لفت تحليل لوحدة «إيكونوميست إنتلجنس» إلى الخلل السكاني المزمن الذي تعاني منه الكويت، موضحة أن نحو 3 ملايين وافد يشكلون ما نسبته 70 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 4.3 ملايين.
وبيّن التحليل أن الجهود الحكومية لمعالجة هذا الخلل تسارعت عام 2021 في إطار الخطة التي تبنتها الحكومة عام 2018 لتحقيق ما يشبه التوازن السكاني بحلول 2025، عندما سيبلغ العدد المتوقع للكويتيين نحو 1.7 مليون ما سيعني أن عدد الوافدين سيكون قد تقلص بما يقارب 1.6 مليون.
وتتوقع الوحدة أن تواصل الحكومة تطبيق سياسة التكويت، وهذا يعني أن عدد الوافدين في البلاد سيبقى مسألة مركزية في السياسة الداخلية خلال السنوات القليلة المقبلة، موضحة أنه من المقرر أيضاً أن يفقد الاقتصاد غير النفطي العمالة الماهرة، حيث يشغل العديد من الوافدين مناصب إدارية في الشركات والبنوك والمؤسسات المالية محلياً.
تخمة موظفين
ولفتت إلى أن الكويت رحّلت في 2021 أكثر من 18 ألف وافد في حين غادر البلاد أكثر من 257 ألفاً بشكل نهائي، مرجعة هذا النزوح إلى تبعات جائحة كورونا وإلى استمرار الحكومة في تطبيق سياسة التكويت، رغم صعوبة استيعاب موظفين كويتيين جدد في القطاع العام الذي يعاني في الأصل من تخمة في الموظفين، بينما يعتمد القطاع الخاص على الوافدين، فيما أدى نزوحهم إلى نقص اليد العاملة الأمر الذي يهدد بعرقلة النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وأكدت «إيكونوميست إنتلجنس» أن نزوح الوافدين بسبب الجائحة أدى بالفعل إلى ركود اقتصادي حاد، فضلاً عما أحدثته الجائحة من تشدد من جانب السلطات في تطبيق أنظمة الهجرة.
وأوضحت أن ما حدث أن الحكومة وجدت نفسها عاجزة عن إحلال اليد العاملة الوطنية محل العمالة الأجنبية لأسباب أبرزها أن سوق العمل تحتاج إلى أيدي عاملة في مجالات يعزف عنها الكويتيون، ما أدى إلى نقص حاد في الأيدي العاملة في عدد من المجالات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
تضخم الرواتب
ولفتت إلى أن السياسات الحكومية في هذا الشأن تفتقر إلى المرونة ولا تأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن معظم الكويتيين لا يرغبون بالقيام بكثير من الوظائف التي يقوم بها الأجانب، عدا عن أن القطاع الخاص يفضل اليد العاملة الأجنبية الأقل تكلفة، مبينة أن هذه الإجراءات أدت إلى انخفاض غير مسبوق في عرض العمالة وتضخم الرواتب الذي أضر بهوامش الشركات.
وذكرت الوحدة أن افتقار المرونة في السياسات الحكومية ينعكس سلباً على مساعي الكويت لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بينما تخوض بلدان أخرى في مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية والامارات منافسة شرسة لجلب هذه الاستثمارات بمغريات مثل الإقامة الدائمة والسماح بتملك الأجانب، منوهة إلى أنه في المقابل تعمل قوانين الهجرة المعقدة والعقبات البيروقراطية في الكويت على تنفير الاستثمارات الأجنبية ودفعها نحو دول أخرى في المنطقة.
عمالة منزلية
وتطرقت «إيكونوميست إنتلجنس» إلى مستقبل العمالة المنزلية في الكويت التي تشكل نحو 22.8 في المئة من اليد العاملة في البلاد، مشيرة إلى مغادرة نحو 41 ألفاً من عمال المنازل للبلاد نهائياً عام 2021، ما شكل أزمة خانقة في هذا القطاع. وتطرح الوحدة فكرة قيام الحكومة بتشجيع إنشاء حضانات أطفال أهلية كوسيلة للتخفيف من وطأة هذه الأزمة من جهة ولزيادة العمالة الوطنية وبالذات العمالة النسائية في القطاع الخاص، لافتة في هذا الصدد إلى أن النساء الكويتيات في القطاع العام يتقاضين عموماً رواتب أدنى من رواتب الرجال ولذلك يمكن أن يرغبن في العمل في حضانات الأطفال الخاصة. وترى «إيكونوميست إنتلجنس» أن هذا ينسحب على العمل في قطاعي التجزئة والرعاية الصحية اللذين تهيمن عليهما العمالة الأجنبية.
وإذا ما تحقق ذلك فإنه سيؤدي إلى تقليص التحويلات المالية للأجانب ما سيعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.
ولكن هذا كله مشروط بالطبع بأن يحل عدد كافٍ من الكويتيات محل الأجنبيات في هذه القطاعات الخاصة، وإلا فان الاقتصاد سيعاني أكثر.
هيمنة أجنبية
أفادت «إيكونوميست إنتلجنس» بأن العمالة الأجنبية تهيمن على القطاع الخاص في الكويت، والذي يضم نحو 1.6 مليون وافد ونحو 73 ألف مواطن.
وبينت أنه في 2021، هاجر نحو 205 آلاف من المغتربين العاملين في القطاع الخاص، ما أثّر على الشركات، لا سيما في قطاعي الضيافة والتجزئة، مرجحة أن يؤدي ارتفاع تكاليف العمالة إلى تأخير التعافي الاقتصادي من جائحة كوفيد -19 طوال عام 2022.
إضافة إلى ذلك، بينت أن برنامج التنويع الاقتصادي سيشهد اضطرابات، حيث تتعطل الصناعات كثيفة العمالة مثل البناء والتصنيع بسبب ارتفاع نفقات الأجور بشكل متزايد.