بينما تتصاعد وتيرة عقوبات الحلفاء الغربيين على روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا، ومن بينها استمرار استبعاد موسكو من نظام «سويفت» المالي العالمي، تزداد وجاهة السؤال، كيف تسوي الكويت مدفوعات وارداتها من روسيا، وماذا تفعل الشركات المحلية ذات العلاقة التجارية مع موسكو؟
وفي هذا الخصوص ذكرت مصادر ذات صلة، أن شركات كويتية لجأت في الفترة الأخيرة إلى تسوية مدفوعات مشترياتها من روسيا، من خلال تحويل المبالغ المستحقة عليها إلى الصين أولاً، ومن هناك تحوّلها إلى موسكو، وذلك كباب خلفي لحزمة العقوبات الأميركية الأوروبية المقررة على روسيا.
ارتباطات استيراد
وبينت المصادر أن قيمة تعاملات الشركات الكويتية مع روسيا محدودة جداً، لكن بعض الكيانات المحلية لا تزال نشطة معها، خصوصاً التي تعمل في قطاعات المقاولات والبناء، والتي لديها ارتباطات استيراد من موسكو لبضائع ضرورية، في أعمالها التشغيلية.
وذكرت المصادر أن حزمة العقوبات المقررة على روسيا سببت ربكة لحكومات عدة حول العالم، والشركات المتعاملة مع موسكو، ما دفع جميع الأطراف ذات العلاقة تجارياً إلى البحث عن طرق مشروعة لتسوية المدفوعات مع الدب الروسي، ودون مخالفة الحظر المقرر.
وأوضحت أن الشركات الكويتية وجدت أن أفضل طريقة لتسوية مدفوعاتها مع روسيا دون مخالفة الحظر عبر فتح جسر لتحويلاتها المالية من الكويت إلى الصين، بما يسمح بتنظيم حركة مدفوعاتها ذهاباً، وإياباً إن وجد.
وأشارت المصادر إلى أن ما يجعل التحويل إلى الصين مشروعاً أن حزمة العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، تختلف عن تلك المقررة على إيران منذ سنوات، ففي حالة الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى حظر تعاملاتها يمنع على أي مؤسسة مالية خارجية التعامل معها، وإذا فعلت تطبق عليها عقوبات تتضمن غرامات ضخمة.
صعوبة تواصل
أما في حالة روسيا فلفتت المصادر إلى أن الوضع مختلف، إذ لم تتضمن العقوبات الغربية المقررة فرض عقوبات على الكيانات المالية المتعاملة مع روسيا، موضحة أنه إذا كانت البنوك الروسية تواجه صعوبة في التواصل مع البنوك الأخرى على المستوى الدولي، بسبب حرمانها من «سويفت»، وأن هذه العقوبات زادت عزلة موسكو اقتصادياً ومالياً وتكنولوجياً، إلا أن دولاً صديقة مثل الصين لم تتوقف تعاملاتها المالية مع روسيا، عبر نوافذ مالية مختلفة وإن زادت كلفة هذه المعاملات بطبيعة الحال.
أما حكومياً فالوضع مختلف، ويمكن استعراضه من خلال ثلاثة اتجاهات، الأول يتعلق بالهيئة العامة للاستثمار التي أفادت عبر وزير المالية عبدالوهاب الرشيد رداً على سؤال برلماني بأن أموالها المستثمرة في روسيا وأوكرانيا «لا تكاد تذكر» ولا تتعدى 0.29 في المئة من إجمالي استثمارات صندوق احتياطي الأجيال القادمة الذي تديره، وتقارب قيمته 740 مليار دولار.
ولفت الرد إلى أن أموال صندوق الأجيال القادمة تنتشر في أكثر من 132 دولة حول العالم ومنها روسيا وأوكرانيا لكنها في هذين البلدين كانت «أقل من مؤشرات القياس المقارنة، حتى قبل تطور الأحداث واشتعال الحرب».
مناطق مشتعلة
وإلى ذلك لا توجد أي حاجة لتسوية أي مدفوعات لـ«هيئة الاستثمار» إلى روسيا، فتاريخياً ليس من عادة مديري الثروة السيادية استثمارياً التخارج من الأصول في الأسواق المشتعلة وقت الحرب، بل الاحتفاظ بالأصول خصوصاً أن إستراتيجيتهم الاستثمارية طويلة الأجل، وأي أرباح سيجنونها ستضاف إلى حصتهم هناك.
أما عن خططها الاستثمارية فالإستراتيجية الاستثمارية لـ«الهيئة» تهدف لتعظيم العوائد على الأموال المستثمرة وبأقل المخاطر الممكنة، ما يعزز رد وزير «المالية»: «لا نعتقد في الوقت الراهن على الأقل بأن بحث (هيئة الاستثمار) على فرص ينطبق على الأصول الروسية المعرضة للدخول في كثير من التعقيدات التنظيمية والسياسية بين الملاك والدول التي تحتضن تلك الأصول».
أما بالنسبة لاستيراد الحكومة الكويتية من روسيا، فهو أيضاً محدود، ويتركز في القمح والشعير، وبنسب غير رئيسية، ومنذ تطبيق العقوبات توقفت تعاملاتها، ولجأت الكويت إلى أسواق بديلة لتعويض نقص المعروض الروسي- الأوكراني المتاح من هذه المنتجات، ما قلل الحاجة الرسمية لتسوية أي مدفوعات، أقله في الوقت الحالي.
وعسكرياً لم يُعلَن قبل غزو روسيا لأوكرانيا أن هناك صفقة سلاح محتملة للكويت من روسيا، وبالطبع لن تكون هناك أي صفقات مرتقبة، حتى لو كانت هناك حاجة محلية لذلك في الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل التوسع الغربي بمعاقبة موسكو، ما يُسقط احتمال الحاجة لتسوية أي مدفوعات عسكرية مستحقة.
أبرز العقوبات الغربية
في إطار تشديد عقوباتها المالية قررت الولايات المتحدة، أمس وبالتنسيق مع مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي منع كل الاستثمارات الجديدة في روسيا، وذلك ضمن حزمة جديدة من العقوبات.
وستشمل الإجراءات الجديدة المنسّقة، عقوبات معزّزة ضدّ المؤسسات المالية والشركات العامة في روسيا وعقوبات ضد مسؤولين في الحكومة الروسية وأقاربهم.
ومع استبعاد موسكو من نظام «سويفت» المالي العالمي، الذي يمثل شبكة مؤمنة للتراسل لضمان المدفوعات السريعة عبر الحدود، فرض حظر على التعاملات مع 4 بنوك روسية رئيسية بما فيها «VTB BANK» ثاني أكبر مقرض في روسيا.
وتضمنت لائحة العقوبات أيضاً فرض قيود استيراد على واردات روسية بينها الخشب والإسمنت والفحم، فضلاً عن المزيد من الحظر على صادرات بقيمة 10 مليارات يورو، بما في ذلك أشباه الموصلات المتقدمة. ومنع سفن روسيا من دخول موانئ دول أوروبا، باستثناء تلك التي تحمل الغذاء والطاقة.
وستقوّض هذه التدابير أدوات أساسية لسلطة الدولة الروسية وستلحق ضرراً كبيراً باقتصاد روسيا وستحاسب المسؤولين الروس الضالعين في تمويل الحرب وتأييدها.
وتوقّعت المصادر انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 15 في المئة، قائلة إن «هذا الانهيار الاقتصادي لإجمالي الناتج المحلي الروسي سيمسح المكاسب الاقتصادية التي تحقّقت في الأعوام الـ15 الأخيرة في روسيا».