تحت عنوان «لماذا لم تضرب أزمة الغذاء دول الخليج حتى الآن؟» نشر موقع سي إن إن مقالا عن حقيقة ان حرب روسيا على أوكرانيا أحدثت أزمة غذاء حادة في بعض دول المنطقة ولكنها لم تترك تأثيرا يذكر على بلدان المنطقة الأكثر جفافا والأقل انتاجا للغذاء مثل دول الخليج العربي.
وأوضح المقال أن بلدان الخليج العربي، حيث اقل من 2 في المئة من أراضيها يستغل في الزراعة والتي تستورد 85 في المئة من احتياجاتها الغذائية، كانت قد استعدت جيدا لمواجهة الأزمة العالمية الحالية في الغذاء في أعقاب دروس الأزمة المالية العالمية في 2008. وكانت تلك الأزمة أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما دفع بدوره ببعض البلدان المنتجة الى فرض حظر على صادراتها الغذائية بهدف حماية مخزوناتها.
ونقل المقال عن وحدة «انتيلجنس» في مجلة «ايكونوميست» انه كان لتلك الصدمة تأثير كبير على السياسة الغذائية والزراعية في المنطقة.
ولفت المقال إلى أن مؤشر الأمن الغذائي العالمي يضع قطر في المنزلة 24 عالميا بين البلدان التي تتمتع بالأمن الغذائي تليها الكويت والامارات وعمان والبحرين في حين تأتي السعودية في المرتبة 44.
وبعد ان فاقمت جائحة كورونا من المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي اتجهت بلدان الخليج، كما تقول كارين يونغ الزميلة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، نحو إيجاد بدائل أخرى خصوصا مع توافر الأموال لها.
ويبين المقال ان من بين هذه البدائل منشآت تحلية مياه البحر ذات الاستهلاك القليل للطاقة والزراعة ذات الاستهلاك الاقتصادي للمياه واستخدام أساليب الزراعة الحديثة في الماء. وهنالك أيضا الأسلوب المثير للجدل والمتمثل بشراء دول الخليج لأراض زراعية في بلدان العالم الثالث واستغلالها لانتاج محاصيلها الخاصة.
وتأتي السعودية في مقدمة الدول التي اشترت أراض زراعية في بلدان مثل السودان وكينيا وإثيوبيا بعد ان قررت تخفيض انتاجها من القمح بنسبة نحو 12.5 في المئة سنويا في عام 2008 بهدف توفير موارد المياه الشحيحة في البلاد.
ويشير المقال إلى ان بعض هذه الخيارات مكلف وتحيط الشكوك باستدامته خصوصا في ظروف أزمة غذائية عالمية شاملة. وينقل عن البروفسور المساعد في جامعة لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوغ تشكيكه في قدرة البلدان المشترية للآراضي الزراعية على منع حكومات تلك البلدان من فرض تقنين أو حظر على الصادرات الغذائية في حالة تفاقم أزمة الغذاء العالمية.
وإذا كانت حرب روسيا في أوكرانيا أنتجت الأزمة الراهنة في الغذاء فإنها من جهة أخرى وضعت البلدان المصدرة للنفط في مركز مالي متين يمكنها ليس فقط من تحسين أوضاع موازناتها بل أيضا من تجاوز أسوأ عواقب تلك الأزمة.
وينقل المقال عن كارين يونغ ان المشتريات من المواد الغذائية تشكل نسبة من الانفاق الاستهلاكي لمعظم شعوب بلدان مجلس التعاون الخليجي أدنى من نسبته في بلدان أخرى في المنطقة.
ولكن يبقى الرهان الأهم لدول الخليج العربي في تعزيز أمنها الغذائي هو إرساء أسس الاكتفاء الذاتي للتخفيف من وقع الأزمات الغذائية في المستقبل. احد الأمثلة البارزة على ذلك الامارات التي أنشأت وزارة خاصة للأمن الغذائي وأطلقت عام 2018 استراتيجية وطنية تهدف إلى وضع الامارات بين الدول العشر الأوائل على مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051. ومن بين أسس هذه الإستراتيجية زراعة محاصيل مقاومة للملوحة في الصحراء وانشاء مزارع عمودية مسقوفة وبيوت بلاستيكية ذكية في الصحراء.
ومن جهتها سعت قطر الى تطبيق استراتيجية مماثلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان بانشاء صناعات ألبان في الصحراء لهذا الغرض. هذه الصناعات تعتمد بالطبع على الدعم المالي من الدولة وهو ممكن لأسباب أبرزها الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة.