رأى البنك الدولي أن الكويت قد تحقق فائضاً بنحو 13 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، في ظل الارتفاع الحاد بأسعار النفط بأعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المترتبة على موسكو، ما سيسمح بتسوية جزئية للمتأخرات البالغة نحو 7.7 مليار دولار على وزارة المالية للوزارات والهيئات العامة الأخرى، لافتاً إلى أنه من الأجدر للكويت أن تغتنم فرصة الأوضاع المالية العامة المواتية لفك ارتباط الاقتصاد بالنفط ودفع الإصلاحات الهيكلية الى الأمام.
جاء ذلك خلال ندوة عقدتها الجمعية الاقتصادية الكويتية، مساء أول من أمس، بحضور كوكبة من رجل الاقتصاد والمختصين لبحث تقرير البنك الدولي في شأن اقتصادات دول الخليج، حيث أكد رئيس مجلس الإدارة في الجمعية، خالد المطيري، أنها تدرك حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي، موضحاً أنه على الجمعية الاستمرار بنهجها المهني المستقل، انطلاقاً من دورها كإحدى مؤسسات المجتمع المدني في الكويت، من خلال التفاعل الإيجابي والحوار الهادف مع المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي.
وقال المطيري إنه بفضل حملات التطعيم تمكنت دول مجلس التعاون من تجاوز أزمة «كورونا» واستئناف نشاطها الاقتصادي، بعد تخفيف القيود المرتبطة بالجائحة، ما نتج عنه حالات تعافي اقتصادي في عام 2021 في جميع الدول، إذ شهدت حالات العجز في المالية العامة تحسناً ملحوظاً، متوقعاً أن تحقق نمواً في النشاط الاقتصادي هذا العام.
تعاف قوي
بدوره، أفاد المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي عصام أبوسليمان، بأن تقرير البنك الذي تم إطلاقه أخيراً يتناول أحدث المستجدات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تحت عنوان: «تحقيق التعهدات المرتبطة بتغير المناخ»، ويظهر أن اقتصادات الخليج نجحت في التعافي بقوة من جائحة «كورونا» خلال العام 2021 وأوائل العام الجاري.
وأضاف أن هذا التعافي يرجع إلى نجاح حملات التطعيم الواسعة النطاق في جميع أنحاء دول المجلس، وتخفيف قيود الجائحة، والتطورات التي طرأت على سوق المنتجات الهيدروكربونية، متابعاً «يقدر خبراؤنا أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستنمو 5.9 في المئة خلال عام 2022 وستستمر بزخمٍ قوي على المدى المتوسط بفضل النشاط الأقوى للقطاعات الهيدروكربونية وغير الهيدروكربونية».
آثار إيجابية
وأشار أبوسليمان إلى أن الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المرتبطة بها، والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة العام الماضي بعد الانتعاش العالمي، تضيف المزيد من عدم اليقين إلى الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنه سيكون لهذا الأمر آثار إيجابية إلى حدّ كبير، على بلدان مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما من حيث ارتفاع أسعار الطاقة.
وأوضح أن الضغوط الدولية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية، قد تؤدي إلى استثمارات إضافية لتوسيع إنتاج النفط والغاز في محاولة لدعم أمن الطاقة للمستوردين الرئيسيين، لا سيما في البلدان ذات القدرة الاحتياطية الكبيرة مثل السعودية والإمارات، ما يمثل معضلةً حقيقية قد تؤخر التنويع الضروري نحو اقتصاد غير هيدروكربوني في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتوقع أن يتسارع النمو الاقتصادي في الكويت إلى 5.7 في المئة هذا العام، بسبب ارتفاع إنتاج النفط، مع إلغاء تخفيضات «أوبك +» تدريجياً وتقوية الطلب المحلي.
ولفت أبوسليمان إلى أنه على الصعيد المحلي، تواجه الكويت مخاطر عدة على طلب النفط على المدى القصير، إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تدمير الطلب، بينما سيؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقليل الاستهلاك، مبيناً أن أي تفشٍ جديد لفيروس كورونا وتشديد الإغلاق وإجراءات الحركة سيضر بتوقعات الطلب على النفط.
وأفاد بأنه بالنسبة للكويت، فإن وجهة النظر التقليدية هي أن هذا الأمر يخلق تهديدًا بالنظر إلى هيمنة الهيدروكربونات، متابعاً «على العكس من ذلك فإننا نجادل بوجود فرص كبيرة للكويت للانتقال بنجاح إلى نموذج تنموي جديد يدعم أجندة التنويع وضبط أوضاع المالية العامة، مع زيادة إمكانات النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل».
نمو الناتج
ويأتي ذلك في وقت رجح تقرير البنك الدولي أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 3.6 في المئة خلال عام 2023 وبـ2.5 في المئة في 2024، بفضل قوة صادرات النفط ونمو الائتمان، وبلوغ مؤشر التضخم 3.6 في المئة خلال العام الجاري، وأن يتراجع إلى 2.8 في المئة العام المقبل، ثم إلى 2.3 في المئة خلال العام 2024.
وتضمن التقرير قراءة حول احتمالات زيادة إنتاج النفط 8.6 في المئة خلال العام الجاري، مع رفع «أوبك +» لحصص الإنتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية لمصفاة الزور.