نقلت مجلة «غلوبال فاينانس» عن صندوق النقد الدولي توقعه بأن تحقق دول مجلس التعاون الخليجي إيرادات إضافية من ارتفاع أسعارالنفط تصل إلى 1.4 تريليون دولار في السنوات الخمس المقبلة، ما يعني أن هذه البلدان ستتمتع بأعلى نمو اقتصادي تشهده منذ عقد من الزمن.
وحسب بارت كورنيليسن من شركة «ديلويت» فإن أي تقلب في أسعار الطاقة العالمية يؤثر على الوضع الاقتصادي بأكمله في بلدان مجلس التعاون التي لا تزال تعتمد في 60-70 في المئة من دخلها على النفط والغاز.
وذكرت المجلة أن الخبراء يتنبأون بأن يرتفع إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون من 3.3 في المئة عام 2021 إلى 5.9 في المئة هذا العام.
ونقلت عن محمد داماك من وكالة ستاندرد آند بورز «S&P» قوله إن الإيرادات الحكومية الأعلى ستوافر للحكومات مجالاً أرحب لزيادة الإنفاق.
وعلى صعيد القطاع المصرفي رأت «غلوبال فاينانس» أن معظم بنوك دول مجلس التعاون ستشهد في ظل الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة والزيادة الكبيرة في الإيرادات الهيدروكربونية ارتفاعاً في الربحية وتوسعاً في نمو القروض، مشيرة إلى أن ذلك دفع بوكالة «موديز» إلى رفع رؤيتها المستقبلية للقطاعات المصرفية الخليجية في أبريل من سلبية إلى مستقرة.
وفي الوقت ذاته، تتوقع «S&P» وفقاً لداماك ألا تتجاوز نسبة القروض المتعثرة في البنوك الـ45 الأكبر في المنطقة 5 في المئة مقارنة بـ3.5 في المئة في نهاية 2021، مرجحاً زيادة في ربحية البنوك بفضل مزيج من انخفاض تكلفة المخاطر وأسعار الفائدة الأعلى.
وتبقى قطر الأكثر تعرضاً للمخاطر بسبب الانكشاف المرتفع للبنوك القطرية للديون الخارجية، لكنها تتمتع بمصدات كافية إضافة لمنشآت الغاز المتطورة ومشاريع البنية التحتية الضخمة ونهائيات كأس العالم التي يتوقع أن تحقق إيرادات إضافية في المستقبل.
من جهة أخرى، تواجه دول مجلس التعاون النتائج المترتبة على التضخم المتصاعد نتيجة الحرب في أوكرانيا التي أدت الى اضطرابات في سلاسل التوريد وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والأولية.
ووفقاً لعدنان الفضلي من «ديلويت»، فإن الأموال الطائلة الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط هي سيف ذو حدين، فدول مجلس التعاون لن تستفيد لزمن طويل من هذه الأسعار المرتفعة بشكل غير قابل للاستدامة، لأن هذا الارتفاع سيبدأ بالعودة إلى الاقتصاد الكلي وفي نهاية المطاف إلى المستهلك.
ونقلت المجلة عن صندوق النقد الدولي توقعه بأن يبلغ التضخم ذروته عند مستوى 3.1 في المئة هذا العام بعد أن بلغ 2.2 في المئة عام 2021.
وتشكل أسعار الغذاء نقطة ضعف رئيسة في دول مجلس التعاون لأنها تستورد نحو 85 في المئة مما تستهلكه من المواد الغذائية.
ولكن «غلوبال فاينانس» تشير إلى أن هذه البلدان قادرة على تحمل العبء المالي الإضافي كما أن تجاربها السابقة دفعتها للبحث عن بدائل.
فبعد الارتفاع الحاد عام 2008 في أسعار المواد الغذائية اندفعت الإمارات والدول الأخرى في المنطقة إلى شراء أراضٍ زراعية في أفريقيا لتأمين مواردها الغذائية. وبالرغم من أن مناخها الصحراوي ليس مثالياً للزراعة، فإن دول مجلس التعاون تستثمر بقوة في تقنيات جديدة مثل الزراعة المائية والزراعة العمودية.
ويدفع كورنيليسن من «ديلويت» إلى تشجيع البلدان المنتجة للطاقة على إنفاق الأموال بحكمة، ليس على الاستهلاك بل على الاستثمار في إعادة هيكلة الاقتصاد وجعله أقل اعتماداً على الصادرات الهيدروكربونية.
ولفتت «غلوبال فاينانس» إلى أن بلدان مجلس التعاون عملت منذ سنوات على وضع خطط لعمليات تنويع اقتصادي ضخمة تتضمن الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية وتعزيز نمو القطاع الخاص والأنشطة غير النفطية.
وأوردت مثالاً على ذلك مشروع مدينة «نيوم» الجديدة في السعودية بتكلفة 500 مليار دولار وعمليات البناء في قطر استعداداً لنهائيات كأس العالم بتكلفة 200 مليار دولار، وبرامج الإمارات لإنشاء مزارع الطاقة الشمسية ولارتياد الفضاء.
وخلصت المجلة إلى أنه لا أحد يعرف إلى متى ستبقى أسعار النفط مرتفعة، ولكنها ترى أن الجواب قد يتوقف على استمرار الصراع في أوكرانيا.
ارتدادات سلبية
حذرت «غلوبال فاينانس» من الارتدادات السلبية لأسعار النفط المرتفعة على بلدان مجلس التعاون في المدى الطويل.
وأوضحت أن مستوردي النفط يضعون التحول إلى الطاقة الخضراء على رأس أولوياتهم، ما سيجعل الوقود الأحفوري قليل الاستخدام في المدى الطويل، الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى حرمان البلدان المصدرة من أكثر إيراداتها.