هناك علاقة عكسية تقليدية بين التضخم والرواتب حيث يؤدي ارتفاع أسعار السلع، خصوصاً في حالات تسجيل قفزات كبيرة، إلى الضغط على الدخول.
ومع أخذ التضخم ميلاً متصاعداً في الكويت منذ عام 2017 وزيادته بشكل كبير، خصوصاً في العامين الماضيين، يكون التساؤل مستحقاً حول ما إذا كانت زيادات الرواتب خلال الفترة الماضية واكبت الارتفاعات التي سجلها التضخم خلال الفترة ذاتها أم لا؟وفقاً لإحصائيات الإدارة المركزية للإحصاء، فإن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك سجل ارتفاعاً بين سبتمبر 2017 وسبتمبر 2021 بلغ 8.2 في المئة، وذلك من 112.8 نقطة إلى 122.1 نقطة، فيما وصل الارتفاع إلى أكثر من 10 في المئة ما بين سبتمبر 2017 وفبراير الماضي.
وعلى أساس سنوي، زاد التضخم بنحو 0.27 في المئة من سبتمبر 2017 إلى سبتمبر 2018 (من 112.8 إلى 113.1 نقطة)، ليصعد الرقم القياسي لأسعار المستهلك خلال السنة التالية وحتى سبتمبر 2018 بنحو 1.68 في المئة إلى 115 نقطة.
بدأ التضخم يخطو خطوات كبيرة في 2020 تزامناً مع أزمة كورونا وحدوث اضطراب كبير في سلاسل الإمداد عالمياً وارتفاع أسعار الغذاء، حيث صعد الرقيم القياسي لأسعار المستهلك في سبتمبر من العام نفسه إلى 117.3 نقطة أي بنحو 2 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من 2019، قبل أن يتضاعف نمو التضخم إلى نحو 4.09 في المئة خلال سبتمبر 2021 حين قفز إلى 122.1 نقطة.
وعلى الرغم من أن العالم بدأ يلتقط أنفاسه اقتصادياً في 2022 ويتعافى تدريجياً من آثار «كورونا»، كان الغزو الروسي لأوكرانية ذي وطأة شديدة، حيث أدى إلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الطاقة، كما دفعت تداعيات الحرب مؤشر أسعار السلع الغذائية الأساسية في العالم لمستويات قياسية وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو»، وعلى إثر ذلك قفز التضخم في الكويت خلال فبراير الماضي لأعلى مستوى في 10 سنوات، مسجلاً 4.37 في المئة على أساس سنوي، حيث كان المحرك الأكبر له ارتفاع أسعار بعض المجموعات الرئيسية المؤثرة في حركة الأرقام القياسية، خصوصاً المواد الغذائية والتعليم.
سوق العمل
وفيما يعمل التضخم على خفض الدخول الحقيقية من خلال تقليصه للقوة الشرائية للنقود، فإن زيادات الرواتب تخفض تأثر الدخل بالتضخم، إن لم تحُل دون تراجع مستوى المعيشة، خصوصاً لذوي الدخول المتوسطة والمحدودة والذين يشكلون الشريحة الأوسع في الكويت.
ووفقاً لبيانات سوق العمل الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء أخيراً، ارتفع متوسط رواتب المواطنين بنحو 6.04 في المئة بين 2017 و2021، بينما شهدت رواتب الوافدين معدلات زيادة أكبر بنحو 13.7 في المئة، مع الإشارة إلى أن رواتب الكويتيين تفوق مداخيل الوافدين من حيث القيمة.
وأفادت البيانات بأن متوسط راتب الموظف الكويتي زاد بما يعادل 85 ديناراً خلال 5 سنوات، حيث وصل في سبتمبر 2021 إلى 1490 ديناراً مقارنة بـ1405 دنانير خلال الفترة ذاتها من 2017.
أما بالنسبة لمتوسط رواتب الوافدين، فشهد زيادة بـ13.7 في المئة وبقيمة 40 ديناراً خلال آخر 5 سنوات، حيث بلغ متوسط راتب الوافد في الكويت في نهاية سبتمبر 2021 نحو 331 ديناراً مقارنة بـ291 ديناراً خلال الفترة ذاتها من 2017.
وفي حين أن زيادات الرواتب قد لا تكون مواكبة لنسبة الارتفاع بالتضخم خلال 5 سنوات مضت، فإن الوقع الأكبر لزيادة أسعار السلع يكون على المتقاعدين.
يذكر أن البنك الدولي توقع أن يرتفع مستوى التضخم في الكويت من 3.4 في المئة عن 2021 إلى 3.6 في المئة عن 2022، لتكون الكويت الثانية خليجياً في ارتفاع معدل التضخم بعد قطر التي يرجح أن تسجل 4 في المئة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكويت سجلت في 2021 أعلى نسبة تضخم خليجياً بحسب تقديرات البنك الدولي، تلتها السعودية ثم عمان.
الزيادة الأكبر بالأغذية والمشروبات
وفقاً لأرقام «الإحصاء» الأخيرة، كان الارتفاع الأكبر للتضخم في المجموعة الأولى «الأغذية والمشروبات»، والتي زادت أسعارها خلال فبراير الماضي بنحو 7.3 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2021، في حين أن 17 في المئة من إجمالي واردات الكويت تأتي ضمن هذه الفئة وفقاً لتقرير لـ«مارمور».
وكانت ثاني أكبر زيادة بالتضخم في مجموعة التعليم بنسبة 18.95 في المئة، ثم «الملبوسات» بـ5.54 في المئة، في فبراير الماضي على أساس سنوي ثم في المجموعة التاسعة «الترفيه والثقافة» 3.91 في المئة ثم مجموعة «السلع والخدمات المتنوعة» بـ3.61 في المئة.