يبدو أن عجلة التمويلات الحكومية باتجاه الدوران مجدداً، وفي هذا الخصوص كشفت مصادر ذات صلة، أن بنكين أحدهما يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، وآخر تقليدي يتحضران لمنح جهة حكومية قرضاً يتجاوز 100 مليون دينار.
ولم تكشف المصادر عن الموعد المحدد لإتمام الصفقة، إلا أنها غمزت بأنه سيكون قريباً، وأن النقاش المفتوح حالياً بات على نار حامية، والاتفاق يجري على بعض التفاصيل الإجرائية، موضحة أنه يتم التحضير لإقرار هذا التمويل منذ فترة، وأن إتمام صفقته أخذ وقتاً طويلاً، بدأت منذ العام الماضي، ومشيرة إلى أنه لاعتبارات تتعلق بجدول تنفيذ المشاريع الحكومية تم تأجيل إتمام الصفقة أكثر من مرة.
أهمية مضاعفة
وبيّنت المصادر أن القرض المقدّم للجهة الحكومية سيوجّه لمقابلة احتياجاتها الائتمانية المستهدفة لإنشاء مشروع إسكاني تجاري، في شمال الكويت، موضحة أن أهمية المشروع المستهدف تتضاعف مع الإستراتيجية المستهدفة منه على المدى الطويل.
ولم تكشف المصادر عن النسب الائتمانية لكل بنك، وما إذا كانت كما درجت العادة بواقع 60 في المئة تمويلاً تقليدياً و40 في المئة إسلامياً، حيث لفتت إلى أن طريقة حسبة التمويل مختلفة هذه المرة، باعتبارها لا تمثل القطاعين، مثل كل مرة.
ومصرفياً يُعوَّل على القرض الحكومي المرتقب ليكون حجراً ثقيلاً في تحريك مياه الإنفاق الاستثماري الذي سلك طريقاً ضيقاً من الحكومة منذ بدء تداعيات فيروس كورونا، وقبلها تنامي معدلات العجز المسجل في الموازنة العامة، حيث وصل في الأشهر الـ11 الأولى من السنة المالية المنتيهة بنهاية مارس الجاري إلى 952.29 مليون دينار، شكلت 36.3 في المئة من إجمالي المعتمد بالموازنة البالغ 2.621 مليار.
وعموماً يكتسي التمويل المرتقب أكثر من أهمية، فمن ناحية يُصنف ضمن القروض الجديدة، وليست المعاد جدولتها مع دائن متعثر أو يواجه صعوبات في السداد، كما يمثل رقماً ائتمانياً صعباً غير مكرر كثيراً في عامين، علاوة على ذلك فإن هذا التمويل موجه لخارج القطاع النفطي، الذي عادة ما يكون مركزاً للتمويلات الحكومية الكبرى، وأخيراً تغذي هذه الصفقة التوقعات المتفائلة حول إمكانية ارتفاع وتيرة التمويلات الكبرى بالسوق المحلي، خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن آخر صفقة تمويل ضخمة، والتي تعد الأكبر من نوعها في الكويت منذ بدء انتشار جائحة فيروس كورونا، كانت في أكتوبر 2020 عندما وقعت مؤسسة البترول مع البنوك المحلية قرضاً مجمعاً بقيمة مليار دينار، لمدة 15 عاماً.
وتيرة أقل
وفي هذا الخصوص، يتوقع مسؤولون مصرفيون عودة التمويلات الكبرى للقطاع الخاص وللجهات الحكومية خلال العام الجاري، وأن يكون النمو نوعياً، وإن كان بوتيرة أقل من المعتادة قبل «كورونا»، خصوصاً وسط التوقعات المتفائلة بعودة النشاط الاقتصادي، وآخرها من صندوق النقد الدولي، الذي رجح أن يحقق رصيد الموازنة العامة (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية) فائضاً تصل نسبته 3.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 21/ 2022 مدعوماً بارتفاع الإيرادات النفطية.
وأضاف المصرفيون أن حالة انتعاش النمو الاقتصادي الذي يتوقّع أن تشهده الكويت في الفترة القريبة المقبلة ستكون مدفوعة بتقليص الإنفاق العام والذي تم الإعلان عنه في أغسطس 2021، والارتفاع الملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي إثر ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وعودة العديد من الأنشطة التي كانت تكافح في مواجهة فترات الإغلاق الاقتصادي لأكثر من سنة للعمل مجدداً، والمراهنة على زيادة الإنفاق الرأسمالي في النصف الثاني من 2021، إذ ستقود هذه العوامل مجتمعة إلى تحسين المزاج الاستثماري، ومن ثم التحرك نحو التوسع الذي يحتاج إلى فتح خطوط اتئمانية جديدة.
المصارف مستمرة بسياستها الانتقائية
لفت المصرفيون إلى أن البنوك ستستمر في سياستها نحو التمويل الانتقائي الذي يستهدف المشاريع الجديدة الكبرى حتى نهاية العام الجاري، موضحين أن هذا التحرك يساعد على تعافي وتيرة النمو الائتماني المتوقع، وعودته إلى الارتفاع الصحي.
يذكر أن «صندوق النقد» يتوقع ارتفاع الفائض في الحساب الجاري للكويت ليصل نحو 16.1 في المئة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعاً بارتفاع الصادرات النفطية.