خلصت مجلة «إيكونوميست» البريطانية في مقالة لها حول ظاهرة النمو المذهل في الديون العالمية، إلى أن حقبة الأموال الرخيصة أشرفت على نهايتها مع صراع البنوك المركزية لمكافحة التضخم المتصاعد.
وذكرت المجلة أنه لم يسبق قط أن كان الاقتصاد العالمي يرزح تحت هذا العبء الهائل من الديون، حيث ارتفعت من 83 إلى 295 تريليون دولار في 2021 بسرعة تبلغ نحو ضعف سرعة نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي.
ولم يكن لجائحة كورونا أيّ صلة بذلك لأن حجم الديون ارتفع من 230 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2000 إلى 320 في المئة عشية الجائحة قبل أن يقفز إلى 355 في المئة العام الماضي.
وأرجعت المجلة أحد أسباب ذلك إلى التراجع المطرد في تكاليف الاقتراض على مدى العقدين الماضيين. ففي أوائل 2000 كانت سندات الخزانة الأميركية لـ10 سنوات تُعطي عائداً 6.5 في المئة وعائدها الحالي 1.8 في المئة فقط.
وكذلك كان الحال بالنسبة لمعدلات الفائدة للاحتياطي الفيديرالي الأميركي إذ إنها تراجعت خلال الفترة ذاتها من 6.5 في المئة إلى نحو 0.08 في المئة، فيما تقف المعدلات المعيارية للفائدة في منطقة اليورو واليابان عند مستوى دون الصفر.
وأدى التراجع في عائدات السندات الحكومية ومعدلات فائدة البنوك المركزية لخفض أسعار فائدة المقترضين العاديين.
وتُقدّر المجلة فاتورة فوائد القروض العالمية (للعائلات والشركات والشركات المالية والحكومات) في 2021 بنحو 10.2 تريليونات دولار، ما يعادل 12 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وكمؤشر على التأثير المحتمل لرفع أسعار الفائدة المنتظر تورد المجلة السيناريو الذي ستواجهه الشركات والعائلات والحكومات في 58 دولة إذا ارتفعت الفائدة بواقع نقطة مئوية واحدة في السنوات الثلاث المقبلة، مع ملاحظة أن عائدات سندات الخزانة الأميركية ارتفعت بنقطة مئوية واحدة منذ ربيع 2021.
وحسب هذا السيناريو، سيتجاوز حجم فاتورة الفوائد العالمية 16 تريليون دولار بحلول 2026، ما يعادل 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي المتوقع لذلك العام، أما إذا ارتفعت الفائدة ضعف ذلك، بسبب استمرار الضغوط التضخمية التي ستجبر البنوك المركزية على اتخاذ خطوات حاسمة، فمن المحتمل أن يرتفع حجم فاتورة الفوائد إلى نحو 20 تريليون دولار بحلول 2026، ما يعادل تقريباً 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وتُشير المجلة إلى أن عبء أسعار الفائدة الأعلى لن يقع على المقترضين بشكل متساوٍ، فمقترضي القطاع الخاص سيتحملون نصيبا من الفاتورة أكبر من نصيب الحكومات التي يمكنها الاقتراض بتكلفة أقل. أما الشركات المالية وأصحاب المدخرات عموماً فإنهم يدفعون فوائد ويحصلون على فوائد.
ولكن ارتفاع حجم فاتورة الفوائد بالنسبة للمقترضين العاديين ربما سيدفعهم إلى تقليص إنفاقهم وهذا سيؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي.
وتسوّق المجلة مثال لبنان للدول التي تُعاني من تضخم فاتورة الفوائد، ومثال كوريا الجنوبية والنرويج وسويسرا للدول التي تُعاني العائلات فيها من مستويات ديون مرتفعة بالنسبة لدخلها، وفرنسا وسويسرا للدول التي تُعاني شركاتها من مستويات ديون مرتفعة نسبة إلى إجمالي أرباحها التشغيلية، وكذلك الشركات الصينية والروسية كمثال على الأسواق الناشئة التي ستُعاني من ارتفاع فاتورة الفوائد.