بين المستثمر الأجنبي الذي يستهدف الأسهم المُدرجة في بورصة الكويت وشركات الوساطة المالية المرخصة من قبل هيئة أسواق المال، حلقة تستغلها شركات استثمار خارجية تعمل كـ«وسيط دولي»، لتحقيق أكبر استفادة غير مُعلنة في ظل غياب التدقيق الكامل من قبل الجهات الرقابية المعنية!
وفي هذا الإطار، قالت مصادر أن شركات خارجية تُدير أموال مؤسسات أوروبية وأميركية وغيرها في الكويت طالبت شركات وساطة محلية بمنحها خصومات تصل إلى 90 في المئة وربما تزيد، عن الصفقات التي ينفذها الوسطاء لصالح عملاء تلك الشركات من الأجانب دون علمهم.
وقالت مصادر معنية إنه في حين كانت «هيئة الأسواق» قد أوقفت الخصومات على الصفقات التي ينفذها الوسطاء المحليون لصالح المتداولين، فإن شركات كُبرى تعمل كوسيط دولي نيابة عن عملائها في البورصات المختلفة، بما في ذلك بورصة الكويت، وتتحرك نيابة عن مستثمرين أجانب كوكلاء لهم في نقل التعليمات إلى شركات الوساطة في الكويت، تحاول الالتفاف على ذلك من خلال اتفاقيات وصفتها المصادر بالملغومة تحتكم فيها لقوانين ومحاكم خارجية وليست كويتية.
وأوضحت أن شركات إقليمية تمثل حلقة وصل بين المستثمر الأجنبي وسوق الأسهم الكويتية تُحمّل كامل مخاطر التداولات المنفذة أو ربما المرفوض الالتزام بها لشركات الوساطة المحلية، مضيفة أن المفارقة تمثلت في مخاطبة وجّهتها إحدى المؤسسات الخارجية لجهة رقابية تتساءل فيها عن أسباب عدم السماح بمنح الخصومات، بعد أن أبلغتها إحدى شركات الوساطة المحلية كتابياً بأنها مستعدة لمنحها خصماً، لكن الجهة الأجنبية رفضت أن يتم الأمر دون علم الجهة الرقابية، الأمر الذي دفعها لمخاطبتها للسؤال عن سبب منع الخصم.
وحصلت «الراي» على نسخة من اتفاقية تنظم العلاقة ما بين حلقة الوصل (شركات تتخذ من أسواق مجاورة مقرات لها) وشركات وساطة كويتية، تضمنت تجاوزات بالجملة للقواعد الرقابية المتبعة في أسواق المال.
واشتملت الاتفاقية على بنود تتعلق بالخصومات وآلية تمريرها على النحو التالي:
– يوافق الوسيط المحلي على منح شركة الاستثمار الإقليمية (الوكيل ) خصماً بالمبالغ المتفق عليها من عمولة الوسيط المستحقة على جميع الطلبات المنفذة لعملاء (الوكيل) بعد خصم أي عمولة صرف.
– يتم احتساب عمولة الخصم هذه من جانب الوسيط في نهاية كل شهر بالرجوع للتفاصيل المتفق عليها بما في ذلك تفاصيل جميع الصفقات المنفذة خلال تلك الفترة، ويتم إرسالها إلى (الوكيل) لمراجعتها والموافقة عليها.
– يقوم الوسيط بدفع عمولة الخصم إلى (الوكيل) في غضون 3 أيام عمل من نهاية كل شهر، وإذا لم يدفع الوسيط المبلغ، فيحق لـ(الوكيل) أن يخصم مقابل تلك المبالغ المستحقة له من أي مبالغ يدين بها الوسيط له أو من التزامات عملاء شركة الاستثمار الإقليمية (الوكيل) للوسيط المحلي.
– بصرف النظر عن الأسعار المحددة في الصرف أو الأسعار المتفق عليها، يجب على الوسيط الكويتي أن يقتطع لصالح الوكيل (نسبة الخصم) من جميع الرسوم التي يتقاضاها الوسيط.
الولاية القضائية
وتُلزم الشركات الاستثمارية التي تقوم بدور الوكيل للمستثمر الأجنبي الوسيط المرخّص محلياً بخضوع الاتفاقية للاختصاص القضائي غير الحصري للمحاكم الإنكليزية في ما يتعلق بأي نزاع.
وحسب الاتفاقية تخضع جميع الصفقات، إضافة إلى الشروط المنصوص عليها، دائماً للقوانين المعمول بها، والتي يجب أن تكون ملزمة لكلا الطرفين، وفي حالة حدوث نزاع في ما يتعلق بصفقة ما، توجد لوائح إلزامية سارية لتسوية المنازعات، ويجب على الأطراف تسوية نزاعهم وفقاً لهذه اللوائح.
مخاطر كبيرة
في حال موافقة شركات الوساطة المحلية على المضي قدماً في الاتفاقية، ستكون الشركة معرّضة لمخاطر كبيرة قد تنال من حقوق ملاكها ومساهميها، كما أنه يمكن أن يترتب على ذلك عدم قدرتها على تغطية الاستحقاقات التي تنجم عن التزاماتها، في الوقت الذي لم يعد للقانون رقم 7 لسنة 2010 الخاص بهيئة أسواق المال حضور في تنظيم العلاقة بين طرفي الاتفاقية.
وأشارت مصادر إلى أن منح الخصومات بهذا الشكل للمستثمرين الأجانب، وربما المحليون، يتطلب تدقيقاً أوسع من قبل الجهات الرقابية في ميزانيات شركات الوساطة، خصوصاً أن الإيرادات المحققة في حال إقدام شركة الوساطة على الدخول في مثل هكذا اتفاقيات تقابلها مصروفات ضخمة، فيما يتبقى القليل ليسجل كأرباح، منوهة إلى أن المصروفات الخاصة بمنح الخصومات، قد تكون عبر شركات زميلة أو تابعة، أو ربما عن طريق عقود جانبية.
وأفادت بأن مثل هذه الممارسات تعرّض منظومة الوساطة المالية لمخاطر جسيمة يمكن أن تؤدي لزعزعة استقرار الأوضاع المالية للشركات التي تعد إحدى الطبقات الأساسية للحماية من الانكشافات في البورصة.
هيئة تحكيم
وفقاً لنموذج اتفاقية تنظم العلاقة ما بين وكيل مستثمر أجنبي وشركة وساطة كويتية، نصت الاتفاقية على أن «أي نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن أو في ما يتعلق بهذه الاتفاقية، بما في ذلك أي سؤال يتعلق بوجود أو نطاق أو صلاحية أو إنهاء هذه الاتفاقية أو أي بند فيها، يتم حلها نهائياً عن طريق التحكيم بموجب قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA)، والتي تعتبر قواعدها مدمجة».
وتتكون هيئة التحكيم من 3 محكمين، حيث يحق لكل من الطرفين ترشيح محكم واحد، ويتم تعيين المحكم الثالث من جانب محكمة لندن للتحكيم الدولي، على يكون أي قرار صادر عن الهيئة ملزماً من يوم صدوره، ويتنازل الأطراف بموجب هذا عن أي حق في إحالة أي مسألة قانونية وأي حق استئناف على القانون أو المزايا إلى أي محكمة.