ متوسطه 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط ومقدرة السعر التوازني للموازنة العامة ما بين 85 و90 دولارا للبرميل.
وعن التطورات الإيجابية بعد الحوار الوطني، قالت الوكالة إن هذه التحركات التصالحية تزيد احتمالية توصل الحكومة والبرلمان إلى اتفاق في شأن الإصلاحات الهيكلية الرئيسية، مشيرة الى أنه لم يوضع حتى الآن استراتيجية شاملة لتمويل الموازنة بينما تم استنفاد صندوق الاحتياطي العام و«هذا الوضع يشكل مخاطر تمويلية سلبية على التصنيف الائتماني للدولة خصوصا إذا انخفضت أسعار النفط».
وقدرت إجمالي الدين الحكومي العام للكويت عند 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حين تبلغ نفقات الفوائد نحو 1 في المئة من إجمالي الإنفاق العام، موضحة أن أي تعديل محتمل للانفاق العام غير المنضبط يمكن أن يضعف الاقتصاد ويضعف ثقة المستثمرين الأجانب.
وأشارت الى أن الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تطبق بعد ضريبة القيمة المضافة في وقت يعد خفض الإنفاق العام صعبا من الناحية السياسية نظرا لأن معظمها يمثل أجورا ودعوما حكومية.
وأفادت الوكالة بأن اقتصادالكويت معتمد إلى حد كبير على النفط، إذ يمثل ما نحو 90 في المئة من الصادرات والإيرادات الحكومية ويشكل قطاع النفط 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، متوقعة أن يتعزز الأداء الاقتصادي خلال العامين المقبلين بعد فترة الجائحة الصعبة.
كما توقعت أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للكويت إلى أقل بقليل من نحو 140 مليار دولار في عام 2024 وهو مستوى ثابت تقريبا مقارنة بمستويات عام 2018، مبينة أن إجمالي أصول صندوق الثروة السيادي يتجاوز 460 في المئة من الناتج المحلي ويقدر صافي الأصول الحكومية العامة بنحو 450 في المئة من الناتج المحلي وهي أعلى نسبة بين جميع الجهات السيادية.
واعتبرت أن عجز الموازنة العامة هو الأعلى على مستوى العالم مع غياب استراتيجية شاملة للتمويل، متوقعة أن يبقى الدينار الكويتي مرتبطا بسلة عملات يهيمن عليها الدولار الأميركي وهو نظام خدم الكويت بشكل «إلا أنه يقيد قدرتها على إدارة سياسة نقدية مستقلة للمساعدة في التخفيف من التقلبات في الدورة الاقتصادية فضلا عن أن سوق الدين بالعملة المحلية أقل تطورا مقارنة بأقرانها».
ورأت الوكالة أن الإجراءات التي اتخذتها الكويت خلال العامين الماضيين لمعالجة الوضع المالي أقل بكثير مما هو مطلوب لسد الفجوة التمويلية، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالتحويلات المالية السنوية إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة وضخ سيولة إضافية إلى صندوق الاحتياطي العام عن طريق تحويل بعض الأصول الأقل سيولة إلى «الأجيال».
وقالت إن التصنيف يعكس الأوضاع القوية للأصول الحكومية وميزان المدفوعات، متوقعة أن يكون صافي الوضع الدائن الخارجي للكويت قد بلغ 480 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي وأن يسجل الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضا بنحو 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مدعوما بأسعار وكميات إنتاج النفط ودخل الاستثمارات الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار.
وأكدت أن القطاع المصرفي الكويتي دخل مرحلة الانكماش الاقتصادي في وضع قوي نسبيا، حيث تحرك بنك الكويت المركزي على الفور لتنفيذ العديد من تدابير الدعم للاقتصاد والنظام المالي.