حاولت مجلة «إيكونوميست» في مقال لها تفسير عودة أسعار النفط إلى الارتفاع لتصل مستوى 120 دولاراً وأكثر للبرميل. وذكرت أنه في حين أن الدول العربية استخدمت الحظر النفطي في سبعينات القرن الماضي لمعاقبة الحكومات الغربية على دعمها لإسرائيل، فإن حكومات الاتحاد الأوروبي قررت يوم 30 مايو الماضي استخدام السلاح ضد نفسها كجزء من آخر جولة من العقوبات ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وما أن أُعلن عن قرار تلك الحكومات بحظر المشتريات من النفط الروسي والمنتجات البترولية مثل الديزل بحلول نهاية العام الجاري، مع إعفاء موقت من الحظر للنفط الذي ينقل بالأنابيب، حتى قفز سعر برميل نفط برنت إلى أكثر من 120 دولاراً، وهو الأعلى منذ مارس الماضي.
القرار من حيث المبدأ بالغ الأهمية في نظر «إيكونوميست»، فهو يظهر الوحدة بين دول الاتحاد الأوروبي ويعكس استعدادها لتحمل المعاناة الاقتصادية في سبيل معاقبة روسيا، كما أنه يقطع الروابط التجارية القليلة المتبقية معها، ما يهدد أكثر مصادر أرباح روسيا بالعملة الصعبة، لأن الاتحاد الأوروبي يمثل أكبر سوق للنفط الخام الروسي، حيث يستورد نحو نصف صادرات موسكو من النفط.
ثمن الوحدة
ولكن المجلة تجد ما يدعو للتشكيك بأن هذا القرار سيحرم روسيا من كثير من العملة الصعبة، فالحظر يشمل النفط المنقول بحراً فقط ويستثني النفط الذي ينقل عبر الأنابيب، موضحة أن هذا الاستثناء هو ثمن الوحدة بين دول الاتحاد لأنه كان الحل الوسط الذي أرادته هنغاريا التي تبدي تعاطفاً أكبر مع روسيا، كما أنها تعتمد إلى حد كبير على أنبوب النفط الروسي «دروجبا» لتلبية احتياجاتها من النفط الروسي الذي يشكل نحو 65 في المئة من وارداتها النفطية.
وأشارت «إيكونوميست» إلى أن الحظر لن يكون له تأثير كبير على سوق النفط لأن الكثير من الناقلات يفرض حظراً ذاتياً على شحن النفط الروسي، لكن السؤال المهم يتعلق بما إذا كان النفط الروسي المنقول بحراً لن يجد من يشتريه بعد الحظر، منوهة إلى أن صادرات روسيا النفطية ازدادت بعد العقوبات، حيث تنقل عن محللين في بنك «جيه بي مورغان ستانلي» أن معظم تلك الزيادة ذهبت إلى الهند التي أحجمت عن فرض عقوبات.
التساؤل الآخر حول ما إذا كانت أوروبا ستفرض في نهاية المطاف حظراً على النفط الروسي المنقول عبر الأنابيب.
وفي هذا الجانب، تجيب المجلة «صحيح أن ألمانيا وبولندا أعلنتا عن اعتزامهما تقليص وارداتهما عبر خط أنابيب دروجبا، ولكن من غير المرجح أن تلتزم هنغاريا بأي حظر من هذا القبيل، خصوصاً أن النفط الروسي يباع بخصم كبير»، مضيفة أنه رغم أن الحظر جزئي فإن الأسعار قفزت بسبب الطلب المتزايد على النفط بعد انحسار الجائحة، كما أن تخفيف الصين للإجراءات الناجمة عن انتشار «كورونا» زاد من تعطشها للنفط.
وأفادت «إيكونوميست» بأنه في الوقت ذاته لم تظهر الدول الأعضاء في «أوبك» وحلفائها مثل روسيا أي توجه حتى الآن لزيادة الإنتاج، لكن المجلة أشارت إلى تقارير تذكر أن المنظمة تدرس خطة لاستثناء موسكو من مستويات الإنتاج المستهدفة في خطة العودة التدريجية إلى مستويات الإنتاج التي سبقت الجائحة، ما سيتيح للسعودية ودول أعضاء أخرى أن تنتج المزيد من النفط لتعويض أي تخفيضات في الإنتاج الروسي.
ولفتت المجلة إلى أن ما يزيد الأمور سوءاً النقص في القدرة الإنتاجية للمصافي الأميركية، ما زاد من ارتفاع أسعار البنزين والديزل بنسب أعلى من ارتفاع أسعار النفط الخام.