شهد سوق العقار السكني المحلي انخفاضا «حادا» في عدد الصفقات بأكثر من 50 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة مع نفس الفترة من العام 2021 وفق آخر الاحصائيات الصادرة عن إدارة التسجيل العقاري والتوثيق في وزارة العدل الكويتية.
وهبطت الصفقات العقارية السكنية لتسجل 2470 صفقة بقيمة مليار و13 مليون دينار (نحو 3.3 مليار دولار أميركي) خلال النصف الأول للعام الحالي مقارنة بـ 4814 صفقة بقيمة مليار و402 مليون دينار (نحو 4.6 مليار دولار) في النصف الأول 2021 ما يدل على إحجام أعداد كبيرة من المواطنين الراغبين في السكن عن الشراء في سوق السكن الخاص.
وتراجعت القيمة المتداولة للصفقات العقارية السكنية خلال الفترة المذكورة بأكثر من 380 مليون دينار (نحو 1.2 مليار دولار).
وبينما تراجع نشاط العقار السكني انعكس حال القطاع الاستثماري (البنايات والعمارات) ليحقق ارتفاعا بنسبة 14.8 في المئة في عدد الصفقات خلال النصف الأول من 2022 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ما يشير إلى تعافي تدريجي لهذا القطاع بعد أن سجل انخفاضات «حادة» في عدد وقيم الصفقات خلال فترة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وسجل قطاع العقار الاستثماري 674 صفقة بقيمة 579 مليون دينار (نحو 1.9 مليار دولار) خلال النصف الأول من 2022 مقارنة بـ 587 صفقة بقيمة 311 مليون دينار (نحو 1.02 مليار دولار) للعام الماضي بزيادة قدرها 268 مليون دينار (نحو 884 مليون دولار).
وشهد سوق العقار التجاري (المحلات والمكاتب والمجمعات التجارية) قفزة كبيرة في عدد الصفقات من 38 صفقة فقط خلال فترة النصف الأول من 2021 إلى 111 صفقة في نفس الفترة من 2022 بنسبة ارتفاع فاقت الـ 190 في المئة.
وقفزت قيمة التداول على العقارات التجارية لتبلغ أكثر من 390 مليون دينار (نحو 1.2 مليار دولار) في النصف الأول من 2022 بعد أن سجلت قيمة متواضعة العام الماضي عند حدود 59 مليون دينار (نحو 195 مليون دولار) ما يشير إلى تعافي هذا القطاع بعد الإغلاقات التي عانى منها خلال السنتين الماضيتين إثر انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
ومن حيث المحافظات الأكثر تداولا في سوق العقار السكني تصدرت محافظة الأحمدي بـ 1103 صفقات سكنية مع ملاحظة الهبوط الحاد عند مقارنتها بنفس الفترة من 2021 والتي شهدت تداولات عند 3200 صفقة.
وانخفض أيضا عدد الصفقات في محافظة العاصمة لتبلغ 309 صفقات فقط في النصف الأول من العام الجاري بعد أن سجلت 351 صفقة لنفس الفترة من 2021 وانسحبت موجة الانخفاضات على جميع المحافظات بنفس الوتيرة تقريبا ما يشير إلى وصول أسعار العقارات السكنية إلى «قيم سعرية عالية» لا تجذب عموم الراغبين في شراء منزل.
وتعليقا على أداء السوق العقاري قال الخبير في سوق العقار المحلي المدير العام لشركة (أبراج بهبهاني) العقارية علاء البهبهاني في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، اليوم الثلاثاء، إن من أهم أسباب ضعف التداول في العقارات السكنية هو التضخم السعري الحاصل في هذا القطاع بالتوازي مع ثبات القيمة الشرائية للمواطن ما خلق فارقا كبيرا بين الطلب والعرض أدى إلى ركود السوق. وأضاف البهبهاني أن الكويت حالها كبقية دول العالم المرتبطة بالاقتصاد العالمي تتأثر بشكل كبير بأسعار الفائدة التي يفرضها مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي (البنك المركزي) والذي يستمر حاليا في رفع الفائدة على الدولار ما يؤدي إلى امتصاص السيولة النقدية المتواجدة في أسواق العالم، مستدركا أن «الكويت ليست بمنأى عن ذلك حيث باتت الودائع البنكية أكثر جذبا لكبار المستثمرين وأكثر أمانا من شراء العقارات».
وذكر أن الهزات الاقتصادية العنيفة التي شهدتها أكبر الأسواق العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا والصين واليابان بمثابة «جرس إنذار بأن الوضع الاقتصادي على وشك الدخول في عملية تباطؤ تشهدها جميع الأسواق المرتبطة ببعضها البعض وهذا ما تؤكده التقارير المالية الأميركية والأوروبية».
وبين أن بعض المضاربين في السوق العقاري المحلي يشككون في مدى تأثير الأوضاع العالمية على السوق، «لكننا جميعا نتذكر ما حدث في السوق الأميركي عام 2007 و2008 وما هي تأثيرات الانهيار هناك على كل الأسواق المحلية بما فيها السوق العقاري الذي انخفضت أسعاره». وقال إن ما يحدث حاليا في أسواق المال العالمية يؤثر بشكل مباشر على قرارات كبار تجار العقار سواء في الكويت أو خارجها «ولوحظ خروج أكثر من 380 مليون دينار من سوق العقار السكني خلال النصف الأول من 2022 ما يشير إلى وجود عزوف من قبل مجاميع من المضاربين والتجار والمحافظ العقارية من دخول السوق السكني» بعد أن استشعروا تأثيرات صعود الفائدة الأميركية والتغيرات في نسب أرباح الودائع البنكية.
وعن ما يحمله النصف الثاني من العام الجاري من توجهات عقارية توقع البهبهاني أن يستمر قطاع العقار السكني بالركود في عدد الصفقات بعكس القطاعات العقارية الأخرى التي ستشهدت تحسنا تدريجيا بسبب زيادة النشاط التجاري من بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). وقال «يجب الالتفات إلى نقطة مهمة وهي أن قرارات الفيديرالي الأميركي لا تظهر نتائجه على السوق المحلي في الحال بل يحتاج إلى عام أو أكثر ليظهر تأثيرها محليا»، مؤكدا أن كل قطاع اقتصادي في العالم يمر بمرحلة تصحيح «وهذا ينطبق أيضا على أسواقنا المحلية ولو بعد فترة زمنية طويلة نسبيا».